تشهد جنوب أفريقيا حالة غليان بسبب أعمال العنف التي تكثفت ضد الأجانب. وبينما خرجت مظاهرات حاشدة في مدينة ديربان احتجاجًا على أعمال العنف التي أودت بحياة 6 أشخاص، تحدثت تقارير عن لجوء الشرطة إلى الرصاص المطاطي والغاز المسيل للدموع لتفريق محتجين مناهضين للمهاجرين في ضاحية بشرق جوهانسبورغ أمس. ووجه رئيس جنوب أفريقيا جاكوب زوما نداء إلى الهدوء، وقال في خطاب في البرلمان، أمس: «إننا ندين أعمال العنف بأشد العبارات وندعو إلى الهدوء ووقف أعمال العنف». ووصف الهجمات على الأجانب «بالمروعة وغير المقبولة». وتجمع نحو 4 آلاف شخص في «استاد كاريس فونتن» البلدي في ديربان، بدعوة من سلطات المدينة والمقاطعة. وبعد صلوات وخطب، توجه المشاركون في موكب إلى وسط المدينة وبلدية ديربان عاصمة أرض الزولو والمرفأ المهم على المحيط الهندي في جنوب أفريقيا. ورفع القادة السياسيون والدينيون أعلام الدول الأفريقية الـ54 طوال هذه المسيرة. وقبل بدء مسيرتهم، ردد المتظاهرون بلغة الزولو هتافات «يسقط كره الأجانب» و«أفريقيا موحدة». كما رفعوا لافتات كتب عليها «سلام ومحبة» وشعارات سلمية أخرى. وشارك في المسيرة سود وبيض من الطبقة الوسطى جاؤوا بشكل عفوي أو سكان في مدن الصفيح في المدينة نقلتهم حافلات البلدية مجانا. وقال إيريك ماشي (34 سنة) الذي استقل حافلة صغيرة، إنه يشعر بالأسف لهذا الوضع، موضحًا أنه كان يؤجر مساكن لـ4 عائلات من زيمبابوي وملاوي مقابل 6 آلاف راند شهريا (466 يورو). وأضاف هذا الكهربائي العاطل عن العمل حاليا الذي لديه ولدان «نحاول أن نعيش بسلام مع هؤلاء الناس الذين قدموا من أفريقيا. كانوا يستأجرون بيوتي ورحلوا، بعضهم الأسبوع الماضي وآخرون منذ الاثنين. كانوا يعملون ولا أعرف أين، لكنهم كانون يسددون رسم الإيجار بانتظام». وتابع: «أنا في وضع سيء لأن هؤلاء الناس كانوا يساعدوننا في الصمود بينما ليس لدي أي عمل». وكانت أعمال العنف قد تجددت في إحدى ضواحي جوهانسبورغ، مساء الثلاثاء الماضي، بعد صدامات في وسط المدينة. وقالت الشرطة إن «مشبوهين دخلوا إلى محلات يملكها أجانب وجرح شخصان في هذه الحوادث»، موضحة أن 6 أشخاص أوقفوا بسبب أعمال عنف في أماكن عامة واقتحام ممتلكات خاصة. وفر عدد كبير من الأجانب من أعمال العنف ولجأوا إلى أقرب مركز للشرطة. وسجلت حوادث أخرى في جوهانسبورغ وبيترماريتزبورغ التي تبعد نحو ساعة برا عن ديربان. ووسط هذه الأجواء، أعلنت الشرطة أن مركز العمليات الوطني لمكافحة العنف «سيعمل 24 ساعة لتنسيق رد قوات الأمن على موجة الهجمات العنيفة ضد رعايا أجانب». وكانت حوادث مماثلة وقعت في سويتو وضواحيها في يناير (كانون الثاني) الماضي، وأسفرت عن سقوط 6 قتلى. وكان قتل نحو 60 شخصا في أسوأ اضطرابات مرتبطة بكره الأجانب في جنوب أفريقيا في 2008. وقال علي عبدي (38 سنة) وهو صومالي يعمل في بيع الملابس في ديربان جاء ليتسوق من بائع للجملة في وسط المدينة، إن أعمال العنف هذه «تنفجر من حين لآخر. حاليا الوضع هادئ لكن الأمر قد يحدث في أي لحظة. ليس هناك سبب واحد لذلك والأمر يتعلق بكره الأجنبي خصوصا الأفريقي. إنه أمر مرتبط بالغيرة إلى حد ما». ودان الحزب الحاكم «المؤتمر الوطني الأفريقي»، أول من أمس، بأشد العبارات انفجار العنف هذا، وقال: «نحن أهل جنوب أفريقيا بغالبيتنا متمسكون بقيم الإنسانية والتضامن والأخوة وعلينا أن نطأطئ رؤوسنا خجلاً من هذه الهجمات الدنيئة». وأضاف: «المؤتمر الوطني الأفريقي» إنه يعتبر «هذه الأعمال الوحشية أيًا كان سببها، أفعالا إجرامية ضد سكان ضعفاء وبلا حماية، بحثوا عن الملاذ والراحة والرخاء الاقتصادي في بلدنا». ودعا الحزب، الذي أسسه الزعيم الراحل نيلسون مانديلا، إلى إدانة هذه الممارسات بلا تحفظ.
مشاركة :