عبداللطيف الزبيدي هل تتوقع من العلوم أن تستهزئ بالرأي العام؟ أمّا وكالات الأنباء بالذات، فحجّتها أن «ناقل الكفر ليس بكافر». لكن، حتى لا نتهم العلماء بأنهم يضحكون من الذقون، نجد لهم تخريجة تليق بمقامهم، وهي أنهم يؤدّون واجبهم العلمي، كما لو كانوا روبوتات. يقيناً، الأمر كذلك إذا نظرت البشرية إليهم نظرة روبوتيّة، فهم منبع كل تقدّم إيجابيّ، وهم مصدر كل المصائب. دع النكد جانباً لنتأمّل الدعابة اللاّذعة: وكالة الفضاء الأمريكية «ناسا» اكتشف علماؤها كوكباً على مرمى حجر، قياساً على المسافات الكونية، فهو لا يبعد عن أرضنا سوى إحدى وثلاثين سنة ضوئية. لتقريب المسألة، مثل المسافة التي تقطعها هريرة الأعشى:«كأنّ مشيتها من بيت جارتها..مرّ السحابة لا ريثٌ ولا عجلُ». حسابات المعلّقات الفيزيائية تحتاج إلى بال طويل:السنة الضوئية عشرة آلاف مليار كيلومتر،تضربها في واحد وثلاثين، لتصل إلى الكوكب الذي اكتشفه علماء «ناسا».كل اللاّزم هو أن تصير جنابك ضوءاً لتسير بسرعة الضوء، عليك أن تغادر شكلك الإنسيّ، تكون جنيّاً مثلاً. القضية عبثية نوعا ما، لأن أهمّ ما في الخبر، هو أن الكوكب، الذي أطلقوا عليه اسم «الأرض الخارقة»، واعد «جدّاً جدّاً»، فهو حسب المؤمّل يدعم الحياة، فله غلاف جوّي يغري بوجود مياه غزيرة على السطح، بينما يرعبنا فطاحل الجغرافيا السياسية بأشباح حروب مياهنا، التي تلوّثها الصناعات العملاقة بالسموم الكيميائية. الآمال لها أجنحة من الخيال العلمي، فهذا الكوكب أكبر حجماً من أرضنا ستّ مرّات، أي أنه يكفي لإيواء أربعين مليار آدمي«بالراحة». لكل فرد منزل ومزرعة. وستكون أمامهم أزمنة وأزمان لبناء المصانع وأسلحة الدمار الشامل، ولن يفوتهم اختراع مبيدات بشرية بالملايين في الحصدة الواحدة. أطلق العنان لخيالك، لكن لا توحش النفس بخوف السؤال:إذا كانت الحياة لها قيمة إلى هذا الحدّ لدى علماء الإمبراطورية، بهوائها ومائها، فلماذا لا تعير الحفاظ على حياة الكوكب الذي نحن فيه ذرّة أهمّية؟ لزوم ما يلزم: النتيجة العلمية: عندما يصبح البشر ضوءاً، ما حاجتهم إلى الماء هنالك؟ abuzzabaed@gmail.com
مشاركة :