"هناء العرادي".. تعرف جيدًا ماذا تريد أن تكون، ولذا فقد شقت طريقها مبكرًا وهي في الثالثة عشرة من عمرها وبعد الدراسة الجامعية في قسم اللغة العربية صقلت تخصصها معتزة بلغتها العربية، واتجهت نحو الكتابة الأدبية النثرية، ثم أصدرت كتابي "على حافة الأرق" و"النسيان يغافل الذاكرة". نصوص "هناء" المكتوبة بحبكة أدبية مميزة لاقت إعجابًا واسعًا، ولامست ذائقة كثيرًا من الأشخاص خصوصًا بين رواد مواقع التواصل الاجتماعي ومحبي الأدب، إذ أنك تجد بكثرة اقتباسات من مؤلفاتها مكتوبة بين علامتي التنصيص في ملفات تعريف تطبيقي تويتر والانستقرام. تأثرت بحفظها أجزاء من القرآن الكريم وحرصها على تلاوته على مدار العام، فأضحت كتابتها تكتظ بمفردات من كتاب الله وتميزت بالأسلوب الرصين.. صحيفة تبوك الإلكترونية التقت "العرادي" في حوار صحفي ليتعرف إليها قراؤها أكثر، فإلى التفاصيل: * "المقال الأول كالحب الأول كالقُبلة الأولى تدير الرؤوس".. هذا ما قاله أحد المؤلفين عن وصف الكتابة الأولى.. بداية، حدثينا عن مسيرتكِ في الكتابة؛ متى بدأتِ الكتابة؟ وكيف كانت البدايات؟ - كنتُ في طفولتي شغوفة بقراءة قصص ومجلّات الأطفال، ثم امتدّت يدي لمكتبة المنزل العامرة بشتّى أنواع الكتب، شيئًا فشيئًا شعرتُ برغبة في الكتابة، شرعتُ أكتب ما يشبه حكايات الأطفال، ثم توهّجت تلك الموهبة على عتبات مرحلة المراهقة، فنشرتُ للمرة الأولى في إحدى المجلات الخليجية وأنا بعمر الثالثة عشرة. * بعض الكُتّاب يتغير جذريًا حين يجد عبارة مؤثرة بين دفتي كتاب، أو يستمع إلى أغنية فتستقر كلماتها في صميم قلبه، هل من أحد كان له تأثير فيكِ؟ - ليس ثمة أديب بعينه أثّر في تجربتي، لكن أعتقد أن كل من قرأتُ لهم من أدباء وأديبات كان لهم أثر بشكل أو بآخر فيما كتبت. * من شجعكِ على المضي قدمًا في الكتابة؟ - عائلتي أولًا.. ثم صديقاتي. وبعد النشر وجدتُ تشجيعًا كبيرًا من رؤساء تحرير الصحف والمجلات الورقية التي نشرتُ بها نصوصي في بداياتي، ومن بعض الأدباء الكبار. * من طقوس الأديب الراحل عباس العقاد في الكتابة، أنه يحب أن يكتب بالحبر الأحمر فقط، وأن لا تتعدى مساحة الورق التي يكتب عليها، مساحة كف يديه، بغير زيادة أو نقصان، وإذا لم يجد حجم الورق يتغير مزاجه وقد تتطاير الأفكار من رأسه، ونفس الأمر يحدث معه إن لم يجد الحبر الأحمر، وحتى إذا وجد البديل، هذه التفاصيل الصغيرة التي لا يأبه لها كثير من الناس قد تغير في إبداع المؤلف وغزارة أو قلة إنتاجية، حديثنا عن طقوسكِ في الكتابة؟ - معظم كتاباتي ليليّة، فالليل محرّضٌ على البوح غالبًا. ولا بد من بعض العزلة لأتمكن من اقتناص الفكرة وسكبها على البياض. العزلة إذن، على خُطى كبار الأدباء، "الكتابة هي تكريس للعزلة" كما تقول ألياف شافاق. * عودة للطقوس، هل تدونين أفكاركِ بالورقة والقلم أم عبر الكمبيوتر والجوال؟ - كنتُ أدوّن كل نصوصي بالورقة والقلم، وحين احتلت التقنية معظم جوانب الحياة، أصبحتُ أتخذ من "الملاحظات" في الجوال مقرًا لكتاباتي، لكنني لازلتُ وفيّة للقلم وأحب اقتناء مختلف أنواع الأقلام، وأحرص على وجود قلم في حقيبتي. * "الموهبة مغرية كما يبدو؛ لكنها لا تشكل سوى من العملية الإبداعية، الاجتهاد والجدّ حصتهما 80% والباقي للحظ أو للقدر، تلك الأشياء الصغيرة التي لا نقوم بها بأنفسنا.. ماذا عن أسباب تطور الملكة الأدبية لديك؟ - من يقرأ إصداريّ "على حافة الأرق" و"النسيان يُغافل الذاكرة"؛ يجد تأثرًا واضحًا بمفردات القرآن الكريم، ربما لحرصي على تلاوته على مدار العام، ومحاولتي حفظ أجزاء منه، إضافة إلى تخصصي الدراسي لآداب اللغة العربية. وبخصوص تطبيقات التواصل الاجتماعي يناسبني تويتر كثيرًا لميلي إلى الاختصار في كتاباتي. * كيف كانت مشاعركِ حين انتهيتِ من كتابكِ الأول؟ - كان يشبه شعوري حين نشرتُ في الصحف للمرة الأولى. الكتاب الأول كان بمثابة صندوق جمعتُ به ما تناثر من بوحي طيلة تلك السنين، شعور بالراحة والسعادة. * من أجمل النصائح الموجّهة لمن توقف عن الكتابة هي مقولة "لا يفيض الإناء إلا بعد الامتلاء؛ القراءة امتلاء الكتابة فيض إذا أصابتك (حبسة الكاتب) فتناول كتابًا يُقيم كرنفالًا من الدهشة في نفسك".. هل تقرئين كثيرًا؟ - تمرّ عليّ أوقات أقرأ في الأسبوع كتابين أو ثلاثة.. وأحيانًا قد يمضي الشهر دون أن أقرأ، حسب مزاجي في القراءة. * وهل إصابتكِ حبسة الكاتب يومًا ما؟ - أبدًا بالعكس.. بل تشجعت وأصدرتُ كتابي الثاني بعد أقلّ من عامين على صدور كتابي الأول. * هل تذكرين اسم كتاب ترك انطباعًا جيدًا لديكِ؟ - كثيرة هي الكتب المفضلة لديّ، لكن من أهمها كتاب "دع القلق وابدأ الحياة" للكاتب الأمريكي ديل كارنيجي. فقد أثّر في شخصيتي تأثيرًا إيجابيًا كبيرًا. * كان عباس العقاد يضع تمثال البومة على مكتبه الخاص، ربما إلهامًا أو قهرًا لليأس؛ بالنسبة لكِ ما هو الشيء الملهم سواء عبارة أو شيء آخر؟ - هذه الآية الكريمة: ﴿ فَاللّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ﴾ في لحظات القلق من المستقبل أو الخوف من المجهول.. أرددها فتنسكب الطمأنينة على قلبي وأشعر بلطف الله يحيطني من بين يديّ ومن خلفي. * ما هي العادة الأدبية اليومية التي تقومين بها؟ - أتصفح يوميًا صفحات أدبية وشعرية على مواقع التواصل.. أشبع ذائقتي ثم أتابع أخبار العالم والسياسة. * النصوص القصيرة تستطيعين كتابتها في موقع تويتر وسوف يقرأها ضعف من يقرأ الكتب.. إذن لماذا قمتِ بتأليف كتاب وثم إعادة التجربة بكتاب آخر؟ - من أجل التوثيق وتوصيل تجربتي للآخرين أيضًا. * ما نصيحتكِ للمبتدئين في الكتابة ولمن يتردد في إنتاج كتابه الأول؟ - أنصحهم بالقراءة ثم القراءة ثم القراءة.. فالكاتب الجيد هو في الحقيقة قارئ جيد. يقول هيفرون: "إن القراءة جزء مهم من عملية تعلّم الكتابة، وإن كان هناك سر لتعلم الكتابة غير الكتابة والكتابة والكتابة، فهو القراءة والقراءة، والقراء..". ثم إن التردّد جيد في بعض الحالات حينما لا تكون جاهزيتهم كاملة للنشر.. فهي فرصة للتنقيح والتصحيح واختيار الأجمل، شريطة ألا يستمر هذا التردد طويلًا. * ما هو النص الأقرب إلى هناء العرادي؟ - لديّ نص.. لا أعتبره الأجمل، لكنّه الأكثر انتشارًا بين الحسابات في تويتر، وهو: "هدنةٌ مع الحنين.. حتى تضع الذكرى أوزارها"، أمّا الأجمل والأقرب لي شخصيًا فهو كل نصّ كتبته عن أبي رحمه الله. * هناك مقولة تقول: لكي تتجنب النقد لا تعمل شيئًا، ولا تقل شيئًا، ولا تكن شيئًا. كيف تتعاملين مع النقد السلبي أو الإيجابي؟ - أتقبّل النقد بنوعيه إذا كان بطريقة مهذّبة.. عدا ذلك لا أعيره اهتمامًا. * برأيكِ.. ماذا يحتاج الكُتّاب في تبوك ليتمكنوا من الإبداع وإيجاد التقدير الأدبي المناسب؟ - تجديد دماء المؤسسات الثقافية والأدبية وذلك بتفعيل دور الشباب والشابات في إدارة وتنسيق الفعاليات. مع الاستفادة من الخبرات الطويلة والأسماء القديرة. * أخيرًا، من يريد اقتناء مؤلفاتك أين يجدها؟ - إصداري الأول "على حافة الأرق" متوفر في نادي تبوك الأدبي، وفي دار الانتشار العربي، وفي معارض الكتاب. وفي موقع نيل وفرات دوت كوم، أما إصداري الثاني " النسيان يُغافل الذاكرة" فمتوفر في فروع مكتبة جرير. ومتجر تفاصيل الكلم وفي موقع سوق.كوم وفي معارض الكتاب. وسيجد القارئ الكثير من نصوصي في حسابي على تويتر : @Hana_S_Alaradi. [/highlight]
مشاركة :