الكاردينال ساكو يكتب: الأرض أمُّنا.. والوطن هويتنا

  • 8/3/2019
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

"الأرض أمُّنا، وجزءٌ جوهريّ من كياننا. من دونها ما كنّا نكون، وأننا إليها عائدون لا محالة، ولأن الأرض مهمة فعليها صراعات.. الأرض لا تعود إلى الإنسان بل الإنسان يعود اليها “أَنَّكَ تُرَابٌ، وَإِلَى تُرَابٍ تَعُودُ" (تكوين 3: 19). الأرضُ اُمٌّ تجمعنا كلنا.. أنا ابن العراق ولست وافدا إليه، اُحبُّه وأحترمه، وأعمل لإدامة جمال طبيعته، كالنظافة والتشجير والحفاظ على تراثها، وثرواتها من مياه ومعادن وكائنات حية. من المؤسف أن ثمة اُناساً لا يشعرون بعلاقتهم بالأرض وبأهمية حماية البيئة، إننا بحاجة إلى توعية شاملة.الأرض فضاءٌ مفتوحٌ، تُذكِّرنا بأشياء مهمة في حياتنا، فعلاقتنا مع الأرض هي علاقة مع كل ما يوجد عليها، والبقعة الجغرافية الصغيرة كالضيعة، والبلدة والمدينة تتحول الى أرض أكبر، هي الوطن، الذي يجمع كل أبنائه من خلال روابط اللغة والتاريخ والمصير المشترك. الشِركة مع الارض لا يلغيها الموت، بل يغيّر حالتنا.الهجرة اقتلاعُ الجذورِ "من الوطن" وخصوصا عندما نكون فيه أهل الأرض. في غير أرضنا، نحن غرباء. أرضنا اُمٌّنا، وعندما نغادرها نفقد الصلة بها. التمسك بالأرض – الوطن من الإيمان. "واذا ُترِكَت الأرض راحت". أزمات الوطن عديدة، لكن الظلم لا بد أن يَعبُر، إني لا اُريد أن أتستَّر على الظلم الذي تعرض له العراقيون عامة، والمسيحيون والأقليات الأخرى خاصة، من عمليات ترهيب وتهجير وقتل وتمييز وإقصاء واستيلاء على ممتلكاتهم أو إجبارهم على بيعها بأسعار بخسة، لكن الأمل باقٍ، ينبغي أن نتمسك به ونغذيه ليكبر وينتشر.. إن عافية كنيستنا الكلدانية والسريانية والآشورية هي قبل كل شيء في أرض آبائنا وأجدادنا. وبصمودنا وتمسّكنا بها، نحافظ على تاريخنا وحضارتنا وثقافتنا ولغتنا وهويتنا. فعائلة الناصرة (يوسف ومريم ويسوع) هاجرت إلى مصر بسبب الظروف، لكنها عادت واستقرت في الناصرة!عندما نتلو صلاة "أبانا الذي في السماوات لتكن مشيئتك كما في السماء كذلك على الأرض"، نَقرُّ بأن إلهنا هو إله كل الخليقة وأنه "رأَى ذلك حَسَنٌ"(تكوين 1: 4). لذا نحن مدعوون للشهادة بجمال الحياة والكون، ورفع الشكر لله من أجل ذلك، وأن نُسهم بفعّالية في تقدم البلاد، يجب أن نجعل العراق أرض المحبة والإخاء والعيش المشترك.. ونحن المسيحيين ينبغي أن نبقى متجذّرين في أرضنا ونتواصل بشجاعة مع إخواننا المسلمين في حمل شعلة الإخوّة والمحبة والتسامح والحرية والكرامة، كما جاء في وثيقة "الإخوَّة البشرية" التي وقَّعها البابا فرنسيس وشيخ الأزهر د. أحمد الطيب.

مشاركة :