تأكل الأخضر واليابس

  • 7/25/2020
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

محمد سعيد القبيسي نشهد اليوم تجليّات واضحة لما تنبّأ به الكثيرون منذ زمن طويل، فخلال أزمة «كورونا» برزت مواقع إلكترونية تختص ببيع كل شيء، منها أحد المواقع الشهيرة الذي يعد من أكبر متاجر البيع عبر الإنترنت، والذي خطف الأضواء وأصبح اليوم ناراً تأكل الأخضر واليابس، وأضخم شركة تسيطر على التجارة الإلكترونية حول العالم، مهدّداً مصالح التجار، وأصحاب المحال التي تُعنى ببيع منتجات محددة.فعندما تتيح للمشتري كل شيء في مكان واحد، فكأنك تدعوه علانية لأن يدير ظهره لكل المتاجر الأخرى، ويعتمد متجرك كمصدر رئيسي، ووحيد، لتلبية احتياجاته الشخصية، والعملية، والأسرية، وبالتأكيد، فإنه سيلبّي النداء طواعية، لتحظى بأعداد كبيرة من المشترين على حساب فقدان أصحاب المحلات والمتاجر المتخصّصة ببيع أشياء محدّدة لعشرات العملاء في المقابل، وهم بالكاد يجنون بعض الأرباح في أحسن أحوالهم.لذلك، لا بد لنا من وقفة عالمية لمواجهة هذه المواقع التي تحاول احتكار السوق، والهيمنة على الاقتصاد العالمي، وافتراس الشركات الصغيرة، من خلال وضع شروط صارمة تمنع تقديم كل شيء ضمن موقع واحد، بحيث يُسمح لأي موقع ببيع منتجات معينّة، ومحدّدة، في مجال واحد، فحسب، حتى نترك المجال مفتوحاً أمام الجميع فتتساوى الفرص، وحتى لو تم ذلك لا ندع الاحتكار لموقع واحد فقط، بل عدة مواقع حتى لا يتم التحكم في السوق، وأن تكون محلية، وليست من الخارج.كما ينبغي إتاحة مواقع لجميع للوكلاء والموزعين لكي يبيعوا خدماتهم عبرها، وعدم السماح لفرد، أو مجموعة أفراد، بالتحكم في الأسواق العالمية، والسيطرة على الاقتصاد الدولي، كأنهم أسماك قرش تلتهم تلك الأسماك الصغيرة التي تقتات على الفتات، وتحاول العيش بسلام.نستثني بحديثنا هذا المواقع الإعلانية التي تتيح للأفراد بيع ممتلكاتهم على اختلافها، لأنها تتيح بعض المكاسب المادية التي تشترك في جني ثمارها مختلف شرائح المجتمع، وبالتالي فهي لا تحتكر الأسواق، ولا تدخل السيولة المالية التي تتأتّى من عرض المنتجات المختلفة عليها، وبيعها إلى جيب شخص واحد، أو شركة معينة من دون غيرها.اليوم نحن نتجه إلى كل ما هو إلكتروني في حياتنا، واحتكار أمثال هؤلاء لكثير من السلع التي يحتاج إليها الناس في المجتمعات قد تدخل فيها السياسة، لذلك لابد من التصدي لهذه المواقع التي تحاول فرض هيمنتها، واحتكار السوق بتقديمها كل شيء، ووضع حدّ نهائي لوجودها الذي يهدّد مصالح الجميع من حولها، وتشجيع المواقع المحلية على أن تكون متخصصة بسلع معينة، وليس بكل شيء. uaeall@hotmail.com

مشاركة :