الأوطان لا تبنى من المكاتب.. - أيمـن الـحـمـاد

  • 4/17/2015
  • 00:00
  • 11
  • 0
  • 0
news-picture

حققت الطفرة في المملكة بحبوحة للكثير من الناس، وخلقت فجوة في التعامل مع ما أوجده المال والرخاء، فتبدلت حياة الناس وأفكارهم وحققوا انتقالاً كان يفترض أن يصلوا إليه في عقود وإذ هم يحققونه في بضع سنوات. فأصبح الناس يأنفون من الأعمال البسيطة وأصبحت طموحاتهم لا تواكب مهاراتهم، فالكل يريد أن يعمل من مكتبه وكأن الوطن يبنى من على طاولة وليس في ميادين العلم والتعلم والبيع والشراء. المكاتب لا تبني وطناً، بل تُخلف جيلاً من المتواكلين المترهلين. في كوريا الجنوبية وإبان الطفرة كان يطلب من مواطني المدن والقرى أن يقدموا لمنطقتهم ما تستحق لتقدم لهم الدولة الكهرباء والماء والخدمات، واليوم نحن نحظى بتلك الخدمات بمبالغ رمزية ولا نقابل وطننا بأي شيء يستحقه. إن تقدم البلاد ليس صنيعة الحكومة بشكل كامل بقدر ما هو شراكة بين الجانبين. المواطن اليوم الذي يرى كيف أصبحت الشركات العائلية محركاً مهماً في الاقتصاد السعودي عليه أن يعرف أن من بنوا تلك الإمبراطوريات المالية لم يعطوها عطية أو يكتشفوها كنزاً مخبأً بقدر ما كان الجهد والمثابرة عنواناً رئيساً في حياة مليئة بالعرق والتعب. اليوم نتذمر عندما نقارن أنفسنا بالدول المتقدمة، ونصاب بحالة من اليأس والقنوط، بأننا لن نصل لما وصلوا إليه في التقنية والتقدم التكنولوجي والصناعة، نتذمر ونحن العلة والدواء، لكننا لا نعرف ما نريد. نراهن اليوم أن في مقدورنا أن نصنع وننتج، إذا ما أردنا وخلعنا عباءة التكاسل والعيب الاجتماعي، وأخلصنا في حبنا لوطننا، كل المشروعات العملاقة بدأت وولدت في الميدان والورش ومن المعامل وليس من المكاتب؛ لقد صنع هنري فورد أول سياراته عام 1896م، وفولفو تأسست عام 1915، وشركة أبل التي تبهرنا كل يوم بتقنياتها التي لا نجيد إلا استهلاكها.. اقتصاديات الدول تبنى على هذه الأفكار والمنجزات، ألا يمكن أن نقدم لبلادنا ابتكاراً ينقلنا إلى حيث نفخر بإنتاج تقني، في عصر توفر المعلومة والمال، في هذا العصر الذي قلما تجد فيه غبياً. علينا أن نضع أمامنا تحدياً لنتجاوزه، وألا نلوم الوطن الذي لم يخترع أو يقدم، لأننا نحن من يقوم بذلك، فإما أن نكون آلة بناء أو هدم، ليس البناء أكوام الطوب والأسمنت، فهي كحقن "البوتكس" التي تخفي العيوب لفترة ثم لا تلبث حتى تنكشف الحقيقة المرة.

مشاركة :