تحتضن المدينة المنورة الكثير من المعالم والمساجد الإسلامية والتاريخية التي تُعدّ محط أنظار حجاج بيت الله الحرام زائري طيبة الطيبة، التي تجسّد حقبة زمنية متفرّدة ترسم في ذاكرة الحاج تلك الفترة التي عاشها النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم وصحابته رضوان الله عليهم في هذه الأرض المباركة. ومن هذه المواقع التي يحرص حجاج بيت الله الحرام زوار المدينة المنورة على زيارتها المساجد السبعة، وهي مجموعة من المساجد الصغيرة، وعددها الحقيقي ستة، وليس سبعة كما هي شهرتها، لكنها اشتهرت بهذا الاسم "السبع المساجد"، حيث أورد المؤرخون أن "مسجد القبلتين" الذي يبعد عنها كيلومتر تقريباً يضاف إليها، لأن من يزور تلك المساجد عادةً يزوره أيضاً في الرحلة نفسها فيصبح عددها سبعة. وتقع هذه المساجد السبعة في الجهة الغربية من جبل سلع عند جزء من موقع الخندق الذي حفره المسلمون في عهد النبوة للدفاع عن المدينة المنورة عندما زحفت إليها جيوش قريش والقبائل المتحالفة معها في السنة الخامسة للهجرة، وعندها وقعت أحداث غزوة الخندق التي تعرف أيضاً بمسمى غزوة الأحزاب. وكانت هذه المواقع مرابطة ومراقبة في تلك الغزوة وسمي كل مسجد باسم من رابط فيه، عدا مسجد الفتح الذي بني في موقع قبة ضربت لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذه المساجد على التوالي من الشمال إلى الجنوب: الفتح، وسلمان الفارسي، وأبي بكر الصديق، وعمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب، وفاطمة. ويعرف أكبر المساجد السبعة بمسجد الأحزاب أو المسجد الأعلى، وهو مبني فوق رابية في السفح الغربي لجبل سلع، وسمي بهذا الاسم لأنه كان خلال غزوة الأحزاب مصلى لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ولأن سورة الفتح أنزلت في موقعه، وتلك الغزوة كانت في نتائجها فتحاً على المسلمين. ودعا الرسول صلى الله عليه وسلم في موضعه على الأحزاب ثلاثة أيام، فأستجيب له في اليوم الثالث. ويقع مسجد سلمان الفارسي ثاني المساجد جنوب مسجد الفتح مباشرة وعلى بعد 20 متراً منه فقط، في قاعدة جبل سلع وسمي باسم الصحابي سلمان الفارسي صاحب فكرة حفر الخندق لتحصين المدينة من غزو الأحزاب، ويتكون من رواق واحد طوله وعرضه 7 أمتار ودرجة صغيرة عرضها متران، وبني هذا المسجد في إمارة عمر بن عبدالعزيز على المدينة أيضاً، وجدد بأمر الوزير سيف الدين أبي الهيجاء عام 575هـ، وأعيد بناؤه في عهد السلطان العثماني عبدالمجيد الأول.
مشاركة :