تتسابق الدول والمنظمات والاحزاب في العالم، بما فيها القوى الداعمة للارهاب، على نبذ التطرف والظهور بمظهر المعادي لأي فكر وسلوك وممارسة من شأنها ان تكون غطاء لعمل ارهابي، او ممارسة متطرفة مما يدفعنا للسؤال. لماذا هذا السباق على ادانة الارهاب حتى من قبل الجهات التي تمارسه او تسهل له بالدعم المادي والمعنوي، طالما هذه الظاهرة تدعم اهداف هذه القوى؟ لقد تغير العالم كثيرا في السنوات الاخيرة، وزاد وعي الكثير من القوى السياسية بهذا التغيير الذي طرأ على العالم منذ انتهاء الحرب الباردة، وما تلاها من تطورات، جعلت العالم يتجه وبصورة واضحة نحو التفرغ للتنمية وتخطيط البرامج ذات الطابع السلمي، وذلك بهدف احداث الاستقرار الذي يعتبر اول شرط من شروط التنمية، فتحولت اغلب دول العالم إلى تكريس جهودها وامكانياتها المختلفة لتصب في قناة التنمية، ولهذا بدا كل طرف او قوى لا تدخل في هذا السباق منبوذة وشاذة ولا تنتمي إلى عصر المتغيرات مما حدا، كما قلنا في البداية، إلى تسابق الدول والقوى الداعمة للارهاب إلى نبذه حتى لا تبدو معزولة ومنبوذة في عالمنا المعاصر. هذه الحالة توضح لنا إلى اي مدى اصبحت ظاهرة الارهاب بشعة وغير قابلة للتداول في اي مكان من الكرة الارضية، وظهرت القوى التي تمارسه قوى مفلسة تماما، ولا تملك اي مقومات او عناصر تساعد على بقائها طالما ظلت في هذا الاتجاه.. وهذا يفسر لنا حالة التلاشي التدريجي والاضمحلال الذي يسود الدوائر التي ترعي الارهاب. في هذا الوقت بالذات، تفاجؤنا بعض القوى التي فقدت قدرتها على قراءة الخريطة السياسية الدولية ولم تتفاعل مع الاتجاهات السلمية التي يسير فيها العالم تفاجأنا باحداث بعض الفرقعات هنا وهناك وهي فرقعات وان كانت مؤذية لاقتصادنا ولمشاريعنا التنموية، وبالتالي القطاع الاوسع من الشعب، الا انها لا تزيدنا الا تماسكا والتحاما بقيادتنا وبوحدتنا الوطنية. ان ما يجري الآن في هذه الجزيرة الآمنة ليس الا حلقة من حلقات المؤامرة التي ارتبطت بمصالح وقوى خارجية هي في الحقيقة تسعى إلى اهداف لا علاقة لها على الاطلاق بالشعارات التي تطرحها.. فالوصول إلى اي هدف مهما كان في عصرنا الراهن له من القنوات والطرق والابواب المفتوحة ما يتناقض كلية مع الطرق والوسائل التي تركبها القوى الداعمة للارهاب والتطرف، فاي قضية حتى تلك التي لها من الحق وقوة البرهان كالقضية الفلسطينية لم تعد القوى السياسية فيها تتبنى محاولات التفجير والقتل وانما تتجه وهو ما نشاهده في الواقع إلى الوسائل السلمية.. فكيف وهذا هو الاتجاه لمن يملك قضية كتلك ان نرى مثل هؤلاء الذين يدعون ويتحدثون عن قضية في هذا البلد وقد ركبوا موجة الارهاب والتطرف..؟ ان أي فكر او قوى او جهة لا تعيش في الضوء وتتغذى على الحقائق وتسير في الاتجاه العام الذي يسير فيه العالم وهو السلم والتنمية والتفاهم لا يمكن ان تجد لها مكانا تحت الشمس.. وبالتالي تحكم على نفسها بالافلاس ومن ثم بالسقوط الذي ننتظره الآن لهذه القوى التي خرجت عن اتفاق الجميع على ان عصرنا هو عصر البناء والرخاء والتفاهم على كل قضية بوسائل واساليب سلمية وانسانية وحضارية.. فماذا بقى لهؤلاء يراهنون عليه بعدما نفض العالم يديه من كل تلك الوسائل والاساليب المتطرفة. حفظ الله البحرين وشعبها من كل مكروه عاشت لنا وعشنا لها. 3/3/1996 12:00:00 AM
مشاركة :