الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد:فالحديث حول سيرة النبي -صلى الله عليه وسلم- العطرة لا ينتهي ولا يُملّ منه أبدا، وفي هذه السطور نستعرض بعضا مما حدث معه صلى الله عليه وسلم من ارهاصات وكرامات قبل بعثته الشريفة ؛ فمنها على سبيل المثال لا الحصر ما يلي:ما حدث ليلة مولده –صلى الله عليه وسلم-من الوقائع المشهورة -والتي اختلف في صحة اسنادها- من ارتجاج إيوان كسرى فارس، وسقوط أربع عشرة شرفة من شرفاته، وهو ما أُوِّل بسقوط أربعة عشر ملكًا من ملوكهم، فسقط عشرة منهم في أربع سنوات، وأربعة سقطوا في عهد الفتح الإسلامي، كذلك خمدت نار فارس التي لم تخمد منذ ألف سنة.وكذلك ما رَأَتْهُ حَلِيمَة السَّعْدِية من الخير بَعْدَ تَسَلُّمِهَا لَهُ صلى الله عليه وسلم واسترضاعها له؛ وقد كانت معرضة عنه في البداية كما أعرضت عنه بقية المراضع؛ ليتمه، وعدم حصول النفع والخير لهن من وراء هذا اليتيم ، فلما لم تجد غيره عادت إليه وأخذته ؛ حتى لا ترجع لأهلها بدون رضيع ترضعه، فأقبلت عليه فإذا به مدرج في ثوب أبيض من اللبن، يفوح منه المسك، وتحته حريرة خضراء، راقدا على قفاه، يغط، فأشفقت حليمة السعدية أن توقظه من نومه لحسنه وجماله، فدنت منه رويدا فوضعت يدها على صدره فتبسم ضاحكا، وفتح عينيه لينظر إليها فخرج من عينيه نور حتى دخل خلال السماء وهي تنظر إليه، فقبلته بين عينيه، وأعطته ثديها الأيمن، والذي كثر فيه اللبن وفاض فشرب حتى ارتوى، وإذ بناقتها التي لم تكن تحلب منذ زمن امتلأت بالحليب، حتى قال لها زوجها: تعلمين والله يا حليمة لقد أخذت نسمة مباركة، وعندما حانت لحظة العودة إلى ديارها هي وبقية المرضعات ركبت حمارها وكان ضعيفا لا يقوى على السير وحملت عليه النبي – صلى الله عليه وسلم- فأسرع الحمار بها وسبق الركب الذي كان معها بفضل وجوده صلى الله عليه وسلم عليه، حتى تعجب صواحبها من هذا الفعل وقلن لها: يا ابنة أبي ذؤيب، ويحك أرفقي علينا في المسير، أليست هذه حمارك التي كنت خرجت عليها ولم تكن تقوى على المسير؟! فقالت لهن: بلى والله إنها لهي هي. فقلن: والله إن له لشأنًا!!فضلا عما حدث له صلى الله عليه وسلم وهو عند آل حليمة في بادية بني سعد من حادثة شق صدره الشريف قبل أن يبلغ الثالثة من عمره، حيث كان يلعب مع أخيه من الرضاع خلف بيوتهم وإذ برجلين عليهما ثياب بيض فأضجعاه فشقّا بطنه، فلما وصل لها الخبر خرجت هي وأبوه -أي زوج حليمة- نحوه فوجداه قائمًا منتقعًا متغيرًا وجهه، فالتزمته والتزمه أبوه فقلنا له: ما لك يا بني؟ قال: جاء لي رجلان عليهما ثياب بيض فأضجعاني وشقا بطني فالتمسا فيه شيئًا لا أدري ما هو.فقد روى الإمام مسلم هذه الوقعة في صحيحه فقال: " روي أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَتَاهُ جِبْرِيلُ -عَلَيْهِ الْسَلاَمُ- وَهُوَ يَلْعَبُ مَعَ الْغِلْمَانِ، فَأَخَذَهُ فَصَرَعَهُ، فَشَقَّ عَنْ قَلْبِهِ، فَاسْتَخْرَجَ الْقَلْبَ، فَاسْتَخْرَجَ مِنْهُ عَلَقَةً، فَقَالَ: هَذَا حَظُّ الشَّيْطَانِ مِنْكَ، ثُمَّ غَسَلَهُ فِي طَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ بِمَاءِ زَمْزَمَ، ثُمَّ لَأَمَهُ، ثُمَّ أَعَادَهُ فِي مَكَانِهِ، وَجَاءَ الْغِلْمَانُ يَسْعَوْنَ إِلَى أُمِّهِ -يَعْنِي ظِئْرَهُ ( المرضعة) - فَقَالُوا: إِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ قُتِلَ، فَاسْتَقْبَلُوهُ وَهُوَ مُنْتَقِعُ اللَّوْنِ". فهذا غيض من فيض، وقليل من كثير من مظاهر الكمال البشري التي سبقت بعثة الرسول -صلى الله عليه وسلم- نسأل الله أن يجمعنا به في دار مقامته ومستقر رحمته.. آمين.والحمد لله رب العالمين..
مشاركة :