شارك الآلاف من السودانيين في تظاهرات الخميس استجابة لدعوة قادة الاحتجاج إلى مسيرات “مليونية” تنديدا بمقتل ستة متظاهرين في الأُبيّض وسط البلاد. وتأتي المظاهرات قبل ساعات قليلة من انطلاق المفاوضات المباشرة بين المجلس العسكري وتحالف الحرية والتغيير، بعد نجاح اللجنة المشتركة في تذليل جانب كبير من الخلافات حول وثيقة الإعلان الدستوري. وبدا الطرفان حريصان على التوصل لاتفاق في ظل إدراك لخطورة الموقف مع وجود قوى تتصدرها أطراف محسوبة على النظام المعزول تحاول إثارة الفوضى. وقد حذّر بيان للجنة العمل الميداني بقوى إعلان الحرية والتغيير، فجر الخميس من أنه وصلتها معلومات بأن “عناصر النظام البائد وزّعت أسلحة نارية على عناصرهم المزروعة، وسط مجموعات الثوار لافتعال العنف وإطلاق الرصاص على المدنيين والقوات النظامية”. وحمل ذلك البيان المجلس العسكري مسؤولية أي انحرافات بما أنه المسؤول عن حماية المدنيين وأمنهم. وقتل الاثنين ستة أشخاص، بينهم أربعة طلاب مدارس ثانوية وأصيب أكثر من 60 بالرصاص أثناء تظاهرة ردا على شح الخبز والوقود في الأُبيّض كبرى مدن ولاية شمال كردفان. ودعا تجمّع المهنيين الذي أطلق الاحتجاجات، أنصاره إلى تظاهرات حاشدة في أرجاء البلاد الخميس تحت شعار “القصاص العادل” لضحايا الأُبيّض. وعلى الإثر، شارك محتجّون في عدة تظاهرات في حيي بحري وبري في الخرطوم وفي أم درمان المدينة التوأم للعاصمة.وحمل العديد منهم أعلام السودان وصورا للضحايا وسط هتافات “الدم بالدم لا نقبل الديّة” و”وين (أين) لجنة التحقيق”. كما خرجت تظاهرات في الأُبيّض حيث سقط الضحايا، وفي مدينة بورتسودان الساحلية على البحر الأحمر وفي ولاية النيل الأزرق (شمال) وفي مدينة مدني في وسط البلاد. وأثار مقتل الطلاب في الأُبيّض تنديدا دوليا، مع مطالبة اليونيسف بفتح تحقيق. واتهم الفريق جمال عمر رئيس لجنة الأمن والدفاع بالمجلس العسكري الانتقالي في مؤتمر صحافي مساء الأربعاء أفرادا من قوات الدعم السريع في المدينة بقتل المتظاهرين الطلاب. وسعت بعض قوى الحرية والتغيير المتحفظة على الاتفاقات التي جرت مع المجلس العسكري إلى استثمار حادثة الأُبيّض، بيد أنها تراجعت على ضوء موقف الوساطة الأفريقية الصارم بشأن ضرورة الالتزام بالتوصل لاتفاق بشأن الإعلان الدستوري، فضلا عن توفّر دلائل عن وجود مخطط لإعادة المشهد إلى المربع الأول، وهو ما أعاد تصويب المسار بالعودة إلى طاولة المحادثات. ويشير المراقبون إلى أنه رغم قتامة المشهد هناك نفس إيجابي يمكن أن يفضي إلى توقيع قريب على الوثيقة الدستورية، خاصة وأنه تم التوصّل إلى توافق بشأن العديد من النقاط لجهة صلاحيات المجلس السيادي والحكومة الانتقالية. وأكد قيادي في “قوى الحرية والتغيير”، في وقت سابق وجود تطابق بالرؤى بين التحالف المدني والمجلس العسكري حول الوثيقة الدستورية. وقال ساطع الحاج في مؤتمر صحافي “تم الاتفاق مع المجلس الانتقالي على المسائل الأساسية في مسودة وثيقة الدستور”، وأيضا “اتفقنا على عدم وجود حصانة مطلقة ولكنّها إجرائية فقط”. وأكد أنّ الجانبين اتفقا على السابع من أغسطس كموعد أقصى للتوقيع على الوثيقة الدستورية، مشدّدا على أن التطلع الآن ينصبّ على قرب تشكيل مؤسسات المرحلة الانتقالية.
مشاركة :