في الإعلام السعودي، الأقدم تاريخا في منطقة الخليج والجزيرة العربية، برزت شخصيات وأسماء كثيرة لا حصر لها.. كتاب ومعلقون ومحللون ونقاد ومقدمو ومعدو برامج سياسية واقتصادية وثقافية وترفيهية في الإذاعة والتلفزيون، لكن إذا قصرنا حديثنا على الإعلام السعودي في العصر الحالي المتميز بطغيان الفضائيات العابرة للحدود، ووسائط التواصل الاجتماعي المكتسحة لما دونها من وسائط وأدوات إعلامية تقليدية، لوجدنا أن للكاتب والإعلامي داود الشريان حضورا مميزا تسنده رؤية واضحة وقدرة مذهلة على تبسيط الأمور، والدخول من خلالهما إلى جوف المتلقي وعقله وضميره. أما اللسان الحاد كحد السيف، والكلام الصريح غير المزركش بالمفردات الدبلوماسية، واعتماد مبدأ وصف الأعور بالأعور دون أدنى خوف أو تردد، فهي الأدوات المكملة التي ما برح الشريان يستخدمها بإتقان للوصول إلى أعلى نسبة مشاهدة لبرامجه التلفزيونية من الفضائيات السعودية المختلفة، ولا سيما برنامج «مع داود الشريان». والملاحظ هنا أن الرجل اختار هذا الاسم لبرنامجه تماشيا مع ظاهرة بدأت تغزو عالم الفضائيات منذ مطلع الألفية، وهي ظاهرة استخدام معد ومقدم البرنامج لاسمه في عنوان برنامجه على نحو ما فعلته بعض الفضائيات اللبنانية ابتداء، قبل أن تنتقل العدوى إلى الفضائيات المصرية فالخليجية. وهو أقدم على هذا العمل بعد أن ثبـّت قدميه أولا في عالم الإعلام المكتوب ثم رسخ أكثر في عالم الإعلام المرئي، بل ربما أقدم عليه بعدما فطن إلى أهمية التسويق والترويج لأفكاره ورؤاه المستنيرة من خلال برنامج يحمل اسمه وبصمته الخاصة ويستعرض فيه هموم ومشكلات وطنه ومواطنيه بجرأة غير مسبوقة، واضعا النقاط فوق الحروف، وقاذفا الكرة في ملعب من يعنيهم الأمر من مسؤولين.وكي لا نظلم من سبقوا الشريان من إعلاميين سعوديين، لا بد من التذكير أن المناخات التي يصول فيها الرجل ويجول في الزمن الحاضر لم تكن متاحة لزملائه القدامى، بمعنى أنه يعمل اليوم ضمن البيئة الإعلامية الجديدة ذات السقوف العالية من الحريات التي أوجدها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في المملكة العربية السعودية، من أجل إصلاح المعوج ونقد المختل، وصولا إلى تحقيق رؤية 2030 بأفضل الصور.وإذا كان بعض الإعلاميين السعوديين لا يزال مترددا في استثمار الأجواء الصحية الجديدة للتعبير صراحة عما يجول في خاطره وخواطر مواطنيه، أو لا يزال يمارس دور الرقيب على كتاب جريدته خوفا على كرسيه، فإن الأمر مع الشريان مختلف تماما. إذ يكفي أن تشاهد حلقة واحدة من برنامجه كي تشعر أنه يجتاز بجسارة حدود المألوف ليُسمي الأمور بأسمائها ثم لينطلق من ذلك مهاجما أو محذرا أو ناصحا أو مطالبا.«ترانا ما حنا بساكتين»وفي هذا السياق، نتذكر الحلقة التي خصصها من برنامجه للحديث عن بعض المشايخ -مثل الداعية السوري المقيم بالسعودية عدنان العرعور- الذين يدعون الناس لإرسال أبنائهم للقتال خارج حدود الوطن من أجل قضايا لا ناقة لهم فيها ولا جمل، حيث قال بحدة لهؤلاء «وراك ما تروح أنت أو ترسل واحد من عيالك إلى جبهات القتال؟»، مضيفا ما معناه «ذبحتوا عيال الناس، وثكلتوا أمهاتهم، وانتو قاعدين مرتاحين في بيوتكم. ترانا ما حنا ساكتين!».