قيامة المسيح، لا تعني عودته إلى حياته السابقة مثل قيامة لعازر (يوحنا فصل 11) وابنة يائروس (لوقا 8/40-56)، بل إلى حياة من مستوى آخر، إلى حياة ممجدة.. ونرجو ان يكون الأمر كذلك بالنسبة لنا وللبشرية جمعاء.. قيامة المسيح هي قيامة شخصه، التي نحتفل به، وهي سبب فرح كبير وتعزية لنا. عيد القيامة مناسبة لتعميق الايمان بالله والثقة به والتجاوب معه في حياتنا. قيامة المسيح "وتَواصله معنا" بأشكال متنوعة، خصوصًا بحضور "الروح القدس"، علينا ان نكتشفه، ونقبله ليمنحنا العزاء والرجاء في وسط متاعبنا وهمومنا وقلقنا لاسيما في زمن جائحة كورونا. قيامة المسيح هي المركز الأساس في إيماننا المسيحي وتوجهنا “ان لم يكن المسيح قد قام كرازتنا باطلة” (1 قورنتية 15/14). انها الوقت المميز لإعطاء المجال للروح القدس ليعمل في تنقيتنا وتجديدنا. حياتنا حجٌّ لنزع ثياب الخطيئة والفساد من فكرنا وقلبنا وللتجلي من خلال الاستماع بشوق إلى كلمات يسوع في الإنجيل وعيش حياة صداقة معه ومع بعضنا البعض. هذا التغيير هو بمثابة ولادة جديدة. يقول الرسول بولس في الرسالة إلى أهل فيليبي: “مِن أَجلِه خَسِرتُ كُلَّ شَيء وعدَدتُ كُلَّ شَيءٍ نُفاية لأَربَحَ المسيحَ وأَكونَ فيه فأَعرِفَهُ وأَعرِفَ قُوَّةَ قِيامتِه والمُشاركة في آلامه فأَتمثَّلَ بِه في مَوتِه” (فيليبي 3/ 7- 10). الاتباع هو مفتاح الحب والقيامة. اننا نحتاج إلى التغيير- القيامة، ويسوع هو النموذج ونحوه ينبغي أن نصوِّب نظرنا. "هذا هو ابني الحبيب: اسمعوا له" هو من سيقودنا إلى الأعلى. فيسوع قد إختبر مثلنا الألم والموت وخيانة الآخرين، لكنه لم يستسلم، فارتقى إلى مستوى آخر من جمال الحياة _ القيامة. لذلك يهتم اللّه بألا نموت روحيًا ويسعى لخلاصنا لأننا أبناؤه وبناته. هذا يتطلب من الإنسان استعدادًا كاملًا من خلال إهتداء حقيقي للقلب، كما يخبرنا الإنجيل بقصة زكا الخاطيء واستقباله ليسوع في قلبه قبل بيته. أمام هذا التغيير الجذري أعلَن يسوع ان صار الخلاص لهذا البيت (لوقا 19/1-10)، هكذا حصل لمريم المجدلية الخاطئة. وهذه العلاقة والصداقة الوجدانية جعلت يسوع يُحمِّلها نقل بشرى قيامته إلى تلاميذه (يوحنا 20/11-18). جاء في موشحات سليمان “لاني أحبّ ذلك الابن، صرتُ إبنًا. من إنضمَّ إلى من لا يموت، صار هو أيضًا غيرَ مائتٍ. ومن يَسُرُّ بالحياة يُصبح حيًّا” (موشحات ص 97). كذلك يقول يوحنا الدلياتي: “يا من تحبُّ الله.. انظر اليه بالدهشة التي تُحدِثُها عظمته فلا تموت” (الرسالة 50/17). قيامة المسيح دعوة لإعادة التفكير في مسيرتنا ومصيرنا لكي نصوبها اليه لنختبر الصداقة معه، ونعيش بنقاوة وسلامة ومحبة وأمانة وخدمة وصبر بعيدًا عن الأنانية. لنتذكر قول الملاك للنسوة الذاهبات لزيارة قبر يسوع: "لِماذا تَبحَثنَ عن الحَيِّ بَينَ الأَموات؟ إِنَّه لَيسَ ههُنا، بل قام. أُذكُرنَ كَيفَ كَلَّمَكُنَّ إِذ كانَ لا يَزالُ في الجَليل" (لوقا 24/5-6). لذا لا يتعين علينا اليوم ان نبحث عن الذين “فقدناهم” بين الموتى ولا نبكي عليهم ونحزن، بل علينا أن نتعزّى بان الله اقامهم إلى الحياة الكاملة، وان بركة الله ورحمته وغفرانه هي للجميع، أليس هذا ما بشر به المسيح؟ وكما قال البابا أثناء زيارته للعراق ولقائه بالاكليروس الكاثوليكي في كاتدرائية سيدة النجاة في 5 مارس 2021" لا نيأس، لنرجو، لنثابر بفرح الإنجيل" قيامة مباركة وحياة في غاية الفرح والسعادة.
مشاركة :