قناة السويس الجديدة تحتضن طريق الحرير الصيني

  • 8/8/2019
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

يُظهر الاهتمام المتزايد بتطوير محور قناة السويس الجديدة أن الحكومة المصرية عازمة على جعلها محطة وحاضنة أساسية لطموحات مبادرة الحزام والطريق الصينية. واحتفلت مصر هذا الأسبوع بالذكرى الرابعة لافتتاح قناة السويس الجديدة، التي ساهمت في ارتفاع إيرادات الممر الملاحي إلى مستويات قياسية وكذلك أعداد السفن والحمولات العابرة. وكان الرئيس عبدالفتاح السيسي قد افتتح في السادس من أغسطس العام 2015 قناة السويس الجديدة، وهي عبارة عن مسار مواز للقناة القديمة، وحفرها المصريون في زمن قياسي خلال عام واحد فقط. وقال رئيس هيئة قناة السويس مهاب مميش خلال مؤتمر صحافي “إننا نحتفل بنجاح مشروع قناة السويس الجديدة” مشيرا إلى ظهور علامات النجاح في عائدات القناة والارتفاع المتسارع في معدلات مرور السفن. وقالت وكالة شينخوا الصينية إن المسؤولين المصريين لديهم طموحات كبيرة بأن تصبح القناة في المستقبل محورا لحركة التجارة العالمية بفضل طريق الحرير الصينية. 6.3 مليارات دولار عوائد قناة السويس في العام المالي الماضي بارتفاع 5.4 بالمئة بمقارنة سنوية وأضافت أن الصين تركز بشكل كبير على هذا الممر الملاحي الذي يربط البحرين الأحمر والمتوسط، باعتباره بوابة تجارية مهمة يمر عبرها 10 بالمئة من صادرات النفط العالمية و20 بالمئة من السلع التجارية. وأشارت إلى أن مبادرة الحزام والطريق التي تعرف أيضا بطريق الحرير تسعى إلى ضخ استثمارات ضخمة لتطوير البنى التحتية للممرات الاقتصادية العالمية، لربط أكثر من 70 بلدا، وأن قناة السويس تأتي في طليعة تلك الممرات. وكان الرئيس الصيني شي جينبينغ قد أطلق المبادرة في عام 2013، وهي مشروع يهدف إلى إنشاء حزام بري من سكك الحديد والطرق عبر آسيا الوسطى وروسيا، ومسارات بحرية تتيح للصين الوصول إلى أفريقيا وأوروبا عبر بحر الصين والمحيط الهندي، بكلفة إجمالية تبلغ تريليون دولار. وقال مميش إن “طريق الحرير ستبدأ بالعمل في الفترة القادمة وستصبح قناة السويس قلب حركة التجارة العالمية، خاصة أننا أنشأنا موانئ مثل ميناء شرق بورسعيد وميناء العين السخنة ومناطق صناعية ومناطق لوجستية”. وأوضح أن مشروع قناة السويس الجديدة لا يخدم مصر فقط، بل يخدم العالم كله، لأنه يجعل توصيل الغذاء وقطع الغيار والبضائع أسرع للعالم كله، بعد اختصار زمن الإبحار في القناة إلى النصف.وتشير البيانات الرسمية لهيئة قناة السويس إلى أن عائدات القناة خلال العام المالي الماضي المنتهي في يونيو بلغت 6.3 مليارات دولار بزيادة نسبتها 5.4 بالمئة عن العام المالي السابق مسجلة أعلى مستوياتها على الإطلاق. وأوضح بيان نشرته الهيئة أن عدد السفن التي عبرت القناة منذ افتتاح القناة الجديدة، أي خلال أربع سنوات، بلغت 70 ألفا و697 سفينة، بحمولات قياسية بلغت 4.268 مليارات طن من البضائع. وحققت الملاحة بالقناة في الثاني من أغسطس أعلى معدل عبور يومي للسفن في تاريخها، بعبور 81 سفينة بحمولات تجاوزت 6.1 مليون طن. وتستعد القناة لاستقبال أكبر سفينة حاويات في