رفض الجناح الرئيسي في الحركة الشعبية لتحرير السودان أي مفاوضات سلام مع المجلس العسكري الانتقالي قبل تشكيل الحكومة الانتقالية، وذلك في المباحثات التي شهدتها عاصمة جنوب السودان، جوبا، بين وفد مشترك من «العسكري» و«الحرية والتغيير»، فيما يُنتظر أن يبدأ التفاوض على الوثيقة الدستورية بين الطرفين، غداً (الثلاثاء).وعاد من جنوب السودان، أمس، نائب رئيس المجلس العسكري الانتقالي محمد حمدان دقلو (حميدتي) ووفده المكوَّن من رئيس اللجنة السياسية شمس الدين كباشي، ونائبه ياسر العطا، من جوبا، دون التوصل لاتفاق سلام مع المجموعة الرئيسية في «الحركة الشعبية لتحرير السودان - الشمال»، التي يترأسها عبد العزيز الحلو.وشهدت مباحثات جوبا لأول مرة منذ عزل الرئيس عمر البشير تفاوضاً مشتركاً بين المجلس العسكري وحركات مسلحة و«قوى الحرية والتغيير»، التي مثَّلها إبراهيم الأمين وأحمد ربيع.ولم يشارك الحلو في مباحثات جوبا التي عُقِدت بوساطة من رئيس جنوب السودان، سلفا كير ميارديت، واكتفى بمشاركة نائبه، جقود مكوار، الذي قال في تصريحات نقلتها عنه وسائل إعلام محلية إن حركته متمسكة بالتفاوض بشأن قضايا السلام مع الحكومة المدنية الانتقالية المزمع تكوينها. بيد أن مكوار جدد التزام قواته بوقف إطلاق نار لمدة ثلاثة شهور إبداءً لحسن النية، وللمساعدة في تهيئة المناخ لتسوية قضية الحروب في السودان وبناء السلام، وقال: «ملتزمون بالتفاوض مع حكومة متفَق عليها، ولهذا سننتظر تكوين الحكومة المدنية من (قوى إعلان الحرية والتغيير) والمجلس العسكري الانتقالي».وبدوره، قال المتحدث باسم المجلس العسكري الانتقالي شمس الدين كباشي، في تصريحات صحافية، أمس، إن وفده أجرى مباحثات مع رئيس جنوب السودان تناولت العلاقات الثنائية، أكد خلالها الرئيس سلفا كير ميارديت اهتمامه بالسلام والاستقرار في السودان، وحثهم على الإسراع في تكوين الحكومة الانتقالية لتجاوز الفراغ السياسي في البلاد، وإكمال العملية السلمية.وكشف الكباشي عن لقاء جمع بين الوفد السوداني و«الحركة الشعبية لتحرير السودان - الشمال» لم يشارك فيه رئيسها عبد العزيز الحلو بسبب «ظروفه المرضية»، بيد أن وفد الحركة الذي ترأسه نائبه جقود مكوار، أشاد بثورة الشباب وانحياز القوات المسلحة للثورة، وأكد التزامه بوقف العدائيات ودعمه لجهود السلام، واستعداده للتفاوض بعد تشكيل الحكومة الانتقالية.وقال الكباشي إن وفده أجرى لقاء مع «الحركة الشعبية - شمال» جناح مالك عقار، توافق خلاله الطرفان على فتح المسارات لإيصال المساعدات الإنسانية للمناطق المتأثرة بالحرب، وإسقاط الأحكام الغيابية الصادرة في حق منسوبي الجبهة الثورية والحركات المسلحة الأخرى، والعفو عن المسجونين السياسيين من الحركات المسلحة كافة.من جهة أخرى، ينتظر أن يُستأنف التفاوض على «وثيقة الإعلان الدستوري» بين المجلس العسكري الانتقالي و«قوى إعلان الحرية والتغيير»، اليوم، لكن التفاوض يوم غدٍ (الثلاثاء).وقال القيادي في «الحرية والتغيير» محمد الصادق لـ«الشرق الأوسط»، إن الوساطة الأفريقية أبلغتهم ببدء اجتماعات اللجنة الفنية المشتركة لصياغة الوثيقة الدستورية، اليوم (الاثنين)، وأن يدخل الطرفان في التفاوض المباشر على الوثيقة، غداً (الثلاثاء).ونشرت «قوى إعلان الحرية والتغيير» مسودة الوثيقة المقترحة للنقاش قبل الدخول في التفاوض، وقالت إن هدف النشر هو الحصول على آراء أكبر عدد من المواطنين بشأنها، وعلمت «الشرق الأوسط» أن اللجنة الفنية لـ«قوى إعلان الحرية والتغيير» تلقت كثيراً من المقترحات أدمجتها ضمن الوثيقة المقترحة، وأنها ستنشر للرأي العام بتعديلاتها الجديدة.ويعد بند الحصانة الوارد في المسودة من أهم القضايا الخلافية بين الطرفين، ففيما وردت في المسودة الأولى حصانة «مطلقة» لرئيس وأعضاء مجلس السيادة الانتقالي، تتمسك «قوى إعلان الحرية والتغيير» بحصانة «إجرائية» يتم رفعها بموافقة ثلثي أعضاء المجلس التشريعي.كما تُعد نسب المشاركة في المجلس التشريعي واحدة من القضايا الخلافية التي يُنتظر تفجرها أثناء التفاوض، فـ«قوى الحرية والتغيير» تمسكت باتفاق سابق منحها نسبة 67 في المائة من المجلس، وترك النسبة الباقية للقوى غير الموقّعة على «إعلان الحرية والتغيير»، إضافة إلى هيكلة القوات المسلحة من قبل العسكريين، وهيكلة جهاز الأمن وقصر مهامه على جمع المعلومات وتحليلها، وأن يتبع إدارياً للسلطتين السيادية والتنفيذية.
مشاركة :