النفط يحوم حول 60 دولارا بضغط الحرب التجارية ومخاوف تراجع الطلب

  • 8/7/2019
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

عادت أسعار النفط الخام إلى تسجيل مكاسب، حيث تحوم حول 60 دولارا للبرميل، عقب خسائر واسعة نجمت عن تصاعد حدة الصراعات التجارية بين الولايات المتحدة والصين فى ظل تهديد الإدارة الأمريكية بفرض مجموعة أخرى من الرسوم الجمركية على الواردات الصينية فى أيلول (سبتمبر) المقبل، وتهديد بكين أيضا بالرد بإجراءات مماثلة. وتتلقى الأسعار دعما من توقعات استمرار انخفاض المخزونات النفطية علاوة على تأثير العقوبات على إيران وفنزويلا والتطبيق الناجح للمنتجين في "أوبك" وخارجها لاتفاق خفض الإنتاج وتقييد المعروض للحفاظ على توازن السوق. يقول لـ"الاقتصادية"، مختصون ومحللون نفطيون، "إن تحالف المنتجين في "أوبك+" يبذل جهودا حثيثة لمنع حدوث انهيار في الأسعار، حيث إنه مع تصاعد تأثيرات الحرب التجارية قد يضطر إلى تحمل عبء ثقيل من خلال خفض الإنتاج بشكل أعمق". ولفتوا إلى أن كلا من الجانبين الأمريكي والصيني يتجهان إلى التصعيد من خلال تبادل فرض الرسوم، إذ لجأت الصين إلى تخفيض عملتها لتعزيز الصادرات وزيادة القدرة على الصمود في الصراع التجاري المشتعل. وأكد سيفين شيميل مدير شركة "في جي إندستري" الألمانية، أن انجراف المفاوضات التجارية نحو مزيد من التصعيد من الجانبين الأمريكي والصيني يلقي بظلال سلبية على السوق النفطية، مشيرا إلى استمرار حالة المعنويات السلبية مهيمنة على السوق منذ إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترمب فرض تعريفة بنسبة 10 في المائة على الواردات الصينية بقيمة 300 مليار دولار التي قد تصبح سارية المفعول في أول أيلول (سبتمبر) المقبل. وذكر أن حالة التأهب الصيني للرد على القرارات الأمريكية وليس الاستسلام لها أدت إلى تعميق المخاوف على وضع النمو الاقتصادي مع احتمال تصاعد تلك المواجهات في تجارة السلع المختلفة خاصة مع لجوء الصين إلى تخفيض قيمة اليوان لدعم الصادرات ومن أجل مواجهة آثار الرسوم الجمركية التجارية الأمريكية الجديدة. من جانبه، قال أندرو موريس مدير شركة "بويري" الدولية للاستشارات الإدارية، "إن توقعات التباطؤ والركود الاقتصادي أصبحت هي السمة المهيمنة على السوق في هذه المرحلة مع تصاعد التوترات التجارية، وسيطر الأمر على نحو واسع على جميع المتعاملين مع السوق النفطية". وأشار إلى أن ارتفاع الأسعار جاء كموجة تصحيحية لالتقاط الأنفاس، لكن الواقع يؤكد أن الحرب التجارية في ذروتها ومن المحتمل أن يمتد الأمر لتبدأ حرب عملات أيضا، مشددا على أن هذه التطورات تلحق تأثيرات سلبية واسعة بأسواق المال وبالاقتصاد العالمي بشكل عام. من ناحيتها، أوضحت الدكتورة ناجندا كومندانتوفا كبير المحللين في المعهد الدولي لتطبيقات الطاقة، أن القرار الأمريكي الأخير يجذب السوق إلى تأكيد حالة القلق الخاصة بالتباطؤ الاقتصادي، وهو أمر من المؤكد أن سيتكون له انعكاسات سلبية واسعة على مستويات الطلب على النفط الخام. وأشارت إلى أن خفض قيمة اليوان يساعد بالفعل على التخفيف من تأثير التعريفة الجمركية الأمريكية، لكن له مخاطر أخرى كبيرة أبرزها الحد من القوة الشرائية للمستهلك الصيني ومن ثم إضعاف