لا شك أن تأدية مناسك الحج تفرض على الحاج عدداً من الأمور الصحية والبدنية، فهناك مصاعب السفر، والمشي أثناء تأدية الشعائر الدينية، وتقلبات الجو في المشاعر المقدسة أثناء فصل الصيف. ولا غرابة إذن أن يشعر العديد من الحجيج بالتعب والإرهاق نتيجة التعرض لطارئ التغيرات، كما أن ذلك قد يزيد الأعباء الملقاة على القلب والصدر أو الكليتين عند المصابين بمرض في هذه الأعضاء. ورغم الخدمات المتطورة والشاملة التي توفرها المملكة لضيوف الرحمن ودون مقابل بما فيها الخدمات الصحية، إلا أن العديد منهم يتردد في طلب الاستشارة الطبية، والتي يجب أن تبدأ قبل الشروع في المناسك. وعند الحديث عن رحلة طويلة وشاقة مهما تسهلت وتطورت الأساليب، يبرز سؤال مهم وهو الاستعدادات التي يجب على الحاج العمل بها في ثنايا ترتيبه لرحلة العمر، وفي حالة الإصابة بمرض مزمن ومنه مرضى الكلى يجب على الحاج التأكد من عدد من الأمور حتى لا يعرض نفسه لمضاعفات قد تؤثر على استمراره في المناسك فضلا عن تعريض حياته للخطر، وهنا ينبغي على المريض استشارة الطبيب المعالج فيما يتعلق باستطاعته أداء مناسك الحج بدون مضاعفات خطيرة على صحته، وفي حالة توافر الاستطاعة تجب مراعاة الأمور التالية لمريض الكلى والمسالك: 1 - إجراء فحص طبي سريري دقيق، مع بعض الفحوصات المخبرية اللازمة. 2 - التـزود بالقدر الكافي من الأدوية الضرورية التي تغطي فترة بقائه في الحج، مع مراعاة كيفية حفظها من التلف. 3 - التـزود بمجموعة من الإرشـادات الصحية المتعلقة بحالته. 4 - يحبذ مرافقة أحد الأقارب أو الزملاء بحيث يكون على علم تام بحالته الصحية والمضاعفات المحتملة وكيفية الوقاية منها والتعامل معها. 5 - إعداد سوار للمعصم يحتوي على البيانات الضرورية مثل: اسم الحاج، اسم الحملة التي يسافر معها أو أحد المرافقين، وأقرب هاتف للاتصال، مكان الإقامة، الحالة المرضية التي يعاني منها، فصيلة الدم، (ويجب على كل حاج أن يعرف فصيلة دمه وتسجيل ذلك في أوراقه الإثباتية)، وغير ذلك من البيانات المهمة التي تساعد على إسعافه في حالة حدوث مضاعفات لا قدر الله. 6 - أخذ التطعيمات الضرورية حسب إرشادات طبيبه. 7 - المحاولة قدر المستطاع أن تكون الفترة التي يقضيها في الحج أقصر ما يمكن لتجنب الإصابة بالأمراض الوافدة مع الحجيج، وكذلك عدم الاختلاط دون ضرورة مع غيره. 8 - تناول كمية كافية من السوائل إذا كانت حالته الصحية تسمح له بذلك. 9 - عدم تناول الأطعمة المعروضة بطريقة غير نظيفة. 10 - عدم التعرض لأشعة الشمس مباشرة بقدر المستطاع. حال مريض الكلى والمسالك البولية مع الحج: يمكن للمجهود البدني الكبير في أثناء أداء مشاعر الحج أن يكون له تأثير كبير على الكلى والمسالك البولية، فالإفرازات الناتجة عن الجهد العضلي عبارة عن سموم يتم التخلص لجزء كبير منها عن طريق إخراج البول، وفي حالة القصور أو الفشل الكلوي تتجمع هذه السموم داخل الجسم، ويصعب التخلص منها، وهذا بدوره يؤثر على حياة المريض وفي حالة الكلية السليمة فمن الممكن معالجة هذا الأمر بالسوائل، أما في حالة الفشل الكلوي فيحتاج المريض إلى غسيل كلوي (ديلزة) عاجلة