أكد علماء بالأزهر الشريف لـ«الاتحاد»، أن الحج فرصة لتأصيل ثقافة التسامح والإخاء بين المسلمين مع بعضهم بعضاً، وبينهم وبين شعوب العالم أجمع. وبيّن الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر، أن العبادات في الإسلام ومنها الحج تؤصل للقيم السلوكية وفي أعلاها التسامح بمعناه العام، سواء مع النفس أو الغير، مع المسلم أو غير المسلم. وأشار إلى أن من محظورات الإحرام في الحج المخاصمة والمجادلة، ومن الأحكام التي تدل على التسامح عدم التعرض للصيد البري، وأكدت خطبة النبي صلى الله عليه وسلم في عرفات في حجة الوداع، على التعايش وقبول الآخر والتسامح، وعدم الاعتداء، وإزالة سلوكيات الجاهلية. وقال: إن فريضة الحج تؤصل للإخاء الإنساني في أروع صوره، كما يدل مظهر الحجيج وهم في زي واحد لا فرق بينهم، وطالب باغتنام هذا الملتقى العظيم، وإصدار بيان السلام العالمي من جوار البيت الحرام، بالبراءة من أعمال الإرهاب، والدعوة لمواجهة الغلو والتطرف، ونشر التسامح والسلام. بدوره، أكد الدكتور محمد الشحات الجندي، الأمين العام الأسبق للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، أن الحج يقدم رسالة عنوانها التلاقي والتعاون والتعارف بين الناس، وبما أن رسالة الإسلام الرحمة، فإن الحج يجمع الناس من كل أنحاء العالم من أجل ترسيخ مفهوم السلام الاجتماعي بين أشخاص يربط بينهم الإسلام والأخوة الإنسانية. وأشار الجندي إلى أن ما تقوم به بعض الجماعات الإرهابية التي ترفع شعار الإسلام، وهم يقاتلون إخوتهم من المسلمين وغيرهم ويرمونهم بالتكفير، يناقض آداب وحكمة الحج التي تدعو للسلام، وأن يكون كل منهم في عون الآخر، وأن يتضامن المسلم مع أخيه. ولفت إلى أن كل شعائر الحج تعبير عن قيم دينية وإنسانية وحضارية، وعلى المسلم أن يستثمرها في تصرفاته وسلوكه، حتى يتحقق الجزاء الذي بشر به الرسول صلى الله عليه وسلم، وهو «من حج فلم يرفث أو يفسق خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه». وتابع: من المفترض أن تكون ثقافة وخلق التسامح سلوكاً عاماً بين جميع البشر طوال العام، ويتجلى هذا الخلق والسلوك القيم في أبهى صوره خلال موسم الحج، مؤكداً أن الحج يفرض مناخ العفو والسماحة عالمياً وليس إسلامياً فقط. وأوضح الدكتور السيد أبو الحمايل أستاذ الثقافة الإسلامية بكلية الدعوة بجامعة الأزهر، أن فرائض الإسلام دعوة عامة إلى مكارم الأخلاق وصالح الصفات، وأن الحج رحلة روحية وتجمع عالمي للمسلمين من شتى بقاع الأرض، ويُعد تدريباً عملياً على الوحدة والتكافل والمساواة والتسامح النفسي ونبذ العنف والكراهية. وقال: إن حقيقة الدين في أصله ومظهره دعوة إلى التسامح الذي يتضمن اللين والتساهل مع كل الناس، فالدين المعاملة كما قال صلى الله عليه وسلم: «المسلم من سلم الناس من لسانه ويده»، وأمر الله تعالى رسوله بأعلى درجات التسامح فقال «... فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ»، (سورة المائدة الآية 13). وأشار أستاذ الثقافة الإسلامية إلى أن من آثار الحج إرساء قواعد التسامح والمحبة، ومن أهم ما ينبغي على الحاج أن يكون في غاية اللطف وحسن المعاملة مع كل من حوله من إنسان وحيوان ونبات، فلا رفث ولا فسوق ولا جدال ولا خصام.
مشاركة :