والجملة الأخيرة «ترانا ما حنا بساكتين» سرعان ما تحولت إلى هاشتاق مدوٍّ في تغريدات السعوديين في طول المملكة وعرضها، بل تحولت في ما بعد إلى عنوان لبرنامج جديد من برامج الشريان التي بدأ بها الظهور في قناة SBC السعودية منذ انطلاقها في رمضان 2018 ضمن حزمة من البرامج الترفيهية والحوارية الجديدة غير التقليدية. وكانت القناة المذكورة قد استبقت الأمر بوضع إعلانات ملفتة للنظر في شوارع الرياض لعدة أيام متواصلة، حاملة عبارة «تبونا نسكت؟»، ليأتي الرد بعد ذلك بالكشف عن برنامج عنوانه «ما حنا بساكتين».ولد داود بن عبدالعزيز محمد الشريان في 15 أغسطس في مدينة بريدة بمنطقة القصيم، لأب كان يعمل جمالا مع والده، ولأم من أسرة المسفر. بعد وفاة جده انتقلت الأسرة إلى الرياض التي نشأ وترعرع فيها الشريان، وتلقى بها أيضا دراسته ما قبل الجامعية. وطبقا لما رواه بنفسه في برنامج «من الصفر» من قناة «روتانا خليجية» في يونيو 2017، فإن والده كان يعرف الكتابة والقراءة، الأمر الذي سهل عليه إيجاد عمل بعد حلوله في الرياض حارسا لمستودع بلدية الرياض في نهاية شارع البطحاء.مرض والدتهالصدمة الأولى في حياته تمثلت في وفاة والده عن 57 عاما، وهو في سن الرابعة أو الخامسة، حيث أصيب أبوه بسرطان القولون ولم يُجْدِ ذهابه إلى لبنان للعلاج في مستشفى الجامعة الأمريكية نفعا، فعاد ليُتوفى خلال بضعة أشهر، تاركا خلفه زوجته التي تزوجها أخوه بحسب الأعراف الاجتماعية السائدة آنذاك. ولهذا السبب كان على الشريان أن ينتقل للإقامة في بيت عمه الكبير مع 17 شخصا من الأطفال والرجال والنساء، كانت بينهم جدته التي كان ملازما لها أينما ذهبت إلى أن قضت نحبها فتأثر بفراقها كثيرا. يخبرنا الشريان أنه ابن الشريحة الدنيا من الطبقة المتوسطة آنذاك، وبالتالي فقد افتقد في سنوات تكوينه الأولى الكثير من مباهج الحياة البسيطة، وفوق ذلك قاسى من اليتم. لكنه يستدرك فيتذكر بعض الأيام الجميلة التي مرت عليه في سن الصبا، وذلك حينما زار أخواله في الأحساء فاستمتع لأول مرة بترف مشاهدة برامج تلفزيون الظهران، بل ظل مندهشا إلى درجة أنه بقي ملتصقا بالجهاز إلى ما بعد انتهاء البث. وزادت دهشته أكثر يوم أن اصطحبه أخواله إلى منشآت أرامكو بالظهران التي رأى فيها للمرة الأولى السينما!مفاجأة الرسوبأما الصدمة الثانية التي أثّرت في مسيرته الدراسية إيجابا، فقد كانت مفاجأة رسوبه في الصف الثالث ابتدائي بمدرسة الخالدية بالمرقاب، إذ تألم كثيرا إلى درجة تحاشيه العودة إلى البيت خوفا من عقاب قاسٍ متوقع على يد والدته. وحينما تسلل إلى المنزل ليلا، اصطادته والدته وضربته ضربا مبرحا، ثم ربطت رأسها بعصابة من القماش، قائلة له إن رأسها سيظل مربوطا بتلك العصابة إلى أن ينجح في دراسته. يقول الشريان إن هذه الواقعة أثرت فيه ودفعته إلى الإصرار على النجاح وعدم تكرار الرسوب.وكعادة طلبة تلك الحقبة، كانت العطل المدرسية الصيفية فرصة لهم للعمل في أي مهنة تدر عليهم دخلا بسيطا يعينهم على قضاء حوائجهم في العام الدراسي التالي. يتذكر الشريان أنه عمل خلال سنوات دراسته المتوسطة في وظيفتين، كانت الأولى لدى «صيدلية البترجي» حيث أوكلت إليه مهمة وضع ملصقات الأسعار على عبوات الأدوية، وكانت الثانية لدى مؤسسة التأميناتالاجتماعية حيث اقتصرت مهمته على إدخال البيانات بالأساليب القديمة.