كشف الباحث في «المركز الوطني الفرنسي للبحث العلمي» توماس بيريت، سبب تخلي إيران عن دعم بشار الأسد في معركة إدلب التي يخوضها النظام منذ أبريل الماضي؛ دون تحقيق تقدم يذكر. وأوضح بيريت، لصحيفة «لوريون لو جور»، أن هناك العديد من الأسباب التي يمكن الاعتماد عليها، وراء موقف إيران من هذه المعركة، رغم تدخلها عسكريًّا منذ البداية لإنقاذ بشار الأسد، قائلًا: بسبب الضربات الإسرائيلية، تحاول إيران الابتعاد عن الأنظار عسكريًّا في سوريا منذ عام 2018، خاصة في ظل الاتفاق الضمني بين إسرائيل وروسيا.. وتريد إيران تجنب توتر العلاقات مع موسكو. وأضاف: من المحتمل أيضًا، ألا تريد طهران إرسال قوات إلى هذه المعركة؛ لأنها لا تحتاج إلى ذلك، فتدخل إيران بشكل كبير في هذه المعركة، من خلال إرسال قوات؛ من شأنه أن يحدث فرقًا على أرض الواقع، مؤكدًا أنه في الوقت الراهن «ليس لدى إيران أي سبب لمساعدة الروس أو النظام السوري»، مع العلم أن هناك محاولة روسية حديثة لتقليص التأثير الإيراني على جهاز الأمن السوري. ولفت بيريت، إلى الانتقادات الداخلية التي تطال النظام الإيراني بسبب تدخله العسكري في سوريا، في ظل معاناة الاقتصاد جراء العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة على نظام طهران بعد انسحابها من الاتفاق النووي، مشيرًا إلى فرضية أخرى تتعلق بالعلاقة بين إيران وتركيا، موضحًا أنه «رغم التقارب الروسي ـ التركي، فإنه لدى أنقرة وطهران مصلحة مشتركة وهي القضية الكردية، فالإيرانيون الذين لديهم سياسة ازدواجية مع حزب الاتحاد الديمقراطي، ما زالوا مهتمين بحقيقة أن مشروع الاستقلال الكردي يجب ألا يتحقق». وأضاف بيريت: من بين أسباب عدم مشاركة إيران في معركة إدلب هو عدم الاهتمام بهذه المنطقة بعدما استطاعوا إنقاذ بشار الأسد؛ إذ أنهم يريدون السيطرة على بعض المناطق، مثل الحدود اللبنانية والجنوب لقربهما من إسرائيل، والحدود مع العراق ومنطقة جنوب حلب، فإدلب ليست ذات أهمية بالنسبة للنظام الإيراني. ولفت بيريت، إلى أن سبب عدم تحقيق قوات الأسد أي تقدم يذكر في هذه المعركة يكمن في القوات التي تقاتل على الأرض، ومن أجل ذلك عليه إرسال أفضل القوات إلى إدلب، وهي قوات «النمر»، بقيادة سهيل الحسن. وتعرضت محافظة إدلب ومناطق مجاورة؛ حيث يعيش نحو ثلاثة ملايين نسمة، إلى قصف شبه يومي من طائرات سورية، وأخرى روسية منذ نهاية أبريل، ما أسفر، وفقًا للأمم المتحدة، عن مقتل المئات وتشريد أكثر من 440 ألفًا آخرين. وبدأت هدنة في المنطقة، بعد موافقة دمشق عليها، شريطة أن يتم تطبيق اتفاق «سوتشي»، الذي توصلت إليه روسيا وتركيا في سبتمبر المقبل، ويقضي بتراجع المقاتلين بحدود 20 كيلومترًا بالعمق من خط منطقة خفض التصعيد بإدلب وسحب الأسلحة الثقيلة والمتوسطة.
مشاركة :