عبر منظار بندقية القنص التي يحملها المقدادي الساعدي بدا أفق الموصل المدمر جليا.. لكن قناصة تنظيم «داعش»، الذين كان يترصدهم، لم يكن لهم أي أثر. لم تمر سوى ساعات على إعلان القوات العراقية أنها رفعت علم البلاد فوق مبنى المحافظة في الموصل يوم الثلاثاء، في أعقاب غارة ليلية جسورة في إطار حملتها لطرد التنظيم المتشدد من الشطر الغربي من المدينة. غير أنه في وقت لاحق من ذلك اليوم كان قناصة التنظيم لا يزالون نشطين في المنطقة ويزعجون القوات الحكومية. وعلى سطح مبنى قريب اتخذ قناصة عراقيون موقعهم وقد تناثرت حولهم فوارغ الأعيرة النارية والفرش الأسفنجية يترقبون أن يعلن عدوهم عن نفسه. وقال الساعدي الذي يقود وحدة قناصة ضمن فرقة الرد السريع العراقية، «يختبئون منا كما نختبئ منهم تماما». وفي وقت يبدي فيه تنظيم «داعش»، الأقل عددا وعدة، مقاومة شرسة دفاعا عن آخر معقل كبير له في العراق، بات القناصة أحد أشد أسلحته فاعلية على الإطلاق. وفي بعض الأحيان يمكنهم عرقلة تقدم القوات العراقية لعدة أيام. وباعتبارهم قناصة هم أيضا فإن الوحدة العراقية أكثر إدراكا من الآخرين بقدرات قناصة التنظيم. وقال الساعدي، «دور القناص دفاعي أكثر منه هجومي». ويقول القناصة العراقيون، إن دورهم مؤثر. وقال أحد أفراد الوحدة ويدعى طيف تالا، إنهم قتلوا في وقت سابق يوم الثلاثاء أربعة من قناصة «داعش». لكن باقي قناصة التنظيم غيروا مواقعهم بعد ذلك واحتموا بالأشجار. وأضاف تالا، «أصابو ذلك الحائط منذ بعض الوقت ولذلك تمكنا من تحديد المبنى الذي كانوا يختبئون فيه». وتابع قوله، «نضع أنفسنا مكان العدو: لو كنت مكانه.. أين سأختبئ؟». جاء أحد أفراد قوة الشرطة العراقية التي تقاتل إلى جانب قوة الرد السريع ليبلغ القناصة بأنه تم رصد مقاتل من تنظيم «داعش». أطلق عضو في الوحدة بضع رصاصات لتملأ رائحة البارود الغرفة بيد أنه لم يتضح ما إذا كان قد أصاب أحدا. وفي بعض الأحيان يكون من المستحيل التعامل مع قناص عدو عندها تستدعي الوحدة أسلحة أثقل أو حتى ضربة جوية.لعبة الانتظار .. مع تقدم القوات العراقية تتبعها وحدة القناصة وتختار موقعا يصلح لاستهداف العدو دون أن يتمكن من رصدها. وقال الساعدي، «يعتمد 85 إلى 90 بالمئة من نجاح الأمر، على الاختباء». وأضاف، «الاختباء والثبات: يكمل بعضهما بعضا. البعض يمكنه أن يختبئ لكن لا يسعه الثبات: هذا الشخص لا يصلح أن يكون قناصا». والمنزل الذي كانوا يستلقون فوقه يوم الثلاثاء يتبع وزارة العدل، ويبدو أنه لم يستخدم خلال وجود التنظيم على مدى عامين ونصف في المدينة. وانتشرت على الأرض ملفات خاصة بالوزارة تعود إلى ما قبل العام 2014 عندما اجتاح المتشددون الموصل. ولا تبدو على الأوراق الآن سوى آثار نعال الجنود العراقيين. وقال تالا، «أمامنا مبان عالية»، موضحا، أنه حتى إذا اعتلى قناص لـ«داعش»، سطحها فلن يكون بوسعه أن يرى أعداءه العراقيين. وعادة ما ينبطح القناصة العراقيون على بطونهم لأن البقاء في سكون يكون أسهل على هذا الوضع وأيضا لأن هذا يجعل التصويب أدق. لكنهم في يوم الثلاثاء وضعوا بنادقهم على خزائن وضعوها أمام النافذة. وقال تالا، إن حبوب الكافيين تساعدهم على البقاء متيقظين وهم يترقبون. وقال، «أحيانا لا نأكل.. لكنك تنسى الجوع». وينبغي عدم الاستهانة بقناصة «داعش». فقد أخرج الساعدي صورة على هاتفه المحمول تظهر منظار بندقيته، وقد تلقى رصاصة مباشرة أطلقها قناص من التنظيم في معركة سابقة. وقال أبو علي أحد أفراد وحدة القناصة، «يقول البعض إن القناصة مقاتلون جبناء لأنهم دائما ما يكونون خلف القوات ويختبئون». لكنه أضاف، «نحن نختبئ ونقتل».أخبار ذات صلةمصادر أمريكية وعراقية: هروب البغدادي من الموصل وترك المعركة للقادة…عمليات «قادمون يا نينوى» تعلن السيطرة على سجن بادوش غرب…الجيش العراقي يسيطر على طريق غربي الموصلشارك هذا الموضوع:اضغط للمشاركة على تويتر (فتح في نافذة جديدة)انقر للمشاركة على فيسبوك (فتح في نافذة جديدة)اضغط للمشاركة على Google+ (فتح في نافذة جديدة)
مشاركة :