الخريبة تاريخ يحتضن محلب الناقة ومقابر الأسود

  • 8/1/2019
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

بعيدا عن صخب المدن تنطلق في رحلة “الهدوء” بحثا عن التاريخ الموغل في القدم، وقبل أن ترهق تفكيرك بالبحث تأتيك ذكري الخريبة ، على طبق من الآثار والمنحوتات، وتعد الخريبة من أجمل وأهم المواقع الأثرية في العلا , وتقع في شمالها الشرقي، وتمتاز بجبالها ذات اللون الأحمر وأصبحت بطبيعتها الجاذبة، وآثارها الرائعة لوحة جمالية مفتوحة للزوار ووجهة سياحية رئيسية، ويوجد به مشروع للهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، يتضمن إنشاء مركز للزوار، وقاعة للعرض المرئي ، ومركزاً للأبحاث ، وممرات حجرية ولوحات إرشادية وتعريفية تضم معلومات وصور عن تاريخ الموقع وآثاره. وموقع الخريبة هو جزء من أطلال مدينة دادان القديمة، وهي حاضرة مملكة دادان العربية ثم مملكة لحيان التي أعقبتها في حكم المنطقة، وقد برزت سيادة دادان على المنطقة خلال القرن السابع قبل الميلاد، وامتد نفوذها إلى كثير من المواقع المجاورة، في حين امتد نفوذ مملكة لحيان من القرن السادس قبل الميلاد إلى القرن الثاني قبل الميلاد، ودلت الشواهد الأثرية على فترات متفاوتة تجمع بين القوة والضعف لهذه المملكة التي حكمت معظم أنحاء شمال غرب الجزيرة العربية. وتحوي الخريبة على عدد من المواقع الأثرية من أهمها “مقابر الأسود ” و”محلب الناقة ” كما توجد عدد من النقوش والصخر المنحوت، والآثار المتناثرة في الموقع، وقد وثقت النقوش في الخريبة الأوضاع الاقتصادية والسياسية والدينية والاجتماعية للحيانيين. ويجري فريق من هيئة السياحة والتراث الوطني وجامعة الملك سعود تنقيبات في الموقع الذي يحوي آثار مطمورة للمدينة. وكانت الخريبة أول موقع يزوره الأمير تشارلز ولي عهد بريطانيا في زيارته التي قام بها مؤخرًا للعلا. وبخصوص الأعمال التنقيبية فبعد عمل بورتن بمائة وخمسة وعشرين سنة ارسلت وكالة الآثار والمتاحف السعودية عام 1978م فريقًا أثريًّا بإشراف جارث بودن؛ لينفذ حفريات في خيف الزهرة في وادٍ معتدل. ويعد موقع الخريبة «دادان» من المواقع القديمة التي نالت اهتمام الباحثين منذ وقت مبكر فبداية بالجيلوجي رتشارد برتون الذي يعد أقدم من نفذ حفريات آثارية، وبدأت على مستوى الرسائل العلمية جهود الباحثين السعوديين عام 1966م عندما أنجز الدكتور عبدالرحمن الطيب الأنصاري رسالته لدرجة الدكتوراه عن النقوش اللحيانية، ومن بعده أنجز الدكتور عبدالله محمد نصيف رسالته لدرجة الدكتوراه عام 1402هـ، عن الآثار في محافظة العلا، ثم أنجز حسين أبو الحسن دراسة لنقوش جبل عكمة لنيل درجة الدكتوراه، ثم نفذ الدكتور عوض الزهراني حفرية في موقع من مواقع الواحة للحصول على مادة لأطروحته لدرجه الدكتوراه. وتتميز الخريبة بجبالها ذات اللون الأحمر القاتم، والتي أصبحت متحفا مفتوحا من خلال ما عثر فيها من نقوش لكتابات ورسومات توثق للحضارة اللحيانية التي عاشت في شمال غربي الجزيرة العربية، وحكمت المنطقة قبل القرن السادس قبل الميلاد. وتؤكد آثار الاستيطان البشري وبقايا الآثار المعمارية التي عثر عليها في موقع الخريبة، أنه كان يمثل مركز مملكة لحيان، حيث يضم الموقع مباني حجرية، تمثل بقايا وأطلال عاصمة مملكة دادان ولحيان. نقوش قديمة وتنتشر بالموقع العديد من النقوش الدادانية واللحيانية والمعينية التي ورد فيها ذكر لأسماء الأشخاص والقبائل، وتم تسجيل (108) مواقع للنقوش والكتابات القديمة والإسلامية في محافظة العُلا ومحيطها الجغرافي، ويعد جبل عكمة وجبل وأم دراج، أكبر مواقع النقوش اللحيانية التي تضم معلومات عن حياتهم الاقتصادية والاجتماعية والسياسية. كما عثر بموقع الخريبة على عدد وافر من الفخار، والمنحوتات الحجرية التي تُظهر تأثير المناطق الحضارية المجاورة في مصر وبلاد الرافدين، مما يؤكد دور العُلا كنقطة التقاء بين حضارات الشرق الأدنى القديم.وكشفت الحفريات الأثرية في موقع الخريبة عن قصر مربع الشكل له سور منيع وأربعة أبراج، وعثر بداخل القصر على نقش بالخط الكوفي، مما يدل على إعادة استخدام القصر خلال الفترة الإسلامية المبكرة. تلال أثرية يقول عالم الآثار الدكتور حسين ابوالحسن في دراسة له عن موقع الخريبة: «تعود الخريبة للحضارة اللحيانية وأقدمها، وإذ إنها تمثل جزءاً من (دادن) التي كانت عاصمة مملكة ديدان ولحيان ويضم الموقع مجموعة من التلال الأثرية منتشرة في الموقع تم التنقيب في جزء منها (المنقطة الواقعة بالقرب من الحوض الدائري المحفور في الصخر) وكشفت نتائج الحفريات عن منشأة دينية بالإضافة إلى كم كبير من المعثورات والنقوش الكتابية والمجامر، وكسر الأواني الفخارية». وأظهرت الأعمال الأثرية في جنوب الجزيرة العربية وشمالها أن مملكة لحيان قد عاشت كشعب في شمال الجزيرة العربية، وامتد سلطانها حتى شمل معظم أجزائها الشمالية، وقد توسعت من الخريبة حتى شملت مدينة العلا بحجمها الحالي جنوباً، وامتدت حتى قبيل مدائن صالح (الحجر شمالاً)، وهذا ما استدله العلماء من انتشار الكتابات اللحيانية في المنطقة؛ مثل: جبل الخريبة، وجبل عكمة، ووادي ساق، وتلعة الحمادي، وأبي عود وغيرها. وقامت الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني بأعمال تطوير في موقع الخريبة، تضمنت إنشاء مركز .زوار الخريبة، وهو يحوي قاعة لكبار الزوار، وقاعة للعرض المرئي، إضافة إلى إنشاء مركز للأبحاث، وتنفيذ ممرات حجرية في الموقع، كما زود الموقع بلوحات إرشادية وتعريفية تضم معلومات وصور عن تاريخ الموقع وآثاره.

مشاركة :