د. يحيى عبد القادر يكتب: باحـــة بهـــاء جاهيــــن !‎

  • 7/29/2019
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

ربما مرت ثلاثة عقود من الزمان منذ التقيت بالكاتب اللامع بهاء جاهين فى صحيفة الأهرام خلال جولة تفقدية التقيت فيها ببعض الكتاب العظام. لا يخفى على أحد أن بهاء هو الوريث الشرعى للعبقرى الراحل صلاح جاهين الذى كتبت قصيدة يوم أن رحل عن الدنيا ثم ترجمتها للإنجليزية ونشرتها ضمن باقة أشعار صدرت فى ولاية كاليفورنيا زمن إقامتى بها. طالعت مقاله الصادر فى أهرام الجمعة (26 يوليو 2019) بعنوان (بياصة الشوام). يحكى عن رواية لكاتب سكندرى هو أحمد الفخرانى الذى أصدر الرواية سالفة الذكر. يبدو أن الكاتب موهوب حيث أنه حصل على عدة جوائز مرموقة. ومعروف أن ساحة الشوام هى ساحة تقع فى منطقة شعبية بحى العطارين السكندرى.يظن البعض أن كلمة (بياصة) هى تحريف شعبى لكلمة LA PIAZZA الإيطالية كما ورد فى مقال بهاء جاهين وهى تعنى ميدان أو فسحة باللغة الشعبية، إلا أن جوهر الكلمة فى الأصل عربى، فهى تنتمى لزمن زهير ابن أبى سلمى وامرؤ القيس وصولا لبكائيات الخنساء! أصل الكلمة (الباحة) وتعنى (الفناء) وفقا لطيب الذكر google وهى تعنى ما ورد فى مقال بهاء.انتقلت اللغة العربية إلى العالم الغربى من خلال التبادل التجارى لنقل التوابل والحرير من الشرق عبر بحارة وتجار البندقية (فينسيا) وجنوا ونابولى. سوف نكتشف أن معظم المصطلحات التجارية الأصل والنقدية عربية الجذور بسبب طبيعة التعامل التجارى والاقتصادى بين جنوب أوروبا وعالم الشرق. أصل مدينة البندقية بالإيطالية VENEZIA وقد جرت العادة على تحريف حرف ( V ) ليتحول إلى حرف (باء) فى اللغة العربية وهكذا أصبحت كل سلعة ترد من فينسيا يطلق عليها بندقية مثل الجنيه البندقى والعيار البندقى فى المعادن النفيسة حتى السلاح الوارد من فينسيا صار (البندقية) ذلك السلاح الفتاك الذى يطلق الرصاص.خلال سلسلة الحروب الصليبية التى يقال إنها امتدت ألف عام والتى استهدفت الأراضى المقدسة فى عالمنا العربى تطورت المصطلحات العسكرية والحربية والقتالية وفقا لطبيعة مرحلة الجهاد والهجوم والتراجع والنصر والهزيمة وعقد الاتفاقيات السياسية وخلافه. أما الأثر الأعظم للغة العربية فكان زمن الحضارة العربية فى الأندلس التى ازدهرت فى غرناطة وطليطلة وقرطبة وجيانا لمدة ثمانية قرون من أبهى عصور الزمان. تحولت (الباحة) العربية فى الأندلس إلى EL PATIO الأسبانية وعرفت فى فرنسا على أنها LE PATIO بينما حين بلغت إنجلترا أصبحت PATIO فقط . ولما عبرت حدود إيطاليا اشتهرت الباحة بكونها LA PIAZZA التى ذكر الصديق بهاء جاهين أنها أصل (البياصة) ! وهكذا يدور الزمان وتحمل عواصم الدنيا ذخائر لغتنا الجميلة وأسرارها البديعة فنتباهى أحيانا أمام الأصدقاء بأننا سوف نلتقى فى PATIO وكأنها من بضاعة اللاتين بينما هى عربية الأصل والهوى. لا يمكننا سوى أن نردد بأنها (بضاعتنا وقد ردت إلينا) فليهنأ شباب حى العطارين السكندرى وعشاق (بياصة الشوام) بالباحة العربية التى ترعرعت فى الروابى الخضر لأبها وفيافى نجد وسهول أم القرى ووديان عرعر وسكاكا والحطيم وزمزم !!! وسلام على ابن زيدون وولادة وابن رشد من رفعوا ألوية الحضارة فى غرب وأندلس.

مشاركة :