حقائق وأساطير عن "حمية" الفلفل الحار

  • 8/4/2019
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

لو ثمة دليل واحد قوي على قدرة الفلفل الحار على تخفيف الوزن وجعل من يتناوله يتمتع بصحة جيدة وجسم رشيق، فمن المؤكد أنه سينفد من قائمة مبيعات الأغذية. لكن البعض من الأبحاث تقول إن المركب الرئيسي النشط في الفلفل الحار هو مادة الكابسيسين التي تساعد على زيادة معدل التمثيل الغذائي (الأيض)، ما يحسن من عملية حرق الدهون وفقدان الوزن، بالإضافة إلى أنه يتمتع بخصائص مضادة للأكسدة والالتهابات. ويوجد مقياس يطلق عليه اسم “سكوفيل” لتصنيف أنواع الفلفل المختلفة، بحسب ما تتسم به من طعم حِرِّيف ولاذع وحار، وقد وضعه عالم الأدوية والكيمياء الحيوية الأميركي ولبر سكوفيل في عام 1912، وحجم الوحدة يدل على نسبة مادة الكابسيسين الموجودة في الفلفل. ويبدأ هذا التصنيف من “الفلفل الرومي” أو “الفلفل الحلو”، الذي يحتل أدنى درجات المقياس نظرا لافتقاره إلى الطعم المحرق واللاذع، وصولا إلى القمة، حيث هناك نوع مفزع كثيرا، ويحمل اسم “كارولاينا ريبر” وتصل درجة حرارة طعمه إلى 2.2 مليون وحدة سكوفيل. وحديثا تم اكتشاف نوع جديد يلقب بـ”الفلفل الشبح”، وتم تسجيله ضمن موسوعة غينيس للأرقام القياسية كأكثر أنواع الفلفل حرارة وقد حطم الرقم القياسي في لذعته، إذ قيست حرارته بمليون وحدة من مقياس سكوفيل. وظهر الفلفل الشبح المعروف أيضا باسم “ناغا جولوكي” لأول مرة في الهند، وقد تسبب بذور هذا النوع من الفلفل شعورا باحتراق شديد في الفم لمدة تصل إلى نصف ساعة. وينمو هذا النوع من الفلفل في شمال الهند وفي بنغلاديش، وفي بعض الحالات يمكن لأقل من 4 غرامات قتل إنسان بالغ. ويعود تاريخ اكتشاف الفلفل إلى ما قبل 7500 سنة قبل الميلاد، وموطنه الأصلي الأميركتان، إلا أنه انتشر في العالم على نطاق واسع خلال القرنين السادس عشر والسابع عشر، متنقلا مع التجار الأوروبيين، وتعتبر الهند أكبر دولة منتجة ومصدرة ومستهلكة للفلفل الحار في الوقت الحالي. بصرف النظر عن أسباب التأثيرات الصحية الكامنة في الفلفل الحار، وعن مدى حرارته وإيلامه، فإن الكثيرين يجدون راحتهم في التلذذ بالمذاق الحِرِّيف، وخصوصا في الأطباق التايلندية والصينية والهندية والإثيوبية ورغم أنه من المستبعد أن يتأذى المرء جراء الكميات التي يتناولها يوميا من الطعام الحار، فإن البعض من عشاق الإثارة الحِرِّيفة قد مروا بتجارب مقلقة في هذا الشأن، إذ تعرض رجل أميركي في عام 2018 لـ”صداع رعدي”، وهو حالة طوارئ صحية، تشير إلى وجود نزيف في المخ أو جلطة أو غيرهما من الحالات التي تهدد الحياة، في المسابقة التي أُقيمت بولاية نيويورك الأميركية. فبعد أن التهم الرجل البالغ من العمر 34 عاما فلفل كارولاينا ريبر، الذي كان يلقب بأنه أشد أنواع الفلفل الحار في العالم، خلال مسابقة لتناول الفلفل الحار أُقيمت في ولاية نيويورك، أصيب بآلام حادة في الرأس والرقبة ونوبات صداع قصيرة لكن شديدة استمرت عدة أيام. ولكن لحسن حظ الرجل نتج هذا الألم عن متلازمة ضيق الأوعية الدموية الدماغية، وهو ضيق مؤقت في الشرايين التي توصل الدم إلى المخ. وفي العادة لا تكون لهذه المتلازمة آثار مرضية على المدى الطويل لكنها تقود في بعض الأحيان إلى الإصابة بجلطة. وقد نشرت حالة الرجل في المجلة الطبية البريطانية باعتبارها أول حالة ترتبط بتناول الفلفل الحار. وقد طالب الطبيب الذي راجع حالة الرجل أي شخص يأكل الفلفل الحار بالحصول على الرعاية الطبية فورا في حال شعوره بصداع مفاجئ. وقال كولوثونجان غوناسيكاران، الطبيب بمستشفى هنري فورد في ديترويت والذي كتب التقرير للمجلة الطبية البريطانية، إن الناس بحاجة إلى أن يدركوا هذه المخاطر