أكد رئيس مجلس إدارة مدينة قطر الإعلامية، مدير مكتب الاتصال الحكومي في قطر الشيخ سيف بن أحمد آل ثاني في مقابلة مع التلفزيون التركي، أن مشروع مدينة قطر الإعلامية هو من “بنات أفكار” أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني الذي أصدر توجيهات للبدء في هذا المشروع في عام 2017، و”قد شرعنا في تنفيذه لأننا كنّا على قناعة أنه كان الوقت المناسب”. ويقصد المسؤول القطري أن المشروع رد على مقاطعة الدول الخليجية لقطر بسبب دورها في دعم الإرهاب. لكن الشيخ سيف استدرك “يجب ألاّ ننظر لهذا المشروع على أنه ردّة فعل بل يجب النظر إليه على أنه خطوة للمُضي قُدما”. ولفت إلى أن ما سيميز المدينة الإعلامية هو أنه “لن تكون هناك قيود تحريرية سيكون لدينا قانون أخلاقيات المهنة”. وعن ماهية قانون أخلاقيات المهنة شرح المسؤول القطري “نحن على ثقة بأن وسائل الإعلام التي ستأتي إلى المدينة الإعلامية، هي وسائل إعلام مسؤولة أي ستكون مسؤولة عمّا تقوله وتفعله. لن نضع أي قيود أمام وسائل الإعلام. وقال “دعنا نقول، على سبيل المثال، إن تقريراً صدر عن مؤسسة إعلامية من خارج الدوحة، وإن هذا التقرير أزعج دولة من الدول، لن يكون في إمكان الدولة المعنية ملاحقة صاحب التقرير قانونياً في دولة قطر”. وأبرمت المدينة الإعلامية ما يقارب 33 اتفاقية، خاصة مع مؤسسات إعلامية متخصّصة بالتكنولوجيا. وقال رئيس مجلس إدارة مدينة قطر الإعلامية، إن المدينة الإعلامية تتكوّن من ثلاث فئات “قنوات تلفزيونية، والمنشورات ووسائل التواصل الاجتماعي”.وأضاف أنه، بالنسبة له شخصيا، فإن “وسائل التواصل الاجتماعي هي وسائل الإعلام الجديدة التي سنركّز عليها في المستقبل. وعلى سبيل المثال، سنقوم بإنشاء استوديوهات صغيرة، بإمكان أي مدوّن أو أيّ من راود التواصل الاجتماعي أن يجد كل ما يحتاجه مجاناً. حيث يمكنه تصوير مقاطع الفيديو الخاصة به على يوتيوب ونشرها، كما يمكنه القيام بأشياء أخرى من هذا القبيل.. بمعنى أننا سنوفر لهم أفضل ما توصلت إليه التكنولوجيا في النطاق الإعلامي مقابل قيام أصحاب النفوذ الإعلامي بإلقاء محاضرات في إحدى جامعاتنا، كجامعة قطر على سبيل المثال، التي لديها قسم إعلامي ضخم، أو مثل حرم جامعة نورث وسترن، وهي جامعة أميركية”. من جانبه، وجّه المعارض القطري خالد الهيل رسالة إلى رئيس مجلس إدارة مدينة قطر سأله فيها “هل يحق لنا كمعارضة قطرية افتتاح قناة تلفزيونية اسمها القطري الحر داخل المدينة الإعلامية بما أنّ المدينة الإعلامية حرّة كما تدّعون”. ويؤكد مراقبون أن تلك المدينة تأتي لتكمل الدور الذي قامت به الجزيرة في المنطقة العربية، وأنّ الحديث عن حرية التعبير “أمر لا يخص قطر في شيء”. وحذّر إعلاميون من مخططات قطر، خاصة أنّ حال الإعلام العربي بات غاية في السوء، ولا يعبّر عن مهنية ولا يصنع وعيا ولا تثقيفا ولا بناء لشخصية، في ظل حرب وعي بدأت منذ سنوات طويلة. ولا يتوقّع المراقبون