الدمام الشرق بفارق 15 عاماً بينهما، رحل يوم الإثنين الماضي كل من الروائي الألماني جونتر جراس (87 عاماً) في ألمانيا، وإدواردو جاليانو (74 عاما) في الأورجواي. وكلا الروائيين يجتمعان في انتمائهما إلى الفكر اليساري ومعاداتهما ظاهرة العولمة. وقد نعت كثير من الصحف ووكالات الأنباء يوم أمس الأول جراس كونه حائزا على جائزة نوبل بينما لم تتذكر تلك الوكالات العالمية أو غيرها رحيل جاليانو الذي ظل مسانداً حتى وفاته الحركات المناهضة للعولمة بحضوره الفكري ومشاركته في مجلات عالمية وجرائد مثل لوموند ديبلوماتيك. جونتر جراس ( 16 أكتوبر 1927) ألمانيا ولد جونتر جراس سنة 1927 في دانتسيج التي باتت حاليا مدينة جدانسك البولندية، لأم من أقلية الكاشوب السلافية وأب كان تاجرا ألمانيا متواضعا. كما شكل جراس الحائز على جائزة نوبل للأدب سنة 1999، ضمير اليسار الألماني في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية، حاملا بشدة على إخفاقات طبقتها السياسية في مواجهة النازية التي أقر متأخرا بخدمته كجندي في صفوفها خلال شبابه. ويترك مؤلف الرواية الشهيرة «الطبل الصفيح» (1959) من خلال رواياته التي تتسم بـ«بهجة سوداء» على حد تعبير الأكاديمية السويدية، إرثا إنسانيا نقديا للعقائد وحرصا على وعي المواطن العادي. وقد وصف جراس الذي كان أيضا شاعرا وكاتبا دراميا ورساما، أسلوبه الأدبي. وقال إنه بعد الحرب العالمية الثانية «ترافقت طبيعتي المرحة مع روحية تشكيك لا يمكن تجاوزها. تمخض ذلك عن مقاومة وفي كثير من الأحيان أيضا عن ميل للهجوم على أي عقيدة تدعي تحديد معايير مطلقة». إلا أن سمعة جراس تلطخت سنة 2006 بسبب اعترافاته المتأخرة في سيرته الذاتية التي حملت عنوان «قبو البصل»، بشأن انضوائه سنة 1944 في صفوف القوات الخاصة النازية. وقد عاب عليه كثيرون حينها صمته المطبق لسنوات طويلة، خصوصا لكونه كاتبا ألمانيا متنورا ندد بشدة بالتنازلات التي قدمها جيله، ما أجج مشاعر حقد كبيرة ضده. كتب عديداً من الأعمال الأدبية التي تُوجت بجائزة نوبل ولها صدى كبير في شهرته الواسعة عالميًا، وعلى رأسها مسرحية «الطباخون الأشرار» عام 1956، ورواية «مئويتي» عام 1999، وثلاثية «داينتسيج» التي تضم القط والفأر» 1961، و«سنوات الكلاب» 1963، وقبلهما «طبل الصفيح» عام 1959، التي تحولت إلى فيلم سينمائي عام 1979، وقد حصد في العام التالي لإنتاجه واحدة من جوائز مهرجان «كان» السينمائي، وجائزة «أوسكار» لأفضل فيلم أجنبي. إدواردو جاليانو (3 سبتمبر 1940) أورجواي عن عمر لم يتجاوز الـ 74 عاما توفي جاليانو لإصابته بالسرطان في مونتيفيديو على ما ذكرت صحف أمريكا اللاتينية. بدأ إدواردو جاليانو مسيرته الصحافية في سن الـ14 من خلال نشر رسوم كاريكاتورية في صحيفة «إيل سول» الأسبوعية التابعة للحزب الاشتراكي. وبين عامي 1961 و1964 أدار مجلة «مارتشا» الشهيرة معقل المثقفين ومن ثم تولى إدارة صحيفة «إيبوكا» اليسارية (1966-1964). وقد سجن بعد الانقلاب العسكري في العام 1973 وانتقل للعيش في المنفى في الأرجنتين ومن ثم إسبانيا قبل أن يعود إلى أورجواي مع عودة الديمقراطية العام 1985. وقد كتب جاليانو خصوصا «عروق أمريكا اللاتينية المفتوحة» الذي صدر العام 1971 بالإسبانية وترجم بعدها إلى نحو 20 لغة. ويشكل الكتاب مرافعة قوية ضد استغلال هذه المنطقة منذ وصول طلائع المستعمرين الإسبان وهو يشكل عملا مرجعيا للفكر اليساري في السبعينيات والثمانينيات ومن ثم العولمة البديلة. وقال جاليانو في مدريد العام 2009 «لم يتسن لي التعرف على شهرزاد ولم أتعلم فن الرواية في قصور بغداد فقد كانت جامعتي مقاهي مونتيفيدو القديمة».
مشاركة :