إذا تناولوا الفلفل الحار. وأضاف “في الوقت الحالي لا ننصح بعدم تناول الفلفل من نوع كارولاينا ريبر، لكننا نوصي عامة الناس بأن يكونوا حذرين حيال هذه الآثار الضارة، وننصحهم بأن يطلبوا العناية الطبية على الفور إذا أصيبوا بصداع مفاجئ بعد تناول الفلفل الحار”. في مقابل ذلك تؤكد دراسة أميركية حديثة أن الفلفل الحار يمكنه بالفعل أن يساعد على إنقاص الوزن من خلال تسريع عملية الأيض في الجسم. ووجد الباحثون المشرفون على الدراسة من جامعة وايومنغ أن مادة الكابسيسين التي تمنح الفلفل مذاقه الحريف يمكن أن تلعب دورا فعالا في المساعدة على حرق دهون الجسم. وقال الباحثون إن الرغبة في تناول الأطعمة الدسمة تكون قوية للغاية إلى درجة أن الكثيرين لا يتمكنون من مقاومة تناول تلك الأطعمة حتى إن كانوا يحاولون خفض السعرات الحرارية التي يستهلكونها بهدف إنقاص الوزن.وأشار الباحثون إلى أن مادة الكابسيسين يمكن أن تقدم حلا لهذه المشكلة من خلال تسريع عملية التمثيل الغذائي دون الحاجة إلى تقييد أنفسنا بتناول أطعمة معينة. وشدد الباحثون على أن مادة الكابسيسين قد تحفز الجسم على حرق الطاقة وتوليد الحرارة، وهذا بدوره يحرق السعرات الحرارية، وهي تفعل ذلك من خلال تنشيط مستقبلات في الجسم تطلق عملية حرق الطاقة، وتتواجد تلك المستقبلات في خلايا الدهون البيضاء والبنّية. ووجد الباحثون أن إدخال مادة الكابسيسين في النظام الغذائي اليومي يلعب دورا فعالا في تحفيز مستقبل ينشط قناة بروتينية تعرف باسم “فانيلويد 1” (تي.آر.بي.في 1)، مما يقلل من السمنة المرتبطة بتناول أطعمة غنية بالدهون، لأنه يحفز خلايا الدهون البيضاء الضارة على أن تصبح خلايا دهون بنية جيدة حارقة للطاقة. وأشارت أبحاث كثيرة إلى أن مادة الكابسيسين تساعد على التخلص من الوزن الزائد، ومضادة للسرطان وارتفاع ضغط الدم. وأجرى باحثون من بكين دراسة على عينة تتكون من نصف مليون صيني، مركزين على عاداتهم في الطعام. ووجد الباحثون أن من يأكلون الأطعمة ذات المذاق الحار بشكل يومي تقل لديهم حالات الوفاة الناتجة عن السرطان وأمراض السكتة الدماغية والقلب، وأمراض التنفس لدى الجنسين، والوفاة بسبب الالتهابات لدى النساء، بنسبة 14 في المئة، مقارنةً بمن يأكلونها كل أسبوع مرة. الرغبة في تناول الأطعمة الدسمة تكون قوية للغاية إلى درجة أن الكثيرين لا يتمكنون من مقاومة تناول تلك الأطعمة حتى إن كانوا يحاولون خفض السعرات الحرارية التي يستهلكونها بهدف إنقاص الوزن. وقال الباحثون إن نتائج دراستهم مبنية على المراقبة المحضة، لكنهم لاحظوا أن المركب الرئيسي النشط في الفلفل الحار، وهو الكابسيسين، والذي ذكر في عدة دراسات سابقة، يتمتع بخصائص مضادة للأكسدة والالتهابات. ويتماشى هذا البحث -الذي قاده مركز العلوم الصحية في جامعة بكين- مع أدلة سابقة بشأن فوائد الأطعمة ذات المذاق الحار بالنسبة إلى صحة الإنسان. وأشار الباحثون إلى أن الأطعمة ذات المذاق الحار بصفة عامة، ومن بينها الفلفل الحار، مضادة للميكروبات. إلا أن الدكتورة نيتا فروهي، التي ترأس وحدة علم الأوبئة في جامعة كامبريدج، اقترحت إجراء دراسات أخرى في المستقبل تبحث مسألة ما إذا كان تناول الأطعمة ذات المذاق الحار يؤدي هو نفسه إلى شرب الماء بكثرة، أم أن هناك أنواعا من الشاي هي التي تؤدي إلى ذلك. ولكن بصرف النظر عن أسباب التأثيرات الصحية الكامنة في الفلفل الحار، وعن مدى حرارته وإيلامه، فإن الكثيرين يجدون راحتهم في التلذذ بالمذاق الحِرِّيف، وخصوصا في الأطباق التايلندية والصينية والهندية والإثيوبية، وغيرها من الأطعمة الحارة الشهيرة، التي قد تجعل بشرتهم تتوهج حرارة، وأجسادهم تتصبب عرقا وصدورهم ترتعش بسبب زيادة معدلات خفقان قلوبهم.

مشاركة :