ومستمرة لفترة طويلة. كما يجب التنبيه على أن مرضى الكلى بصفة عامة ضعيفو المناعة نسبيا، ونتيجة لما يبذلونه من جهد فقد يصابون بمختلف الالتهابات ويكونون عرضة لها أكثر من غيرهم سواء التهابات صدرية أو غيرها. هذه الالتهابات سواء البكتيرية أو الفيروسية، قد تؤدي إلى نقص السوائل وانخفاض الضغط أو عدم اتزان الأملاح، كما أن التعرض للنزلات المعوية والقيء والإسهال في حالة تناول أطعمة ملوثة يؤدي أيضا إلى انخفاض الضغط نتيجة نقص السوائل بشكل كبير، وقد يصاب المريض بانتكاسة شديدة في وظائف الكلى. وبما أن مرضى الكلى ليسوا على درجة واحدة من الاعتلال فإن تقرير القدرة على الحج من الناحية الطبية تحكمه حالة المريض الصحية: فإذا كان المريض يعاني من الفشل الكلوي الحاد ويشكو من أعراض مثل الغثيان والإقياء وفقدان الشهية، وكان مستوى البيلة الدموية (الكرياتينين) يتجاوز ضعف المستوى الطبيعي، أو كان مصاباً بمضاعفات مثل الارتفاع الشديد في ضغط الدم، أو فشل القلب، فلا ينصح بالسفر في مثل هذه الحالات، وينصح بتأجيل الحج حتى تستقر حالة المريض وتزول الأعراض. أما إذا كان المريض مصاباً بقصور خفيف في وظائف الكلى، ولا يشكو من أعراض الفشل الكلوي، وكان ضغط الدم طبيعياً ولا يشكو من وذمة (تجمع سوائل) في الساقين، أمكنه السفر للحج، وينصح في هذه الحالة بالإكثار من السوائل، والإقلال من اللحوم والمواد البروتينية. وإذا كان ضغط الدم مرتفعاً، فينبغي على المريض الاستمرار في تناول أدوية ارتفاع ضغط الدم والمتابعة مع طبيبه. إذا كان المريض مصاباً بمرض الفشل الكلوي المزمن ويحتاج إلى غسيل الكلى (الديلزة)، فعليه أن يحجز مكاناً في أقرب مركز للكلى الاصطناعية لإجراء غسيل الكلى مرتين أو ثلاث مرات أسبوعياً أثناء فترة الحج. فإذا لم تتوافر جلسات غسيل الكلى، فإن المريض يتعرض لمخاطر كبيرة قد تودي بحياته، ولهذا تسقط عنه الفريضة إن لم يتمكن من توفير ذلك، ويستثنى من ذلك مرضى الغسيل البيريتوني إذ يمكنهم عمل الغسيل بأنفسهم دون الإشراف الطبي أثناء الغسيل. أما مرضى زراعة الكلى فلا يفضل أن يحجوا إلا بعد سنة على الأقل من الزراعة، والاحتياط بأخذ التطعيمات اللازمة وأخذ موافقة الطبيب المشرف على حالته. والمرضى المصابون بحصيات الكلى أو المسالك البولية ينصحون بالإكثار من السوائل، وينصح بتأجيل السفر إذا كان هناك انسداد في الحالب نتيجة وجود حصوة فيه مع وجود مغص كلوي متكرر، وفي هذه الحالة يمكن للمريض أن يسافر بعد فترة من استخراج الحصوة جراحياً. والمرضى الرجال المصابون بتضخم البروستات، فيمكنهم الحج بشرط الالتزام بأخذ الأدوية الموصوفة لعلاج التضخم بكل أنواعها، كما ينصحون بأخذ قدر كاف من السوائل وعدم حبس التبول حال الإحساس به. كما يجب عليهم تجنب الإمساك والإكثار من تناول الألياف والورقيات. هذه بعض الإرشادات العامة أرجو من الله العلي القدير أن تكون فيها الفائدة، كما أسأله سبحانه أن يتقبل من الجميع طاعاتهم، وأن يجعل حجهم مبروراً وسعيهم مشكوراً. الاستشارة الطبية يجب أن تبدأ قبل الشروع في المناسك أخذ التطعيمات الضرورية حسب إرشادات الطبيب
مشاركة :