«يحبها الرجال وتكرهها النساء» عنوان رواية جاء مؤسساً لبؤرة النص ومُختزلاً له، ما يدل على اختيار، رشا علي الرياشي، له بعناية تامة، ليقوم بوظيفة إغرائية بالمقام الأول إلى جانب الوصف، وليقدح في مخيلة القارئ صورة امرأة جمالها يَفتن النساء قبل الرجال، فما هي قصة تلك المرأة التي يحبها الرجال وتكرهها النساء؟.هي قصة عائشة التي منحتها والدتها الحياة، لحظة فارقت الدنيا، وفارقها والدها قبل ولادتها، فعاشت مع جدتها ظناً منها أنها أمها، وفي لحظة تخلي سلَّمت الجدة مصير حفيدتها لامرأتين لا تعرف الرحمة لقلبيهما سبيلاً، وسافرت تلاحق حباً مضى. فعانت عائشة من طفولة بائسة؛ ولأن الصدف في الحياة تكون أحياناً دقيقة في مواعيدها، جاء ذلك الرجل، ليقتلعها من الألم طفلةً، فأحبّته طفلة، واقتحمت حياته شابة، وكان ذلك تحدّياً بالنسبة إليها بعد أن شعرت بأنوثتها؛ وهو أن يُحبّها ويتخلى عن زوجته، ونجحت في التحدي، وعندما أصبح أمر الزواج واقعاً، أصبحت تخافه وتتمنى إلغاءه، ولم يكن الرجل الوحيد الذي ستنتهي حياته بلعنة حبها؛ ففي أي بقعة أرض تقف عليها عائشة، لا بد أن تجد عليها رجلاً مهووساً بجمالها، ويقرر الزواج منها سريعاً من دون أن يدري أن قدره حب سيقوده إلى حتفه. «يحبها الرجال وتكرهها النساء» نص في ماهية الحب، نسجت الروائية رشا علي الرياشي من خيوط الحب ونقيضه حروفه؛ وألبستها لامرأة ثائرة، متمردة، تقاتل من أجل إبراز ذاتها، بشخصيتها أكثر من جمالها. فنقلت بصنيعها المرأة إلى ضفة أخرى، وتركت لها الحرية في التصرّف، فخلقت نوعاً من التناغم بين الدوافع النفسية والمؤثرات الخارجية للشخصية الروائية في انتظار ما تؤول إليه الأحداث... فالأحداث في هذه الرواية لا تمتلك قيمتها في ذاتها، بل عبر الطريقة التي تُقدّم من خلالها، والكيفية التي تتم بها روايتها، وهو ما نجحت به الروائية رشا علي الرياشي، حينما جعلتنا ننتظر النهاية بشوقٍ وترقّب.
مشاركة :