كيف تكتشف الفرص الاستثمارية وتحولها إلى مشروعات صغيرة ومتوسطة؟ (5)

  • 8/1/2019
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

مع تنامي الدعوات المقترنة بالدعم المؤسسي إلى توسيع القطاع الخاص وتمكين الشباب من إنشاء مشروعاتهم الخاصة، وقيادتها بأنفسهم لتحقيق النجاح، ولا سيما بعد البدء بمشروع التوازن المالي، والحد من ارتفاع الإنفاق العام، وإتاحة الفرصة لموظفي الحكومة والقطاع العام للتقاعد المبكر، وتقليص فرص التوظيف الجديد في تلك القطاعات، يثار تساؤل لدى قطاع واسع من الشباب كيف نجد الفرص الاستثمارية المجدية والتي يمكن أن نحولها إلى مشروع ناجح، مدر للربح بأقل فترة ممكنة، وبأدنى رأسمال؟ ولأجل تحفيز الشباب على بدء استثمار خاص مناسب بأقل تمويل ممكن، وتطوير مهاراتهم الإدارية، بدءا من تمكينهم من اكتشاف الفرص الاستثمارية التي تتناسب مع إمكاناتهم المالية ومهاراتهم المهنية والمعرفية، وتحقيق النجاح في إنشاء مشروعاتهم الخاصة، نقدم سلسلة مقالات للتعرف على كيفية اختيار الفرصة الاستثمارية المناسبة، واختيار الموقع الأنسب للمشروع، والخطوات الرئيسية لإنشاء المشروع، فضلا عن التعرف على أساليب ومصادر التمويل المتاحة ، ثم التعرف على كيفية تصميم المزيج التسويقي للمشروع، وصولا إلى أنجع الأساليب لإدارة المشروع وتحقيق النجاح والتوسع، وقد أوضحنا في المقالات الأربعة السابقة كيفية اختيار الفرصة الاستثمارية المناسبة، وفي هذا المقال نتناول كيفية اختيار الموقع الأنسب للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، على الرغم من أن التطورات التقنية والمعلوماتية المعاصرة والانفتاح والعولمة خفضت كثيرا من أهمية اقتصاديات الموقع، فإن للمشروعات الصغيرة والمتوسطة الموجهة إلى سوق محدد تبقى ذات أهمية كبيرة، فبعد أن تم اختيار نوع المشروع، واتخاذ القرار بالبدء في تنفيذه، لا بد من التفكير مليا في الموقع الأنسب له، بحيث يسهم هذا الموقع في تحقيق النجاح للمشروع. إذ إن اختيار موقع المشروع خصوصًا في المشاريع التجارية والخدمية الموجهة إلى جمهور محدد ، يعد أمرا في غاية الخطورة، والفشل فيه يعني فشل المشروع. بينما النجاح في اختيار المكان الأمثل للمشروع، يمنحه ميزة تنافسية عالية، مقارنة بمنافسيه الذين يختارون مواقعهم بطريقة عشوائية. وقد خضع تحديد الموقع الأنسب للمشروع لرؤى ووجهات نظر متباينة بالنسبة إلى العديد من الكتاب الإداريين فمثلا يؤكد شميز: على أن ما يحدد الموقع الأمثل للمشروع، مجمل عناصر النشاط التجاري والاقتصادي للمنطقة، مثل عناصر العرض والطلب، والسعر الخاصة بالمكان. بينما يرى الفريد ويبر: أن الموقع الأمثل للمشروع هو الأقل كلفة، حيث يتيح المجال للميزانية بتغذية متطلبات أخرى للمشروع. ويحصر الكاتب كرينهات مرئياته للموقع الامثل في أنه الذي يحقق أعلى الأرباح، حيث تتم الموازنة بين التكاليف الإجمالية، ومستوى العرض والطلب، وأسعار البيع