العالم، وهي من فئة ميغا ماكس 24 التي تبلغ طاقة استيعابها 23 ألف حاوية. وأوضح مميش، أنه “سيتم صرف استحقاق شهادات قناة السويس الجديدة لأصحابها ومودعيها اعتبارا من الرابع من سبتمبر القادم في البنوك التي تم إيداع الشهادات بها”. وكانت الحكومة قد مولت إنشاء قناة السويس الجديدة والأنفاق العملاقة الأربعة أسفلها من خلال شهادات استثمار، وأقبل المصريون على شراء الشهادات من البنوك، التي جمعت 64 مليار جنيه (3.86 مليارات دولار) في ثمانية أيام فقط. ولم تقتصر مزايا القناة الجديدة على زيادة الإيرادات وأعداد السفن العابرة، بل امتد الأمر إلى المنطقة الاقتصادية للقناة. وقال مميش، إنه “عندما أنشئت قناة السويس الجديدة بدأت الحياة تدب في المنطقة الاقتصادية للقناة”. وشهدت المنطقة الاقتصادية لقناة السويس طفرة غير مسبوقة، حيث بلغ عدد المشروعات الاقتصادية العاملة بها 192 مشروعا عملاقا، باستثمارات قيمتها 25 مليار دولار. وتستهدف إدارة المنطقة الاقتصادية 55 مليار دولار بحلول العام 2035، بما يوفر نحو مليون فرصة عمل للشباب، حسب البيان. واستعرض فيلم وثائقي تم عرضه خلال المؤتمر المشروعات التنموية في منطقة القناة، حيث تم إنشاء أربعة أنفاق أسفل القناة بعمق 30 مترا، اثنان بالإسماعيلية واثنان ببورسعيد، إلى جانب إنشاء خمسة كباري عائمة، وذلك لربط سيناء بالوادي. وتضمنت المشروعات التنموية أيضا مشروع الاستزراع السمكي على مساحة 7500 فدان، والذي تم افتتاح المرحلتين الأولى والثانية منه، ويهدف إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي من الثروة البحرية.وشملت كذلك تحديث أسطول هيئة قناة السويس بمعدات وسفن خدمات متطورة مثل سفينة الخدمات متعددة الاستخدامات التي تحمل اسم “أحمد فاضل” والسفينة “أمان” التي تعد أكبر وحدة إمداد بالشرق الأوسط. ومن بين المشروعات أيضا مشروع تطوير ميناء شرق بورسعيد وتحويله إلى ميناء محوري عالمي يربط الشرق بالغرب، حيث تم إنشاء أرصفة جديدة ليصبح الميناء قادرا على استقبال السفن العملاقة، ومنطقة لوجستية على مساحة 24 كيلومترا. كما تم تطوير ميناء العين السخنة، وتزويده بأنظمة آلية وإنشاء ساحة للبضائع ومحطة لتداول الحاويات والبضائع. وجرى أيضا إنشاء منطقة صناعية على مساحة 63 مليون متر مربع، وتطوير أسطول الصيد حيث من المقرر إنشاء مئة سفينة في شركات هيئة قناة السويس. وعززت إيرادات قناة السويس من صافي الاحتياطي النقدي لدى البنك المركزي المصري حيث اقتربت من حاجز 45 مليار دولار بنهاية الشهر الماضي. ومن المتوقع أن يرتفع هذا الرصيد بعد أن أعلن وزير المالية محمد معيط الاثنين الماضي أن بلاده تسلمت الشريحة الأخيرة من قرض صندوق النقد الدولي والبالغ قيمتها ملياري دولار. ووقعت مصر وصندوق النقد الدولي، اتفاقا في أواخر 2016 للحصول على قرض بقيمة 12 مليار دولار على مدار ثلاث سنوات، وباستلام هذه الشريحة تكون قد حصلت على كامل القرض. وحصلت القاهرة على القرض من أجل دعم برنامج الإصلاح الاقتصادي، الذي شمل تحرير سعر صرف العملة المحلية، وإلغاء دعم الطاقة والوقود تدريجيا، مع إقرار حزمة من التشريعات الاقتصادية.

مشاركة :