مراسلاً لـ APوفي عام 1980 اختارته وكالة أسوشيتدبرس الأمريكية للأنباء كي يصير أول مراسل لها في السعودية. وبعد خمس سنوات من العمل مع هذه الوكالة العالمية، كان الشريان على موعد مع نقلة مفصلية في حياته العملية، ذلك أنه في عام 1985 أتيحت له فرصة السفر مجددا إلى الولايات المتحدة الأمريكية، لكن لتلقى دورات في اللغة الإنجليزية ودورات أخرى في الصحافة العالمية المتطورة.ويمكن القول إن هذا التطور في حياته كان إيذانا بفتح الباب أمامه للصعود في دنيا الإعلام. وآية ذلك أنه بُعيد تأسيسه وتوليه إدارة شركة لتوثيق المعلومات في عام 1987 (أنجز من خلال هذه الشركة موسوعة «التراث الشعبي في المملكة العربية السعودي»، وموسوعة أخرى حملت عنوان «وثائق تاريخ الملك عبدالعزيز») انهالت عليه الوظائف الإعلامية.ولع المسرحأحب الشريان المسرح منذ مرحلة دراسته المتوسطة، خصوصا أن إدارات التعليم كانت آنذاك تقيم 3 مسابقات سنوية (رياضية، وعلمية، ومسرحية) تشارك فيها مختلف المدارس. في تلك الأجواء التقى صاحبنا بمن يصفه بأستاذه الأول في المسرح، وهو الفنان محمد الطويان الذي لم يكتفِ بتشجيعه، وإنما قاده أيضا للتمثيل معه على المسرح الوحيد وقتذاك في الرياض (مسرح المعهد الفني) في شمال منطقة المربع. وفي المرحلة الثانوية ترسخ لديه حب المسرح، من خلال قراءاته لكتب النقد المسرحي والأداء المسرحي وأعلام المسرح العربي والعالمي، خصوصا مع وجود مسرح روماني الشكل في مدرسة اليمامة الثانوية التي كان يدرس بها. وعليه، كانت عينا الشريان مصوبتان نحو الالتحاق بكلية الآداب لدراسة المسرح. وهنا يخبرنا كيف أن تخرجه من الثانوية تزامن مع مرحلة الطفرة النفطية التي راحت معها الدولة تبعث بخريجيها الشباب إلى الولايات المتحدة للتحصيل الجامعي، وكيف أن كل زملائه سافروا في بعثات، فبقي وحيدا في الرياض يندب حظه، إلى أن استجمع قواه وتقدم بأوراقه إلى مكتب البعثات بوزارة الدفاع على أمل اللحاق بزملائه ليس إلا، وكيف أن القبول جاءه فورا من خلال الأمر بالذهاب إلى المصانع الحربية بالخرج التي تولت أمور ابتعاثه وسلمته مبلغ 3 آلاف ريال لتجهيز نفسه. سافر الشريان بالفعل إلى «أوكلاهوما سيتي» بعدما استطاع أن يقنع والدته المعارضة لفكرة تغربه بعيدا عن الأهل والوطن، لكن إقامته هناك لم تَطُلْ، إذ استطاع أن يقنع المشرف على الطلبة السعوديين المبتعثين عبدالعزيز المنقور بأنه لا يصلح للحياة العسكرية، وأن طموحاته هي دراسة المسرح، وأن دافعه للقدوم إلى أمريكا هو الالتقاء بأصدقائه في الثانوية فحسب. والحال أن المنقور تعاطف معه وأعاده من حيث أتى، ليلتحق بقسم الصحافة في جامعة الملك سعود، بعدما اكتشف أن كلية الآداب بالجامعة لا تدرس الفنون المسرحية، بل إن البلاد كلها لا تعرف المسرح. لكنه على الأقل تمكن خلال سنوات دراسته في هذه الجامعة أن يؤسس نواة المسرح الجامعي بمساعدة زميله الفنان الراحل بكر الشدي، ودعم أحد الدكاترة المصريين المولعين بالمسرح. وفي هذه الحقبة قام الشريان بمحاولات للكتابة المسرحية والدرامية بلغة مباشرة وساخرة، كما قدّم