خاص أثار مشهد سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد الكثير من التساؤلات حول سبب موقف إيران السلبي تجاهه، رغم أنها كانت الحليف الأول للنظام لعدة سنوات. واتخذت السلطات الإيرانية موقف “الشاهد” فقط للأحداث السورية تاركة ورائها عائلة الأسد، وتجسد ذلك في تصريحات رسمية لوزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، التي أكد فيها أن إيران لم يكن لها أبدًا أن تحل محل الجيش السوري لحل مشاكله الداخلية وتسويتها مع المعارضة السورية، الأمر الذي يشير أن التحالف الإيراني مع بشار انهار. وهناك عدة شواهد بحسب تقارير استخباراتية تؤكد توتر العلاقات بين إيران وعائلة الأسد، وأولها حقيقة لجوء الأسد إلى روسيا، والتي تُظهر أنه حافظ على علاقة جيدة مع روسيا دائمًا، حتى وإن لم تختر موسكو إنقاذ حكومته مرة أخرى في النهاية، ومع ذلك، لا يمكن القول إن الأسد يحمل نفس المشاعر تجاه إيران. ورجحت التقارير جذور هذا التوتر إلى رفض الأسد مراراً وضع أنظمة الدفاع الجوي لحماية مواقع الحرس الثوري الإيراني، كما اصطدمت مخابراته كثيرا مع الإيرانيين، خاصة أن كبار ضباطه كانوا متوجسين وكارهين تماماً التوغل والنفوذ الإيراني في الأراضي السورية. كما كان الأسد يتجاهل الأحداث التي تقوم بها إيران ووكلائها، ويتعامل معها بشكل متأخر، ما اغضب طهران كثيرا، واتهمت طهران الدائرة المقربة من الأسد بأنها ربما ترصد وتسرب معلوماتها ومعلومات حزب الله في سوريا إلى إسرائيل، التي استهدفت الحرس الثوري وحزب الله بضربات مركزة. وأشارت التقارير إلى رفض الأسد طلبين إيرانيين مؤخراً أولهما بعد مذبحة غزة، عندما طالبت إيران بإرسال قوات إلى سوريا لشن حرب ضد إسرائيل من داخل الأراضي السورية أما الثاني فكان قبل أيام، عندما طلبت إيران إرسال قوات إلى سوريا لمساعدة الأسد في مقاومة المتمردين، وقد رفض الأسد كلا الطلبين. وبينت هذه التقارير أن الأسد يشعر منذ فترة طويلة بعدم الرضا أو عدم الثقة تجاه إيران، وربما يعود ذلك إلى عدة أسباب منها توجه إيران ديني طائفي يتنافر مع النظام السوري العلماني والنزعة العربية وشعوب المنطقة العربية السنية، كما أن استراتيجية إيران في استخدام الوكلاء لخوض الحروب ضد إسرائيل قاسية جداً على الوكلاء دون مراعاة مصالحهم، وسوريا لا تريد أن تكون واحدة من هؤلاء الوكلاء. وتوجد أسباب أخرى دفعت الأسد لعدم الثقة بالإيرانيين ومنها أن إيران لا تهتم إطلاقا بالوضع الاقتصادي لمن يقع تحت نفوذها، باستثناء “حزب الله” اللبناني فقط الذي ربما استئثر بالقرار المالي للفروع العربية أو لأنه في لبنان متعدد الطوائف وبالتالي الهدف إبراز الشيعة للتأثير والنموذج، البقية في سوريا واليمن كانت تتجاهل خط الاقتصاد وتقتصر على الخط الديني والعسكري وتولدت أيضا شكوك لدى الأسد بقدرة إيران في صراعها مع إسرائيل، وخلال العقد الماضي، زاد استياءً الأسد من إيران، بسبب عدم تقديمها الدعم المطلوب لحكومته التي واجهت صعوبات اقتصادية كبيرة، وحتى عدم القدرة على دفع رواتب الجنود. وطريقة سقوط الأسد وتخلي إيران عنه، جعلت الكثيرين يؤكدون أن الأسد خسر بلده لصالح قوى خارجية، بينما فقدت إيران أهم معقل لها في “الهلال الشيعي”، وأن صراع المصالح أسقطهما معاً لتكون الخسارة مزدوجة للطرفين.
مشاركة :