أكثر من مقالات وآراء مخصّصة “لانتقاد” قطر لا تتجاوز الخطوط المرسومة لهم لتشتيت الانتباه، خاصة بعد انكشاف لعبة حرية التعبير التي تلعبها قطر منذ سنوات كثيرة دوليّا. وكان مركز الدوحة لحرية التعبير أوقف جميع نشاطاته بصورة مفاجئة. ويأتي إغلاق المركز بهذه الطريقة دون توضيح الأسباب من قبل مديره أو القائمين عليه في بيان رسمي كما هو متعارف عليه في مثل هذه الأوضاع، مناقضا لأهمية المركز التي روّجت لها السلطات القطرية منذ إطلاقه في أكتوبر 2008، بأنه “المركز الدولي الأول من نوعه الذي يتأسس في دولة غير غربية، ويعمل لخدمة حرية الصحافة والتعبير في قطر والشرق الأوسط والعالم”. ويبدو أنّ المركز لم يحقق الغاية المرجوّة منه ولم يترك التأثير المطلوب، رغم تجنيد صحافيين للعمل فيه من دول عربية وأجنبية متعددة. وأضحى المركز بالنسبة للسلطات مضيعة للمال والجهد والوقت، خصوصا وأنه بعد فترة قصيرة على تأسيسه بدأت المشكلات تتفاقم بين مؤسسيه والمسؤولين القطريين الذي “لم يقبلوا يوما بمركز مستقلّ له الحرية في التعبير عن مواقفه بعيدا عن أي اعتبارات سياسية”، وفق ما ذكر روبير مينار الذي كان أول مدير له. وكان هدف المركز الأساسي الترويج لحريّة الصحافة في مختلف أنحاء العالم وتأمين ملاذ للصحافيين المهدَّدين. لكنّه من النادر أن غطى أخبار قطر. وذكرت تقارير سابقة لوزارة الخارجية الأميركية أنّ الصحافة القطرية تمارس الرقابة الذاتية بصورة روتينية، لذلك عمل المركز في بيئة منافية عمليّا لحرية التعبير والصحافة. وفي يونيو الماضي، فشلت السفارة القطرية في العاصمة الأميركية واشنطن، في الترويج للدوحة بأنها بلد ترعى الصحافة. المدينة الإعلامية أبرمت ما يقارب 33 اتفاقية، خاصة مع مؤسسات إعلامية متخصّصة بالتكنولوجيا ونشرت صحيفة واشنطن بوست الأميركية، تقريرا يتناول استضافة السفارة القطرية في واشنطن، بالتعاون مع صحيفة واشنطن دبلومات الشهرية، حفل عشاء خصص ”للاحتفال بأهمية حرية وسائل الإعلام ونزاهتها، على الصعيدين الوطني (الأميركي) والدولي”؛ وتساءلت الصحيفة، كيف شعر الصحافيون أثناء حضورهم حدثا يحتفل بحرية الصحافة يستضيفه بلد لا تقترب فيه الصحافة والسكان عموما من الحرية؟ ووفقا للصحيفة، فإنّ معظم الحضور رفضوا الحديث عن حرية الصحافة في قطر. بل عبّر بعضهم بصراحة عن خشيتهم من الحديث علانية عن هذا الأمر، وهو ما اعتبرته ليا فاتوم كاتبة المقال في واشنطن بوست “أمرا غريبا”. في سياق آخر، يرى متابعون أن الدوحة لا تريد خسارة اللعبة الإعلامية التي ”برعت” فيها لفترة مستخدمة في ذلك قناة الجزيرة. ولأن قناة الجزيرة هي الواجهة الإعلامية “الأكثر تأثيرا” لقطر، فقدت بريقها عربيا وهو ما تعكسه نسب المشاهدة، فإن الدوحة بحاجة إلى منع التشتّت ودفع كل جهودها باتجاه استعادة التأثير في الرأي العام العربي لذلك أنشأت مدينة قطر الإعلامية التي ينتظر أن تعاضد جهود قناة الجزيرة.
مشاركة :