تشهد كل من جوبا وأديس أبابا حركة دبلوماسية لافتة هدفها تذليل الصعوبات أمام الأفرقاء السودانيين للتوصل لاتفاق شامل ونهائي يعبد الطريق للمرحلة الانتقالية. وفيما تولت أديس أبابا رعاية المفاوضات بين التحالف المدني الممثل في قوى الحرية والتغيير التي قادت الحراك الشعبي، وفصائل متمردة منضوية ضمن الجبهة الثورية، احتضنت عاصمة جنوب السودان جوبا محادثات بين فصائل مسلحة ووفد من المجلس العسكري للاتفاق على خطوات تعزيز الثقة بينها لبلوغ السلام المنشود في مناطق النزاع السودانية. وأظهر المجلس العسكري إيجابية في التعاطي مع الحركات المتمردة التي تواصل معها، وتم فعلا في وقت متأخر من السبت التوصل إلى اتفاق مع ممثّلي حركات ناشطة في ولايتَي جنوب كردفان والنيل الأزرق، على تمديد وقف لإطلاق النار والسماح بدخول المساعدات الإنسانية، وإطلاق سراح المعتقلين لدى الطرفين. وكان المجلس العسكري قد وقّع في 17 أبريل مع الحركة الشعبية قطاع الشمال اتفاقا لوقف إطلاق النار في منطقتي النيل الأزرق وجنوب كردفان بعد أسبوع من الإطاحة بالرئيس السوداني عمر البشير في أعقاب 30 عاما قضاها في السلطة. وكان من المقرر أن ينتهي العمل بالاتفاق نهاية يوليو. وستستمر محادثات السلام لتشمل فصائل متمردة من إقليم دارفور قادمة من أديس أبابا. وشارك في محادثات السبت مستشار رئيس جنوب السودان للشؤون الأمنية توت قلواك ونائب رئيس المجلس العسكري الانتقالي الحاكم في السودان، الفريق أول محمد حمدان دقلو الملقب بحميدتي وزعيم الحركة الشعبية قطاع الشمال مالك عقار. وقال حميدتي الذي يقود قوات الدعم السريع “نأمل أن تعود (مجموعات التمرّد) إلى الخرطوم بعد اجتماعاتنا، من أجل استعادة السلام”. ويواجه السودان تمردا مسلحا في أنحاء مختلفة واحتجاجات من مواطنين يشعرون بالسخط بسبب سوء إدارة الاقتصاد منذ عقود وانتهاكات لحقوق الإنسان على يد الأجهزة الأمنية. وخلال هذا الشهر، وقع المجلس العسكري السوداني وقوى الحرية والتغيير، التي تضم فصائل سودانية سياسية ومسلحة، اتفاقا لتقاسم السلطة مدته ثلاث سنوات لكن لا تزال تفاصيل كثيرة غير محسومة، فضلا عن وجود تحفظات من بعض الفصائل تسعى قوى الحرية والتغيير إلى تذليلها. ولم يكن عقار جزءا من هذا الاتفاق. وتركزت مفاوضات مطلع الأسبوع في جوبا على الجماعات المسلحة التي تنشط في مناطق على الحدود مع جنوب السودان. وقال قلواك إن زيارة المجلس العسكري الانتقالي لجوبا ركزت على قضايا مفاوضات السلام مع جماعات المعارضة السودانية من جنوب كردفان وجبال النوبة ودارفور. احتضنت عاصمة جنوب السودان جوبا محادثات بين فصائل مسلحة ووفد من المجلس العسكري للاتفاق على خطوات تعزيز الثقة بينها لبلوغ السلام المنشود في مناطق النزاع السودانية وشدد عقار، وهو زعيم الحركة الشعبية لتحرير السودان-شمال جناح مالك عقار، على رغبته في الاتفاق مع قوى الحرية والتغيير على موقف مشترك. وفي تلك الأثناء، قال إن وقف إطلاق النار سيُمدد وسيُسمح لوكالات الإغاثة بالدخول. وقال إن رئيس جنوب السودان تولى عملية التفاوض لأنه يملك نفوذا على الجماعات المسلحة التي تنشط في السودان. ويرى مراقبون أن التفاهم على العناوين الكبرى خاصة في ما يتعلق بقضايا السلام في مناطق النزاع من شأنه أن يعزز فرص نجاح السودانيين في إدارة مرحلة انتقالية تأخذ البلد نحو استقرار لطالما غاب عنه على مدى أكثر من 30 سنة. ويعتبر المراقبون أن الحصول على موافقة الحركات المتمردة على اتفاق تقاسم السلطة الذي جرى بين التحالف المدني والمجلس العسكري خطوة ضرورية، لافتين إلى أنه يشكل أحد الأسباب الرئيسية في تأجيل مفاوضات الإعلان الدستوري. ورجحت مصادر في قوى إعلان الحرية والتغيير إجراء المفاوضات المباشرة مع المجلس العسكري الثلاثاء للتوصل إلى اتفاق بشأن مسودة الإعلان الدستوري. وكان المجلس العسكري قد أعلن الجمعة أن الأيام المقبلة ستشهد حوارا بشأن الإعلان الدستوري وما دار في أديس أبابا من مفاوضات بين قوى إعلان الحرية والتغيير والجبهة الثورية. وتتضمن المسودة صلاحيات وسلطات المجلس السيادي ورئيس الوزراء خلال المرحلة الانتقالية. وفي حال توصل الطرفان لاتفاق بشأن المسودة، فسيشرعان في تشكيل مؤسسات الحكم الانتقالي.
مشاركة :