ومثّل مسرحية «سوق الحمير» لتوفيق الحكيم على مسرح محمد فريد بالقاهرة، وكاد يحترف التمثيل المسرحي لولا أن حمى الاشتغال بالصحافة أصابته، فالتحق في عام 1976 (بعد عام من حصوله على الشهادة الجامعية) بالعمل بجريدة «الجزيرة» في مقرها بالرياض. وفي العام التالي انتقل منها إلى «مجلة اليمامة» حيث عيّن مديرا لتحريرها، كما تولى منصب رئيس تحريرها بالإنابة لفترات قام خلالها بتطوير المجلة شكلا ومحتوى. واعترف الشريان في هذا السياق بفضل الصحفي الراحل محمد العجيان (خريج مدرسة مصطفى أمين الصحفية) عليه، لجهة ترغيبه في كتابة المقال الصحفي، وتعليمه كتابة ما وراء الخبر، يوم أن جاء إلى مجلة اليمامة في عام 1978 لتطويرها، قادما من رئاسة تحرير صحيفة «اليوم».حكايته مـع «الدعوة» في عام 1987، عين مديرا عاما ورئيسا لتحرير «مجلة الدعوة» وعضوا في مجلس إدارة الشركة الوطنية للتوزيع (شركة تأسست في عام 1985 من قبل المؤسسات الصحفية السعودية بغرض توزيع الصحف والمطبوعات في مختلف أرجاء المملكة). وفي عام 1989 طلبه الأمير الراحل أحمد بن سلمان بن عبدالعزيز كي يرأس صحيفة «المسلمون الدولية» وصار عضوا في مجلس إدارة الشركة السعودية للأبحاث التي تصدر عنها الصحيفة، وكذا صحيفة الشرق الأوسط ومجلة «المجلة» وغيرها من المطبوعات. أما سنة 1993 فقد شهدت انتقاله إلى جريدة الحياة مسؤولا عن التحرير ومديراً إقليمياً في السعودية ودول الخليج العربية، وعضواً في مجلس إدارة «دار الحياة»، وظل كذلك حتى عام 2003. وفي العام التالي انتقل إلى دبي حيث عمل مع تلفزيونها، مقدما برنامجا أسبوعيا بعنوان «برنامج المقال» الذي نال في عامه الأول الجائزة الفضية للبرامج الحوارية بمهرجان قناة الجزيرة، بعدما تم حجب الجائزة الذهبية. وفي أكتوبر 2006 تم تعيينه نائبا لمدير عام قناة العربية، ومديرا عام لمجموعة MBC في السعودية، وعضوا في مجلس إدارة قناة العربية ومجلس إدارة مجموعة MBC. وفي مايو 2009 تولى رئاسة تحرير «موقع العربية نت». جملة القول أن الشريان من خلال برنامجه «ما حنا بساكتين»، الذي توقف لمدة أسبوع فقط قبل أن يعود، ألقى بحصاة في بركة مياه راكدة، وأحدث حالة جدلية شبيهة بتلك التي أحدثها من قبل عبر برنامج «الثامنة»، وتحديدا الحلقة التي اتهم فيها سلمان العودة ومحمد العريفي بتحريض الشباب السعودي للذهاب للقتال في سورية، والحلقة التي تناول فيها تجارة قراءة الرقية الشرعية على بعض الناس من قبل بعض من لا يجيدون حتى قراءة سورة الفاتحة طبقا لكلام الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ مفتي عام المملكة، والحلقة التي اتهم فيها السوري عدنان العرعور بأنه يدير مؤسسة خيرية تقوم بجمع التبرعات بطريقة غير قانونية لحساب جبهة النصرة، رغم وجوده في السعودية التي صنفت «النصرة» منظمة إرهابية بسبب روابطها مع تنظيم القاعدة الإرهابي، وسيلفت داود الشريان النظر إليه في كل موقع.. ويبقى كبريت الصحافة السعودية كما يلقبه زملاؤه الإعلاميون. «أضعف الإيمان»..