محللون أميركيون: أردوغان يتعمد إذكاء مشاعر العداء للغرب بين مواطنيه

  • 8/2/2019
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

أكد محللون سياسيون أميركيون أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يتعمد إذكاء مشاعر العداء للغرب بين مواطنيه، في محاولة لإنقاذ شعبيته المتدهورة ووضع حد لتراجع الدعم الشعبي الذي كان يحظى به حزبه «العدالة والتنمية»، وهو ما تجسد في الخسائر الكبيرة التي تكبدها الحزب في الانتخابات البلدية الأخيرة. وقال المحللون إن الصدام الراهن بين نظام أردوغان والإدارة الأميركية بسبب إتمام أنقرة صفقة الصواريخ الروسية المتطورة للدفاع الجوي من طراز «إس - 400»، إضافة إلى الأزمة القائمة بين هذا النظام والاتحاد الأوروبي على خلفية عمليات التنقيب التركية غير المشروعة في مياه البحر المتوسط قبالة سواحل قبرص، يمثلان أحدث نتائج «سنوات من تراكم المشاعر المعادية للغرب بوتيرة متسارعة، إثر أسلوب أردوغان وتصرفاته». وفي مقال نشره موقع «ذا دايلي سيجنال» الإلكتروني الأميركي ذو التوجهات المحافظة، شدد المحللان البارزان جيمس فيليبس ومايكل جونز الابن على أن ما يقوم به الرئيس التركي على هذا الصعيد حوله إلى «أقل من حليف» وأشبه بـ «صديق - عدو» للغرب خلال السنوات القليلة الماضية. وأشار الاثنان إلى أن أردوغان جعل من مناسبة إحياء ذكرى الانقلاب الفاشل، الذي كاد أن يُسقط حكمه في منتصف عام 2016، إلى «مناسبة للاحتفاء بالقومية التركية» بشكل فج. وقالا إنه أجج تلك المشاعر خلال إحياء الذكرى هذا العام، عبر بدء تسلم مكونات الصواريخ الروسية، على الرغم من كل مطالبات إدارة الرئيس دونالد ترامب له بالتراجع عن ذلك، في ضوء أن هذه الصفقة تُوّلِدُ «ضغوطا هائلة على العلاقات بين تركيا والولايات المتحدة». واعتبر المقال أن ما يحدث حاليا بين البلدين بفعل السياسات الطائشة لأردوغان، يشكل «نهاية مؤسفة لسلسلة من المؤشرات التي توالت من جانب أنقرة» طيلة الشهور الماضية، وأكدت تشبثها بالصفقة المثيرة للجدل الخاصة باقتناء تلك الصواريخ، التي صممها الروس لإسقاط المقاتلات التابعة للدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي «الناتو». وشدد الكاتبان على أن صواريخ ال «إس - 400» ستشكل «خطراً واضحاً وآنيا على الأمن القومي الأميركي عند نشرها على الأراضي التركية»، قائلين إن مكمن هذا الخطر يتمثل في أن وجود هذه المنظومة الصاروخية سيكشف النقاب عن قدرات التخفي التي تتمتع بها مقاتلات «إف - 35» الأميركية، وهي الطائرات الحربية التي تسعى تركيا في الوقت نفسه - وبغرابة شديدة - لشرائها، وهو ما ترفض الولايات المتحدة بشدة القيام به. وبرر فيليبس وجونز الابن هذا الموقف الأميركي الرافض، بحرص وزارة الدفاع «البنتاجون» على حماية «أسرار أهم مكونات الترسانة العسكرية للولايات المتحدة»، مؤكدين أن الكثير من «التدابير العقابية قد تُفرض قريبا على تركيا، بموجب قانون مكافحة أعداء أميركا من خلال العقوبات الذي أُقر عام 2017، ويشمل عددا كبيرا من الخيارات المحتملة الرامية لمعاقبة الدول التي تشتري أسلحة من روسيا». وأشار المحللان المخضرمان إلى أن العقوبات الأميركية المرتقبة ستُضاف إلى الإجراءات العقابية التي أقرها الاتحاد الأوروبي مؤخرا على النظام التركي، بسبب انتهاكه السيادة القبرصية في البحر المتوسط، وهي تدابير شملت اقتطاع نحو 146 مليون يورو (نحو 162.6 مليون دولار) من مبالغ تابعة لصناديق أوروبية كان من المفترض أن تُمنح لأنقرة خلال العام المقبل، بجانب وقف الحوار الثنائي رفيع المستوى، وتعليق المحادثات المتعلقة باتفاقية للطيران من المزمع إبرامها بين الجانبين. وشدد الكاتبان على أن عداء الرئيس التركي للغرب ومصالحه وقيمه لا يشكل مجرد «رطانة لغوية، إذ أن تركيا تواصل في الوقت الحاضر إحباط الأهداف الاستراتيجية للولايات المتحدة في سوريا، وتعقيد الجهود الرامية لحشد حملة دولية تستهدف احتواء إيران». وحذر المقال من أن الخطوات العلنية التي يتخذها أردوغان لفصم العلاقة بين بلاده وأميركا وغيرها من الحلفاء في «الناتو»، ستكبد الاقتصاد التركي - المتعثر من الأصل - ثمنا باهظا، بفعل العزلة المتزايدة التي تعاني منها تركيا تدريجيا وتفصلها عن شركائها على الساحة الدولية، بسبب سياسات نظامها الحاكم. ودعا الكاتبان في النهاية إلى ضرورة أن تحرص الإدارة الأميركية في تعاملها مع الرئيس التركي على «معاقبته على سياساته الضارة، دون قطع علاقات تركيا بالناتو نظرا إلى أن أردوغان لن يظل حاكما للأبد، على الرغم من أنه يريد ذلك بشدة». وأشارا في هذا الشأن إلى أن «الهزيمة الدراماتيكية لحزب أردوغان في إسطنبول، تُظهر أن الدعم السياسي له يتآكل، وأنه سيواجه صعوبات أشد وأعقد في الانتخابات المقررة في المستقبل». وقال المحللان السياسيان الأميركيان إنه يتعين أن تعود تركيا في حقبة ما بعد أردوغان إلى الالتزام من جديد بدعم حلفائها الغربيين، بدلا من أن تُجبر - كما هو الحال الآن - على الارتماء في أحضان روسيا، والانجراف على نحو مستمر بعيداً عن الغرب.

مشاركة :