في الوقت الذي تشهد فيه الدول الغنية جدلا حول ما إذا كان من الأخلاق السفر بالطائرة أو حرق الفحم، يجري بصورة أقل حديث حول الزراعة والغابات والاستخدامات الأخرى للأراضي، وهو الأمر المسؤول عن نحو ربع انبعاثات الغازات الدفيئة المسببة لظاهرة التغير المناخي. وبحسب ما ذكره علماء مشاركون في إعداد تقرير جديد صادر عن “اللجنة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ”، والذي من المقرر أن يتم نشره الخميس المقبل بجنيف في سويسرا، فإن سكان كوكب الأرض عليهم تغيير الطريقة التي يأكلون ويلبسون بها. وتتسبب الأبقار، وغيرها من الحيوانات المجترة، في انبعاث غاز الميثان، لأنها تخمر الطعام قبل أن تهضمه، حيث يقول رئيس الاتحاد السويسري للمزارعين، ماركوس ريتر ساخرا “لا يمكننا إجبار الماشية على التوقف عن إخراج الغازات والتجشؤ”. ومع ذلك، فإن هناك الكثير من الطرق لجعل الزراعة أكثر استدامة، وأكثر ملاءمة للمناخ. وأفاد اثنان من المؤلفين الألمان المشاركين في تقرير “اللجنة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ” قبل أن تبدأ اللجنة اجتماعها الجمعة المقبل في جنيف لوضع اللمسات الأخيرة على الوثيقة، بأن المستهلكين سيكون لهم دور رئيسي يقومون به. اللجنة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ ترى أن الحاجة إلى المزيد من الأراضي الزراعية تساهم في تغير المناخ وشدد ألكساندر بوب، الذي يعمل في معهد بوتسدام لأبحاث تأثير المناخ “يستحق موضوع استخدام الأرض اهتماما كبيرا”. وأوضح ألموت أرنيث، عالم البيئة في معهد كارلسروه للتكنولوجيا أن “مساحة سطح الأرض محدودة، بينما ينمو عدد السكان، وهناك حاجة إلى المزيد من الأراضي الزراعية من أجل إنتاج الغذاء والألياف التي يمكن استخدامها في تصنيع الملابس”. ولفت أرنيث إلى أن الرفاهية المتزايدة تؤدي إلى زيادة استهلاك اللحوم، مضيفا أن استخدام الأراضي يساهم أيضا في تغير المناخ بسبب الأسمدة وإزالة الغابات. ويطالب العلماء بضرورة قيام المستهلكين بتغيير نظامهم الغذائي وتناول كميات أقل من اللحوم. وقال بوب “لنعود إلى الشوي في أيام الأحد من كل أسبوع”، وذلك في إشارة إلى تقليد تحضير اللحوم مرة واحدة في الأسبوع، كطبق خاص. ووفقا لوزارة البيئة الألمانية، يتم استخدام 91.6 بالمئة من الأراضي الزراعية المتاحة في العالم كمراع، أو لتغذية الحيوانات. وأكد أرنيث أن “الابتعاد عن المجترات سوف يحرر مساحات من الأراضي الزراعية من أجل زراعة محاصيل المواد الغذائية وإعادة التشجير”. ويشار إلى أن زراعة كيلوغرام واحد من الخضروات، يؤدي إلى انبعاث غازات دفيئة تعادل 153 غراما من ثاني أكسيد الكربون، بحسب وزارة البيئة، وتقلل الزراعة العضوية هذا الإنتاج إلى 130 غراما. كما يتسبب إنتاج كيلوغرام واحد من اللحم البقري في دخول 13.3 كيلوغراما من مكافئ ثاني أكسيد الكربون إلى الغلاف الجوي – أو 11.4 كيلوغراما للحوم الأبقار العضوية. ولا تكمن المشكلة في المستهلكين وخياراتهم فقط، ولكن أيضا في الحكومات وسياساتهم. وقد انتقدت، بشدة، اللجنة الحكومية الدولية المعنية بالتنوع البيولوجي والنظم الإيكولوجية، والمعروفة باسم “آي.بي.بي.إي.إس”، في تقرير لها صدر في مايو الماضي، دعم الزراعة. وقدرت اللجنة إنفاق الدول الصناعية 100 مليار دولار على الإعانات التي يحتمل أن تكون ضارة بالبيئة في عام 2015.ومع ذلك، فإن المستهلكين يساهمون أيضا في الزراعة المفرطة، حيث يقومون بشراء كميات أكبر من الطعام، ثم يتخلصون من الطعام بقدر أكبر مما يأكلونه، وذلك بحسب ما أفد به أرنيث. وتشتمل زراعة القطن من ناحية أخرى، على استخدام المبيدات والكثير من الماء، إلى جانب ارتباط الاستخدام المفرط للمواد الكيميائية والمياه بالغازات الدفيئة أيضا. وتشير دراسة عن القطن وتغير المناخ، أجراها مركز التجارة الدولية الذي يتخذ من جنيف مقرا له، إلى أن الأسمدة هي مصادر مهمة لغاز أكسيد النيتروز، الذي يلعب دورا في الاحتباس الحراري. كما أن هناك حاجة إلى وقود الكربون من أجل تشغيل المضخات التي تقوم بري حقول القطن. وتجدر الإشارة إلى أن حسابات منظمة “غلوبال فوتبرينت نتوورك” غير الحكومية، كشفت، مطلع الأسبوع الماضي، أن البشرية استنفدت كل الموارد الطبيعية التي تتيحها الأرض وستعيش على الاقتراض اعتبارا من هذا الاثنين. وشدّدت المنظمة في بيان على أن “البشرية تستخدم الموارد البيئية راهنا بسرعة تفوق بـ1.75 مرة” قدرة الأنظمة البيئية على التجدد. وحذّرت من “أننا نقضم الرأسمال الطبيعي لكوكبنا مخفّضين قدرته على التجدد في المستقبل”.
مشاركة :