مع الوفاة المفاجئة لرئيسها التنفيذي سيرجيو مارشيوني، والمحاولة الفاشلة للاندماج مع شركة "رينو"، كانت الأشهر الـ12 الماضية تمثل فترة صعبة بالنسبة لشركة "فيات كرايسلر" للسيارات. كما لم يكن المضي قدما أسهل بالنسبة لشركة السيارات الإيطالية - الأمريكية، التي تعد سابع أكبر شركة في العالم، حيث تواجه تغييرات سريعة في الصناعة مع تراجع مبيعاتها ووجود مجموعة من الطرز غير الجديدة لديها. ولا يوجد لدى "فيات كرايسلر" أي طرز كهربائية أو هجينة في مجموعاتها العادية، وكان قد تم إطلاق واحد من طرزها الرئيسة، "فيات 500"، لأول مرة قبل 12 عاما. ويقول شتيفان رايندل، مدير معهد أبحاث صناعات السيارات في ألمانيا، "لقد استقرت مجموعة فيات كرايسلر ماليا، ومع ذلك، ما زالت في الدرجة الثانية بين شركات تصنيع السيارات". وحدد رايندل نقاط الضعف الرئيسة لدى "فيات كرايسلر"، حيث قال إن لديها حجم مبيعات محدودا، وليس لديها استراتيجية للعولمة، إضافة إلى كونها متأخرة فيما يتعلق بالتقنيات الجديدة. وتحاول الشركة اللحاق بالركب، حيث بدأت أخيرا في تزويد مصنعها التاريخي "ميرافيوري" في مدينة تورينو بالمعدات، من أجل إنتاج سيارات 500 كهربائية. وتبيع "فيات كرايسلر" على مستوى العالم، أقل من خمسة ملايين سيارة سنويا، وتحقق أكثر من 90 في المائة من أرباحها في أمريكا الشمالية، بفضل الطلب القوي على سيارات "جيب" الخاصة بها والمصممة للسير على الطرق الممهدة والوعرة وفي الصحراء، وشاحنات نصف النقل "بيك-أب". لكن الشركة تعد شبه غائبة عن الصين، أكبر سوق للسيارات في العالم، كما تفقد قوتها في أوروبا، ويبدو أنها قد فشلت مرة أخرى في إنعاش علامتها التجارية "ألفا روميو". وكانت مبيعات "ألفا" تراجعت في أوروبا خلال النصف الأول من عام 2019 على أساس سنوي، بأكثر من 40 في المائة، وخسرت علامة "فيات" التجارية، التي تعتمد بدرجة كبيرة على طراز "500" الشهير، 10 في المائة من مبيعاتها. ويقول جوزيبي بيرتا، أستاذ التاريخ المعاصر في جامعة بوكوني في ميلانو، ومدير قسم الأرشيف السابق في "فيات": "في رأيي، لا يمكنهم الاستمرار كذلك كثيرا". وكان مارشيوني - الذي توفي في 25 من تموز (يوليو) من عام 2018 بعد إصابته بمرض غامض ظل سرا حتى نهاية حياته - ترك إرثا مهما لدى الشركة. ومن جانبه، يقول جيان لوكا بيليجريني، رئيس تحرير "كوارتوروت"، المجلة الإيطالية الرئيسة المتخصصة في مجال السيارات، "لقد أنقذ مارشيوني "فيات" و"كرايسلر" بمفرده من إفلاس شبه مؤكد". وقام مارشيوني الذي تولى إدارة "فيات" منذ عام 2004، و"كرايسلر" منذ عام 2009، بإحياء شركتين متعثرتين، حيث أنشأ "فيات كرايسلر"، وهي شركة عالمية، لكنها ما زالت تواجه أخطارا. وكان مارشيوني يضع أمامه هدفين رئيسين، أعطاهما أولية على الاستثمار في ابتكار نماذج جديدة، وهما التخلص من ديون "فيات كرايسلر"، وإيجاد شريك للاندماج، وقد نجح بالفعل في تحقيق الهدف الأول، لكنه لم ينجح في الثاني. وفي عرض شهير في عام 2015، قال مارشيوني إن شركات تصنيع السيارات تهدر كثيرا من الأموال على الأبحاث والتطوير، وتحتاج إلى الاندماج لتحقيق وفورات في الإنتاج وتحسين الأرباح. وقد فشل مارشيوني في عروض متكررة للاندماج مع شركة "جنرال موتورز"، كما لم يكن الحظ حليف "فيات كرايسلر" أخيرا للاندماج مع "رينو" أيضا، حيث تم إلغاء عرض اندماج بين الشركتين بعد مقاومة من جانب الحكومة الفرنسية. ويقول بيرتا، مدير قسم الأرشيف السابق في "فيات" إن الاندماج أو التحالف مع شركة أخرى من شركات تصنيع السيارات، هو السبيل الوحيد بالنسبة لـ "فيات كرايسلر" من أجل العثور على الموارد التي تحتاجها بشدة لتطوير تقنيات ومنتجات جديدة. ويضيف أنه بخلاف ذلك، سيتعين على المساهمين تمويل الاستثمارات بأنفسهم، إلا أنهم قد أثبتوا أنهم غير مستعدين للقيام بذلك. وفي حين أنه من غير الواضح من الذي يمكن أن تلجأ إليه "فيات كرايسلر" من أجل الاندماج، فإن عديدا من المحللين يرون أنه من الممكن أن تساعد الشراكة مع شركة صينية منافسة، الشركة أخيرا على اقتحام سوق الصين. من ناحية أخرى، يقول فرديناند دودنهوفر من مركز أبحاث السيارات في جامعة دويسبورج إيسن، "ستكون الأعوام الخمسة إلى العشرة المقبلة، أكثر الأوقات قسوة منذ اختراع السيارة، إما إن تندمج أو تتعاون، وإلا فستترك سوق السيارات. إنشرها
مشاركة :