رهان على العقلاء الجدير بالذكر، ونحن نتحدث عن مسيرة الشريان المهنية، أن نشير إلى أن الرجل تخصص في بداياته في كتابة العمود الصحفي، فكتب مثلا عمودا أسبوعيا لمدة تجاوزت 7 سنوات في مجلة اليمامة، كما كتب في صحف «البلاد» و«اليوم» و«الرياض» أعمدة يومية لمدة تجاوزت 4 سنوات، قبل أن ينقل عموده في عام 1996 إلى جريدة الحياة ويختار له اسم «أضعف الإيمان»، علما بأن «أضعف الإيمان» صار خلال فترة وجيزة من أهم الأعمدة السياسية في الصحافة العربية بسبب ما تضمنه من أفكار ورؤى وتحليلات وأطروحات جريئة.وتتضمن سيرة الشريان المهنية أيضا أشياء أخرى تدل على علو كعبه في بلاط صاحبة الجلالة وملحقاته، منها أنه عمل محاضرا لمادتي «التقرير الصحفي»، و«التحقيق الصحفي» المقررتين على طلبة السنوات النهائية في كلية الإعلام بجامعة الإمام محمد بن سعود في الرياض، ناهيك عن اختياره من قبل معهد الإدارة العامة بالرياض ليكون محاضرا للعاملين في «وكالة الأنباء السعودية» (واس) والصحف والمجلات الحكومية، فكان بذلك أول صحفي يتم اختياره للتدريس في الجامعات والمعاهد السعودية.أما في مجال الإعلامين المرئي والمسموع، فقد قدم الشريان العديد من البرامج الناجحة التي شاهدها وتابعها الملايين من العرب مثل: «واجه الصحافة العربية» (قناة العربية)، «الثانية» (قناة MBC FM)، «الثامنة» (قناة MBC الأولى)، «الشريان» (قناة MBC الأولى)، «مع داود الشريان» (قناة SBC السعودية)، وبرنامج «ما حنا بساكتين» (قناة SBC السعودية)، علاوة على «برنامج المقال» من قناة دبي الفضائية الذي سبقت الإشارة إليه. بهذه الخلفية الإعلامية الواسعة، والخبرة المتراكمة على مدى 4 عقود ونيف في دنيا الصحافة والإذاعة والتلفزيون ومدرجات كليات الإعلام، حل الشريان في الرياض في ديسمبر 2017 رئيسا جديدا لهيئة الإذاعة والتلفزيون، وهو عالِمٌ بالتحديات الضخمة التي سوف تواجهه لجهة إحداث تغيير نوعي في الجهاز الموكلة إليه إدارته.. تغيير يواكب من جهة ثورة العصر الإعلامية الهائلة، وينسجم من جهة أخرى مع أهداف رؤية المملكة 2030 النهضوية الشاملة، ويستجيب من جهة ثالثة لرغبات شريحة واسعة من المواطنين السعوديين غير الراضين عن أداء جهازهم المرئي والمسموع.وبعبارة أخرى، قبل الشريان التحدي وهو يعلم مدى ضخامة المسؤولية، ويعلم أيضا أن شريحة من مواطنيه الخارجين للتو من عصر الصحوة ومشكلاتها ومواجهاتها المريرة سيقفون له بالمرصاد، وسيهيجون الشارع ضده وسيطالبون بإقالته تحت هذه الذريعة أو تلك. لكني أحسب أنه كان في قرارة نفسه يراهن على النصف الآخر من السعوديين التواقين لمناقشة ما ظل مسكوتا عنه لعقود طويلة.وهكذا ما إن طرح الرجل في برنامجه التلفزيوني من قناة SBC السعودية الجديدة قضايا شائكة مثل: هروب الفتيات السعوديات، والنساء الأجنبيات المتزوجات من سعوديين، وانتشار المخدرات في بعض الأوساط الشبابية، وتوسع رقعة البطالة في صفوف المواطنين المؤهلين أو توظفيهم في وظائف لا تناسب مؤهلاتهم، وتمكين المرأة السعودية؛ حتى ضجت وسائل التواصل الاجتماعي بتغريدات تطالب بإيقاف الشريان وبرنامجه، بحجة أنه يطرح قضايا حساسة تشوه صورة المجتمع السعودي في الخارج، وتكشف عوراته وتثير الفتنة، أو بحجة أن برنامجه مليء بالإسفاف والكلام الفارغ. لكن في المقابل كانت هناك تغريدات رأى أصحابها أن المجتمع السعودي يحتاج إلى «النقد والتصحيح للنهوض والتقدم».
مشاركة :