تخوض القوات السورية بدعم من حليفتها الروسية حرب استنزاف ضد الجماعات الجهادية والمقاتلة في إدلب شمال غرب البلاد، عبر سلاح الجو، بعد فشلها في اختراق جدار دفاع تلك الجماعات بريا وتكبدها لخسائر فادحة في مايو الماضي. وتتزامن المعارك مع تصاعد لافت للهجمات في درعا جنوبي سوريا ضد القوات الحكومية، وسط تحليلات تفيد بأن خلايا لمجموعات معارضة، تحاول من خلال تلك العمليات الخاطفة إرباك النظام وتخفيف الضغط العسكري على التنظيمات في إدلب. وبحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، قتل تسعة مدنيين الأحد في غارات جوية شنها الطيران السوري والروسي على شمال غرب سوريا، الواقعة تحت سيطرة هيئة تحرير الشام التي تقودها جبهة فتح الشام (النصرة سابقا)، والتي تتعرض لقصف شبه يومي منذ ثلاثة أشهر. ومنذ نهاية أبريل، تشهد إدلب ومناطق محاذية لها في محافظات حلب وحماة واللاذقية، تصعيدا في القصف السوري والروسي. ووفق المرصد، استهدفت الغارات الجوية والقصف المدفعي الأحد عدة مناطق في إدلب وحماة ما أسفر عن مقتل تسعة مدنيين. تحريك جبهة الجنوب عبر عمليات هجومية مباغتة قد يكون الهدف منه تخفيف الضغط على الفصائل في إدلب وأوضح المرصد الذي يتخذ من لندن مقرا له أن خمسا من الضحايا سقطوا إثر ضربات جوية شنها النظام على مناطق سكنية في مدينة أريحا التابعة لمحافظة إدلب وذلك غداة يوم دام شهدته هذه المدينة. كما قتل مدني في قصف على أطراف معرشورين وآخر بقصف بري جنوب شرق إدلب. وأسفرت الغارات الروسية على مناطق زراعية في شمال محافظة حماة المجاورة عن مقتل امرأتين. وتتخذ موسكو من سيطرة النظام السوري على محافظة إدلب ومحيطها أولوية، لأن ذلك من شأنه أن يقضي على أي طموحات للفصائل الإسلامية والمعارضة بفرض شروط عند بحث التسوية السياسية. وتعد إدلب المعقل الأخير للتنظيمات المعارضة لنظام الرئيس بشار الأسد، بعد خسارتها باقي المناطق التي كانت توجد بها وآخرها الغوطة الشرقية الواقعة في ضواحي العاصمة دمشق. وتراهن الجماعات في إدلب على دعم تركيا، بيد أن مراقبين يستبعدون صمودها طويلا في ظل غلبة سلاح الجو للنظام السوري وحليفته روسيا، وغياب دعم دولي حقيقي. ويشير المراقبون إلى أن تحريك جبهة الجنوب عبر عمليات هجومية مباغتة قد يكون الهدف منه هو تخفيف الضغط على إدلب، بيد أن ذلك يبقى غير كاف. وأعلن تنظيم الدولة الإسلامية مسؤوليته عن هجوم انتحاري أسفر السبت عن مقتل ستة عناصر من القوات السورية على نقطة تفتيش في درعا. وبحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، وقع التفجير في منطقة قريبة من بلدة مليحة العطش بريف درعا الشرقي. وفي بيان نشر في ساعة متأخرة من السبت على تطبيق “تلغرام” أعلن داعش “تمكن الأخ الاستشهادي أبومالك الأنصاري من الاشتباك مع مجموعة من عناصر الجيش النصيري المرتد بسلاحه الرشاش بالقرب من بلدة مليحة العطش شرق درعا ثم فجر حزامه الناسف وسطهم ما أدى لهلاك 8 عناصر وإصابة 10 آخرين”. وأوردت وكالة الأنباء الرسمية رواية مختلفة قالت فيها “إرهابي يفجر نفسه بحزام ناسف خلال اقتحام عناصر من الجيش وكرا للإرهابيين في مليحة العطش بريف درعا”، متحدثة عن “جرح عدد من العسكريين”. وأشار المرصد إلى أن “قوات النظام تتعرض بشكل شبه يومي لهجمات إن كان بالعبوات الناسفة إو بإطلاق النار في محافظة درع”. وكان قتل ستة جنود وأصيب 15 بجروح منتصف يوليو 2019 في تفجير عبوة ناسفة استهدفت حافلة كانت تقلهم بالقرب من مدينة درعا، مركز المحافظة في جنوب البلاد. ولم تتبن أي جهة مسؤولية الهجوم. ولئن تبدو عملية الربط بين ما يجري في إدلب ودرعا منطقية بيد أن محللين يرون أن ما يحدث في الجنوب قد تكون له قراءة مغايرة تماما لجهة أن هناك عدة أطراف أخرى مستفيدة من هز الوضع في الجنوب ومنها إيران التي من مصلحتها حدوث فوضى لإعادة انتشارها بالقرب من إسرائيل في سياق عملية لي الذراع التي تمارس بينها وبين الولايات المتحدة. واستعاد الجيش السوري صيف العام 2018 السيطرة على كامل محافظة درعا إثر عملية عسكرية ثم اتفاقات تسوية مع الفصائل المعارضة فيها، وعملية إجلاء للآلاف من رافضي التسويات. ولم تنتشر عناصر الجيش السوري في كل المناطق التي شملتها اتفاقات تسوية، إلا أن المؤسسات الحكومية عادت للعمل فيها. وشهدت المحافظة قبل أشهر تظاهرات محدودة ضد ممارسات القوات الحكومية، كما احتج سكان في مارس الماضي على رفع تمثال للرئيس السوري السابق حافظ الأسد في مدينة درعا.
مشاركة :