هل نملك روحاً رياضية؟

  • 8/8/2019
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

سوسن دهنيم بعض البشر يسعى في خصومته إلى تحويل أي مشكلة إلى عداوة تنتهي بانتقام. بعضهم يكظم غيظه ويتعامل مع أي خصومة أو سوء فهم باعتباره أمراً طارئاً سيزول قريباً. وبعضهم يسعى لتوسيع دائرة الخصومة، فيدخل من معه ضمنها ويجبرهم عليها، وبعضهم يسعى لمحاولة إيجاد حلول تلملم المشكلة وتنهيها. وبين هذا وذاك سنوات ضوئية من الفهم والعدل والرقي في التعامل. لكن ما يدعو للاستغراب هو تحوّل أي منافسة في أي مجال إلى خصومة وعداوة واستنفار يسعى فيها أي طرف إلى البحث والتنقيب عن فضح أسرار وعيوب الآخر. برغم تشدق الكثير بعبارة ضرورة التحلي بالروح الرياضية أثناء أي منافسة. وعلى ذكر الروح الرياضية لا بد من الإشادة بموقف الملاكم البورتوريكي سابريل ماتياس قبل أيام عندما توفي الملاكم الروسي مكسيم داداشيف بعد يوم من مواجهته معه، متأثراً بإصابة في الرأس، وما أثار الإعجاب هو ما قاله ماتياس بعد سماع نبأ الوفاة: «لقد كنت منهاراً بسبب وفاة داداشيف، لا يوجد أحد على استعداد للموت في مثل هذه الحالة. ندخل الحلبة من أجل توفير متطلبات الحياة لعائلاتنا. ارتق عاليا أيها المقاتل، أُرقد في سلام يا داداشيف».كما رفض بعدها ماتياس استلام المكافأة المالية والتي كان قدرها 75 ألف دولار نتيجة لتلك النهاية المأساوية لخصمه.هذه الروح هي المطلوبة في أي منافسة، أو نزال، أو خصومة، أو حتى عداوة إن سلمنا بأمر حتمية وجود هذا المصطلح البغيض. أثناء المشكلات وسوء الفهم أو الخصومة، وهو أمر طبيعي في أي علاقة مهما كنا نكره هذه المصطلحات، لا بد من تذكر فطرتنا الحقيقية، أننا بشر ننسى ونسامح ونعقل ونتفكر. بشر من الضروري أن نعيش معاً بسلام، من غير إثارة للنعرات والمشكلات، من غير حقد أو كراهية، من غير رغبة في الانتقام أو التشهير بأحد. وإن حدث طارئ أو مشكلة، فلا بد أن يسعى الطرفان لمحاولة حلها وفض الخصومة، إذ يقول رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم: «لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث، يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام». أما المنافسة في مجالات الحياة العملية والعلمية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية، فلا بد من تذكر تلك الروح الرياضية التي تحتم على الأطراف أن يكونوا بشراً وأن يتفهموا أن المنافسة ليست عداوة، وأنها ليست خصومة، بل حالة صحية يسعى معها الفرد والمجتمع والدولة للأفضل، فلولا المنافسة لما عرفنا التطور ولما حظينا بالمكاسب الجمة التي نعيشها اليوم. sawsanon@gmail.com

مشاركة :