ارتفعت شعبية حزب المحافظين في بريطانيا على إثر تولّي بوريس جونسون رئاسة الوزراء وتعهده بحسم بريكست بحلول 31 أكتوبر، لكن الطريق ليس معبّدا أمام رئيس الوزراء الجديد في أعقاب الحديث عن تكوين تكتّل برلماني لمنع انفصال بريطانيا عن الاتحاد الأوروبي من دون اتفاق. وأظهر استطلاع للرأي في بريطانيا ارتفاع نسبة التأييد لحزب المحافظين واتساع الفارق بينه وبين حزب العمال المعارض إلى عشر نقاط، بعد تولّي بوريس جونسون منصب رئيس الوزراء. وأوضح الاستطلاع الذي أجري لصالح صحيفة صنداي تايمز أن التأييد للمحافظين بقيادة جونسون بلغ 31 بالمئة، بزيادة ست نقاط مئوية عن الاستطلاع السابق، بينما سجل العمال 21 بالمئة بزيادة نقطتين مئويتين فقط. ويبدو أن وضوح نهج رئيس الوزراء الجديد في التعامل مع ملف بريكست ساهم في ارتفاع شعبية المحافظين، إلا أن تنفيذ استراتيجيته وتعهداته قد تصطدم برفض برلماني إذا ما مضى قُدما في العمل على الانفصال من دون اتفاق. وذكرت صحيفة الأوبزرفر أن وزير المالية البريطاني السابق فيليب هاموند، الذي ترك الحكومة قبل تولّي بوريس جونسون منصب رئيس الوزراء، أجرى محادثات سرية مع حزب العمال المعارض بشأن كيفية وقف خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي دون اتفاق. يرى جونسون أن تهديد الخروج الفوضوي سيجبر بروكسل على الإذعان ومنح لندن شروطا أفضل ستتيح لها إبرام اتفاقيات تجارية مع قوى عالمية مثل الصين والولايات المتحدة. وقالت الصحيفة إن هاموند، الذي طالما عارض الانسحاب من الاتحاد الأوروبي دون اتفاق انتقالي لتخفيف الصدمة الاقتصادية، التقى مع كير ستارمر، كبير مسؤولي الخروج من الاتحاد الأوروبي في حزب العمال، بعد وقت قصير من استقالته من الحكومة. وأضافت الصحيفة أن هاموند وستارمر اتفقا على العمل مع نواب بارزين آخرين بمن فيهم الوزير المحافظ السابق أوليفر ليتوين لاستكشاف أفضل السبل لاستخدام الأصوات البرلمانية لنسف نتيجة الخروج دون اتفاق. وقال ستارمر للصحفية “الاتجاه السياسي تحت قيادة بوريس جونسون واضح، وبالتالي من المهم أكثر من أي وقت مضى أن نبني تحالفا قويا بين الأحزاب لوقف خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي دون اتفاق”. وتعهد المشرعون الذين يعارضون خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي دون صفقة، بمن في ذلك بعض وزراء حكومة ماي الذين أقالهم جونسون، بشن معركة عندما يعود البرلمان من عطلة تستمر ستة أسابيع وتبدأ الجمعة. ويتكهن البعض بأن هؤلاء المشرعين سيستطيعون الإطاحة بالحكومة بتصويت على حجب الثقة. كما يمكن أن يدعو جونسون إلى إجراء انتخابات مبكرة على أمل الحصول على أغلبية برلمانية تساند خططه، حيث لن تعقد الانتخابات القادمة قبل سنة 2022. والأحد، قال وزير شؤون مجلس الوزراء البريطاني مايكل غوف إن الحكومة البريطانية الجديدة “تتصرف بناء على افتراض” خروج البلاد من الاتحاد الأوروبي دون اتفاق. وأكد غوف، الذي كلفه جونسون بالإعداد لخروج دون اتفاق من التكتل، أن“ الحكومة بأكملها ستعمل بشكل سريع” للتحضير لعدم وجود اتفاق.وكتب في صحيفة صنداي تايمز البريطانية “قال قادة الاتحاد الأوروبي إنهم لن يغيّروا نهجهم، إنه اتفاق انسحاب غير معدل، عليكم قبوله أو رفضه”. وتابع “لا يزال هناك أمل في أن يغيّروا رأيهم، ولكن علينا التصرّف على أساس افتراض أنهم لن يغيروه… الخروج دون اتفاق هو الآن احتمال واقعي للغاية، وينبغي علينا التأكد من أننا مستعدون له”. وكتب وزير الخزانة البريطاني ساجد جاويد في صحيفة صنداي تلغراف إن الحكومة ستموّل واحدة من “أكبر الحملات الإعلامية العامة” على الإطلاق في البلاد لإعداد الأفراد والشركات لخروج دون اتفاق. ويصرّ الاتحاد الأوروبي على أنه لن يعيد التفاوض بشأن الاتفاق المُبرم مع ماي بخصوص شروط رحيل بريطانيا وإطار العلاقات المستقبلية. لذلك، تواجه بريطانيا احتمال خروج فوضوي يحذّر الاقتصاديون من أنه سيعطّل التجارة لأنه يفرض رسوما جمركية بين بريطانيا والكتلة، ويخفّض من قيمة الجنيه الإسترليني. وقالت متحدثة باسم المفوضية الأوروبية الأسبوع الماضي إن المفوضية ”لن تعيد التفاوض حول اتفاق خروج بريطانيا من الاتحاد عندما يتعلق الأمر بمسألة شبكة الأمان الخاصة بأيرلندا“، وذلك رغم تأكيد رئيس الوزراء البريطاني الجديد بوريس جونسون على أنه سيدفع صوب إجراء تغييرات بالاتفاق. وأكدت المتحدث باسم المفوضية مينا اندريفا في بروكسل أن المفوضية على استعداد لإضافة إعلان سياسي بشأن العلاقة المستقبلية بين الجانبين. وينصّ الترتيب المثير للجدل بشأن “شبكة الأمان” أو “باكستوب” على إبقاء كامل المملكة المتحدة في اتحاد جمركي لتجنّب إعادة الحدود الفعلية بين أيرلندا الشمالية التابعة لبريطانيا وجمهورية أيرلندا العضو في الاتحاد. ويرى جونسون أن تهديد الخروج الفوضوي سيجبر بروكسل على الإذعان ومنح لندن شروطا أفضل ستتيح لها إبرام اتفاقيات تجارية مع قوى عالمية مثل الصين والولايات المتحدة. ويتمحور حلّ جونسون بشأن هذه الحدود حول اقتراحات رفضها الاتحاد الأوروبي والقادة الأيرلنديون لأنها إما غير قابلة للتطبيق وإما غير كافية.
مشاركة :