النمو الاقتصادي الصيني. وأشارت إلى أن تداعيات الحرب التجارية على الطلب على النفط موضع اهتمام وبحث من كل المؤسسات والوكالات الدولية المعنية، خاصة أن التحدي كبير وقد يمتد لسنوات مقبلة، وقد يهدد بتكرار أزمات أو دورات اقتصادية صعبة كما حدث في سنوات سابقة. وأوضحت أن بيانات لبنك كومرتس الألماني أظهرت أن التباطؤ الاقتصادي الناجم عن التعريفات العقابية الجديدة من غير المرجح أن يترك الطلب على النفط دون ضرر مؤثر. بدوره، قال ردولف هوبر الباحث في شؤون الطاقة ومدير أحد المواقع المتخصصة، "إن التحدي كبير في ظل ظروف السوق الراهنة وهناك بالفعل جهود مقدرة لدعم التوازن والاستقرار في السوق من خلال الشراكة بين دول "أوبك" وخارجها وتمسك تحالف المنتجين في "أوبك+" بتقييد المعروض حتى آذار (مارس) المقبل مع احتمال الإقدام على تعميق تلك التخفيضات". ولفت إلى حقيقة الوضع المتأزم للاقتصاد العالمي في ضوء الأخذ في الحسبان أن الولايات المتحدة والصين هما أكبر دولتين مستهلكتين للنفط في العالم، وهما تمثلان ما يقرب من ثلث الطلب العالمي على النفط ونصف نمو الطلب المتوقع هذا العام، لذا فإن الصراعات التجارية بينهما تقود إلى تداعيات واسعة على استقرار نمو الاقتصاد العالمي، وهو ما دفع وكالة الطاقة الدولية إلى تخفيض توقعات نمو الطلب في العام الحالي مع ترجيح عودة وفرة الإمدادات بشكل كبير في الربع الرابع من العام الجاري. وفيما يخص الأسعار، ارتفع النفط قليلا أمس، بعد انخفاضات كبيرة سجلتها في الجلسات الماضية، لكن خام برنت يظل قرب أدنى مستوى له في سبعة أشهر حول 60 دولارا للبرميل بسبب تصاعد التوترات التجارية بين الصين والولايات المتحدة. وبحسب "رويترز"، انخفضت أسعار برنت بأكثر من 9 في المائة على مدى الأسبوع الفائت، مع تعهد الرئيس الأمريكي بفرض رسوم جمركية جديدة على واردات صينية واتخاذ بكين مزيدا من الإجراءات ضد الشحنات الزراعية الأمريكية. وردت الولايات المتحدة أيضا على انخفاض اليوان الصيني عبر وصف بكين بالمتلاعبة بالعملة في وقت لاحق. وبحلول الساعة 10:05 بتوقيت جرينتش، ارتفعت العقود الآجلة لخام القياس العالمي برنت 18 سنتا إلى 59.99 دولار للبرميل بعد أن انخفضت في وقت سابق إلى 59.07 دولار وهو أدنى مستوياتها منذ 14 كانون الثاني (يناير) الماضي. وزادت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 25 سنتا إلى 54.94 دولار للبرميل. وبلغت الأسهم العالمية أدنى مستوياتها في شهرين وتراجع برنت ما يزيد على 3 في المائة أمس الأول، إذ يشعر المتعاملون بالقلق من أن النزاع بين أكبر دولتين تشتريان النفط في العالم قد يؤثر سلبا في الطلب، ما أسهم في عمليات تغطية لمراكز مدينة. من جانب آخر، تراجعت سلة خام "أوبك" وسجل سعرها 60.54 دولار للبرميل أمس الأول مقابل 61.67 دولار للبرميل في اليوم السابق. وقال التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك" أمس، "إن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 14 خاما من إنتاج الدول الأعضاء في المنظمة حقق ثالث انخفاض له على التوالي، كما أن السلة خسرت نحو ثلاثة دولارات مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع الماضي، الذي سجلت فيه 63.79 دولار للبرميل".

مشاركة :