"الإفطار الأخير" فيلم سوري يبحث عن الحب في زمن الحرب

  • 8/6/2019
  • 00:00
  • 9
  • 0
  • 0
news-picture

في الفيلم الأحدث له، “الإفطار الأخير”، يدخل المخرج السوري المخضرم عبداللطيف عبدالحميد في نسيج علاقة اجتماعية قوامها ثلاثة شخوص، رجل وامرأتان، ليكونوا محور الأحداث في سلسلة من المواقف المتخيلة والحقيقية على خلفية ظرف الحرب الذي يحيط بكل الشخوص وفي تفاصيل حياتهم اليومية. وكما في فيلمه الشهير “نسيم الروح” الذي جاء بعد فيلمي “ليالي ابن آوى” و”رسائل شفهية” يذهب عبدالحميد، إلى عوالم سينمائية سحرية، يتداخل فيها الواقعي بالخيالي والمنطقي بالغريب، ضمن سلسلة من المواقف الإنسانية العميقة التي كانت تحملها شخوص فيلمه “نسيم الروح” (إنتاج 1998) وأحداثه المتتالية، خاصة شخصية بطله بسام كوسا، الذي قدّم في ذلك الفيلم شخصية ما زالت باقية في وجدان الجمهور. وهو الفيلم الذي يعتبره الكثير من نقاد السينما العرب من أهم أفلام السينما السورية المعاصرة. وتكريسا لتلك الطريقة في معالجة حكاية الفيلم وبعد النجاحات التي حققتها على صعيد المتابعة الجماهيرية والنقدية، يذهب المخرج السوري المخضرم ضمن أجواء سريالية مفترضة، فيقدّم في أحدث أفلامه “الإفطار الأخير” قصة مشابهة في طريقة المعالجة، لزوجين شابين، يتعاملان مع الحياة اليومية الحالية في سوريا بكثير من الغرائبية والشفافية معا، ففي زمن الحرب يمكن أن تتقاطع المصائر وتتلاقى بشكل عشوائي يحمل في طياته عبثية صارخة مؤلمة حينا وساخرة حينا آخر. وفي فيلم “الإفطار الأخير” اعتمد المخرج السوري على طاقة عدد من الممثلين السوريين الذين يحتلّون أماكن هامة في المشهد الفني السوري، فكان في بطولة الفيلم الفنان عبدالمنعم عمايري، الذي قدّم معه سابقا فيلمين هما “نسيم الروح” في مساهمة بسيطة، وبعدها فيلم “العاشق” في أولى بطولاته المطلقة مع عبدالحميد.أما بطلة الفيلم فكانت الفنانة كندة حنا التي قدّمت مؤخرا تجربتين سينمائيتين في سوريا كانتا مع المؤسسة العامة للسينما والمخرج باسل الخطيب في فيلم “دمشق حلب” ووقفت فيه أمام الفنان دريد لحام، وكذلك فيلم “الاعتراف” الذي عرض حديثا بدمشق، وهي بالمشاركة في هذا الفيلم تقف للمرة الأولى أمام كاميرا عبدالحميد السينمائية. ويقول عبداللطيف عبدالحميد عن فيلمه الجديد “أحاول في الفيلم البحث عن قصة حب في زمن الحرب، هذه القصص صامدة وباقية، في الحرب نفقد أشخاصا يحيطون بنا، فيرحلون عنا، ولكنهم لا يرحلون منا، لأن الذاكرة والحب الذي نحمله لهم لا يمكن إلاّ أن يبقيهم في وجداننا أشخاصا حقيقيين وفاعلين، هؤلاء هم الطاقة التي تحفز بنا الرغبة بالبقاء وتقديم المزيد من العمل والجهد والإبداع، لكي نستمر في كتابة ما يمكننا كتابته”. وشارك في الفيلم الفنان التونسي الشهير طارق بن عبدالله كمدير للتصوير، في تعاون سوري تونسي متجدّد في السينما بعد الراحل يوسف بن يوسف الذي عمل مع محمد ملص وعبداللطيف عبدالحميد ونضال الدبس سابقا. ويصوّر فيلم “الإفطار الأخير” حاليا في عدة مناطق في سوريا، بين العاصمة دمشق، وأماكن متفرقة بين ريفي دمشق وطرطوس، على أن يكون جاهزا للعرض قبيل نهاية العام الجاري، وهو من بطولة عبدالمنعم عمايري، كندة حنا، كرم الشعراني، راما عيسى، يوسف المقبل، بيدروس برصوميان، محمد خاوندي وعبدالسلام غيبور.وتاريخيّا، كانت موضوعة “الحب في زمن الحرب” عاملا جاذبا للمبدعين السينمائيين الذين استلهموا قصصا شهيرة عن حكايات الحب التي وُلدت في زمن الحرب، ومن ثم المصاعب التي واجهوها، ثم أوجدوا ذلك في الكثير من التجارب السينمائية الهامة، بل إن ثيمة الحبيبة المفتقدة للمُحارب، كانت موجودة بشكل واضح في السينما السوفييتية التي عالجت موضوع الحرب العظمى. ومن الأفلام العالمية الشهيرة التي قدّمت الحب في زمن الحرب “كازابلانكا” للمخرج الأميركي من أصل مجري مايكل كورتيز الذي حصد جماهيرية هائلة لدى إنتاجه في العام 1942، وما زال يعتبر إلى الآن أحد أهم الأفلام التي تحدثت عن الحب في زمن الحرب، كذلك قدّم المخرج البوسني الشهير أمير كوستاريكا فيلمه الشهير “الحياة معجزة” (2015)، الذي تحدث فيه عن مهندس صربي يحب فتاة بوسنية متجاوزين كل ظروف وأثقال الحرب التي كانت دائرة هناك، كما يحضر في البال الفيلم الشهير “ذهب مع الريح” الذي أخرجه الأميركي فيكتور فليمنغ في العام 1939، والذي يقدّم العديد من حالات الحب التي عاشها أبطال الفيلم خاصة، سكارليت أوهارا، وهو الفيلم الأشهر عالميا الذي عالج فكرة الحب في زمن الحرب.

مشاركة :