قبل فترة سألت أحد الأشخاص في هيئة أمناء إحدى الجمعيات التعاونية عن كمية المواد التالفة سنوياً بسبب انتهاء صلاحيتها أو فسادها مثل الفواكه والخضراوات واللحوم، فأجاب بأن الكمية التقريبية تتراوح بين طنين إلى خمسة أطنان! فإذا افترضنا وجود سبعين جمعية تعاونية في الكويت - حيث توجد تقريباً في كل منطقة على الأقل جمعية واحدة - وكان عدد التالف في كل منها طنين من المواد الغذائية المجموع سيكون مئة وأربعين طنا! طبعاً هذا بغض النظر عن الكميات التي تتلف في البيوت من الفواكه والخضراوات، والمواد التي تنتهي صلاحيتها فترمى جميعها في القمامة بشكل يومي. هذا بالإضافة الى وجود مجمعات تعج بالمواد الغذائية والاستهلاكية ولها تالفها.فكرة الإنتاج الضخم أو الـMass Production من الأفكار الأساسية في الرأسمالية والاستهلاكية، والتي تسعى إلى زيادة الإنتاج بشكل ضخم، وبالتالي زيادة الاستهلاك، وبالنتيجة زيادة رأس مال كبار التجار وأصحاب الأسهم في الشركات الكبرى.ولكن ماذا يحصل للأرض في ظل الرأسمالية التي لا تبقي ولا تذر وتفسد البر والبحر؟ ولماذا لا يوجد اهتمام أو تفكير في الأجيال المقبلة؟ طبعاً ما يعطينا بصيص من الأمل للأرض هو أن هذا الوضع غير موجود في جميع العالم، وربما يكون منحصراً في الكويت، حيث لم أشاهد هذه الجمعيات حتى في دول الخليج، التي هي من أكثر الدول الاستهلاكية في العالم.لكن في الكويت هل دولة يسكن فيها أربعة ملايين نسمة تحتاج إلى هذه الكميات المهولة من المواد الاستهلاكية؟ ناهيك عن أسواق الملابس التي قد تغطي حاجة الشرق الأوسط كلها، وهي بدورها ضرر آخر لأمنا الأرض.أعلم أن هذه المقالة لن يكون لها أثر على التجار ولن يقللوا كمية المواد الاستهلاكية وسنشاهد كل فترة افتتاح مجمع جديد وسوق استهلاكي جديد، واضافة جديدة لقائمة التجار أو رصيدهم البنكي فآخر هم الكثير من التجار هو المستقبل والأجيال المقبلة فما بالك بكرة الأرض.لكن... هل المؤسسات الخيرية واللجان والهلال الأحمر و...ألخ من العاملين في مجال المساعدات الإنسانية داخل الكويت وخارجها، بإمكانهم عقد اتفاقيات مع الجمعيات التعاونية لتوزيع هذه المواد، قبل أن تتلف داخل الكويت وخارجها على الدول المحرومة، حتى نصل إلى نوع من التوازن بدلاً عن الإتلاف؟وأما على مستوى الأفراد، الأسواق الاستهلاكية متوفرة بكثرة ولا تحتاج إلى سفر لمدة ساعة كي توفر هذه المواد، إذاً ليكن الشراء على قدر الحاجة، خصوصاً في الفواكه والخضراوات والألبان التي تفسد سريعاً. فالتخفيضات لا تعني أن تشتري أكثر من حاجتك ثم ترميها في القمامة. إذا قنّن الشعب استهلاكه فستضطر الأسواق إلى تقليل معروضاتها. لكن في حال وجود من يشتري لماذا تتوقف عن كسب المزيد من المال؟!
مشاركة :