النهائية. فيما ينظر الكاتب الإداري ايزرد للموقع الامثل للمشروع من زاوية اخرى، اذ يعده الموقع الاقل كلفة والاسهل وصولا إلى المستهلك. ومع ذلك هناك جملة من المعايير ينبغي أخذها في الاعتبار عند اختيار موقع المشروع وترجيح بعضها على بعض وفقا لطبيعة المشروع وأهدافه وإمكانات المستثمر وقدراته التمويلية، وسنركز على المشروعات الصغيرة والمتناهية الصغر حيث تتأثر كثيرا بالموقع. فمن المعايير المهمة لاختيار مكان هذه المشروعات ان يكون موقع مبنى المشروع في (شارع- منطقة) يتوافر فيها أو بمحيطها أو قريب منها عدد كاف من السكان المستهدفين من المشروع. حيث يُعد تمركز المشروع بالقرب من العملاء عاملاً إيجابيا للطرفين؛ فهو يحقق سهولة وصولهم إلى المشروع بأقل كلفة، وأقل زمن، وييسر عملية نقل طلباتهم من البضائع أو الخدمات التي يقدمها المشروع إلى مساكنهم. كما ينبغي قبل اتخاذ القرار على الموقع المراد اعتماده كموقع للمشروع، ينبغي دراسة السوق في هذا الموقع وملاحظة كم عدد المشروعات المماثلة أو المقاربة الموجودة في نفس المكان أو قريبا منه؟ وما الوضع الحالي لها (ركود، انتعاش)؟، وتسأل نفسك هل مشروعك سيكون بمستوى المشروعات المماثلة القائمة أم دونها أم أفضل منها؟ وعليك ان تأخذ في الاعتبار أن هذه المشروعات التي سبقتك في هذا الموقع استطاعت أن تبني شبكة علاقات مع سكان المنطقة، وأن تخلق لنفسها مزايا خاصة عند زبائنها، فهل مشروعك سيقدم شيئا أكثر تميزا منها بحيث يجذب انتباه زبائنها؟، فإن كان السوق يشهد انتعاشا وأن الطلب مرتفعا ويستوعب العديد من المشروعات المماثلة لمشروعك، فهذا عامل محفز لتوطين المشروع في هذا الموقع. اما لو أن دراستك للسوق قد أوصلتك إلى ان المشروعات القائمة تعاني من الركود، فعليك البحث في اسبابه، فيما إذا كان ناجما عن مؤثرات موضوعية عامة تؤثر على الجميع بما فيها مشروعك فيما لو أقمته بنفس الموقع، أم انها مشكلات ذاتية خاصة بتلك المشروعات، وبإمكان مشروعك عدم الوقوع فيها، بل تقديم بديل افضل لها. كما ينبغي الانتباه إلى المستوى المعاشي لسكان المنطقة، ومن ثم طبيعة ونمط طلبهم على السلع والخدمات، فمثلا ليس من المعقول ان نقيم مشروعا تجاريا لبيع الملابس المستوردة ذات الأسعار الباهظة (من النوع الذي اعتاد الناس تسميته الماركات) في منطقة شعبية ذات مستوى دخل منخفض أو حتى متوسط ، كما ليس من المعقول ان نقيم مطعما للأكلات الصينية أو الفرنسية في مناطق كهذه، ولا نفتتح محلا متخصصا في بيع السيارات الفاخرة. كما ينبغي اخذ البيئة الطبيعية في الاعتبار في المنطقة المراد افتتاح المشروع فيها، اذ ليس من المناسب ان نفتتح مشروعا متخصصا في بيع الملابس الثقيلة في منطقة حارة في اغلب اشهر السنة. والامر ذاته فيما يتصل ببيع مستلزمات البحر والصيد والرحلات البحرية في مدينة صحراوية. ولمعايير اختيار موقع المشروع بقية في مقال قادم بعون الله. ‭{‬ أكاديمي وخبير اقتصادي

مشاركة :