أكد الدكتور راشد أبانمي رئيس مركز السياسات البترولية والتوقعات الاستراتيجية أنه بعد إنخفاض أسعار النفط من سقف 114 دولاراً للبرميل لما دون 50 دولاراً فإن أفضل وأهم وسيلة لمواجهة الانخفاض هو التحوط وعلى وجه السرعة بوضع استراتيجية وتبنيها سريعا لحماية احتياطياتها المالية من الانخفاض والتآكل، ولتوفير دخل سنوي غير مرتبط بأسعار البترول المتذبذبة لتحقيق مزيد من الاستقرار الاقتصادي، وذلك بإنشاء هيئة استثمارية لإدارة واستثمار الاحتياطي من عائدات النفط الذي فاقت فوائضه المالية نحو 762 مليار دولار في نهاية العام المنصرم، وحتى لا تتآكل وتتلاشى تلك المدخرات التي تحتل في الوقت الحالي المرتبة الثانية عربيا والرابعة عالميا من حيث الحجم. وأوضح أبانمي ل"الرياض" أن تأسيس هذه الهيئة الاستثمارية لإدارة واستثمار الاحتياطي باحترافية وخبرات عالية وبشفافية ومراقبة فعالة عبر أدوات متعددة وأجهزة استثمارية متفاوتة المخاطر لتحقيق عوائد مجزية تعد من أهم الوسائل لتحقيق عوائد أعلى من العوائد الضئيلة التي تتحقق على الاحتياطي الرسمي للمملكة في الوقت الحاضر، مبيناً أن مهمة إدارة الفوائض المالية للمملكة من أجل الاستثمار الأمثل وذو عائدا مجزي سيحقق لها أرباحا سنوية بمعدلات ضخمة وكمثيلاتها من الدول الأخرى التي تحقق من استثماراتها ما بين 8-10% عائدا في العام، وذلك لتنوع استثماراتها في الأسواق والعملات العالمية، مشيراً إلى أنه بالتالي فإن العائد السنوي سيقفز من ثلاثة مليارات دولار، كما هو الحال الآن إلى نحو 76 مليار دولار سنويا أو ما يشكل نحو 30% من الإيرادات المالية للمملكة، حيث بلغت الميزانية لعام 2015م 190.7 مليار دولار يشكل الواردات المالية النفطية منها نحو 90%، مما يؤكد أن اعتمادنا على الواردات النفطية سينخفض وبشكل تلقائي وعلى المدى القصير، أي بعد عام من الإستثمار الأمثل لمدخراتنا إلى 60%، وبالتالي توفير دخل سنوي للمملكة غير مرتبط بأسعار البترول المتذبذبة، ما يحقق مزيدا من الاستقرار الاقتصادي للمملكة واستمرار تنفيذ خططها الاقتصادية المستدامة، وكذلك مرونة أكثر في تبني سياستها النفطية المستقلة. وأشار إلى أن التحوط من انخفاض أسعار النفط بشكل فوري يجب أن يكون من جل اهتمامات المملكة في الوقت الحاضر والعمل وبشكل سريع على وقف تآكل أصول المدخرات والاحتفاظ بها كأصول لعوائد تستخدم لتخفيض اعتمادها على الموارد النفطية إلى مستويات ال60% من خلال العائدات الاستثمارية لمدخراتنا المالية، مشيراً إلى أن للمملكة مزايا نسبية سواءاً كانت في مجال البترول أو السياحة الدينية في مواسم الحج والعمرة أو موقعها الجغرافي المميز، جميعها ميزات عظيمة ولا تتميز بها أي دولة في العالم كما تتميز به المملكة، موضحاً أن تلك المميزات جدير بأن يواكبها تحليل جيو اقتصادي جاد لتعظيم تلك الميزات التي حبى الله بها هذا البلد المبارك والاستفادة القصوى منها بتوظيفها التوظيف الأمثل في تعزيز قوة المملكة الاقتصادية، وتنويع مصادر الدخل لمواجهة التحديات الراهنة والمستقبلية، من جراء انخفاض أسعار البترول وذلك بإيجاد بيئة اقتصادية بحثية قادرة على التعاطي مع هذه المميزة العظيمة والمتشعبة من خلال مراكز بحثية متخصصة في السياحة والنقل والمواصلات والعبور والصناعة، وتقدم لصناع القرار برؤية واضحة لتلك الميزة وتحديد برنامج تنفيذي وزمني محدد للانتهاء من تطويره ومايتفرع عنه وتسخير هذه القوة لتحقيق المكاسب على المدى القريب والبعيد.
مشاركة :