ميثاق أخلاقيات مهنة الصحافة بالمغرب تنظيم ذاتي محكوم بقواعد زجرية

  • 8/8/2019
  • 00:00
  • 9
  • 0
  • 0
news-picture

دخل ميثاق أخلاقيات مهنة الصحافة حيّز التنفيذ، بالمغرب طبقا لما ينص عليه قانون إحداث المجلس الوطني للصحافة. ويعتبر المجلس الميثاق “لبنة أساسية من لبنات التنظيم الذاتي للمهنة، حيث جاء ثمرة لتراكم وطني ساهمت فيه الهيئات المغربية للصحافة والإعلام”. وأضاف المجلس في بيان أنه استلهم في النص، الذي صادق عليه، مختلف التجارب التي سادت على الصعيد الدولي، وكذا كل المستجدات التي عرفتها المواثيق على ضوء التحولات الطارئة في مجال تكنولوجيات التواصل. وأكد سامي المودني رئيس المنتدى المغربي للصحافيين الشباب، في تصريح لـ”العرب”، أن التوفر على ميثاق لأخلاقيات المهنة هو مسألة إيجابية في حد ذاته وتقدّم وإن كان بطيئا نحو ضمان حرية الإعلام في المغرب، مثنيا على عمل المجلس الذي فتح باب المشاورات مع جمعيات المجتمع المدني التي لها صلة بمجال الإعلام وطلب منها إمداده بملاحظاتها. لكن المودني، لفت إلى أن تلك الاجتماعات لم يعقبها لقاءات عامة مع الصحافيين والصحافيات من خلال ندوات وطنية أو أيام دراسية على مستوى الجهات، من أجل فتح باب التشاور الواسع مع المعنيين بالأمر أساسا وهم الصحافيون، ومع الأسف هذا التشاور مع الصحافيين والصحافيات كان غائبا بالمطلق وتم إعداد الميثاق بطريقة أحادية. حقوقيون ينتقدون العبارات الفضفاضة التي جاءت في الميثاق عند الحديث عن واجبات الصحافي وحسب ذات البيان يضع المجلس الوطني للصحافة هذا الميثاق الأخلاقي، كإطار لاحترام آداب مهنة الصحافة ومدونة سلوك ممارستها، انطلاقا من مسؤولية الصحافيين الاجتماعية إزاء الجمهور الذي يستمدون منه شرعيتهم، دفاعا عن حرية التعبير وتعزيزا لحرية الصحافة وخدمة للديمقراطية وتعدد الآراء والحق في الاختلاف. وأشار المصدر ذاته إلى أن حق المواطن في الإعلام هو الذي تتفرع عنه ليس حقوق الصحافيين فقط، ولكن واجباتهم، بالأساس، لضمان إعلام حر وصادق ومتعدد ومسؤول ومهني. وعليه سيعمل المجلس طبقا لبرنامج عمله، على تفعيل مبادئ هذا الميثاق، من خلال برامج وحملات تحسيسية، وملتقيات دراسية وندوات مهنية، واجتماعات مع الصحافيين والناشرين ومختلف الفاعلين في ميادين الصحافة والإعلام والتواصل، لتعزيز الالتزام بقواعد أخلاقيات المهنة وتكريسها في السلوك اليومي للمهنيين، وتفعيلها داخل مختلف المؤسسات العاملة في القطاع. وفي هذا السياق، أكد المجلس الوطني للصحافة أنه سيتعاون لبلوغ هذه الأهداف مع المنظمات المهنية، والمؤسسات التعليمية والأكاديمية، لاسيما تلك المتخصصة في التكوين الصحافي والإعلامي، ومع الهيئات الوطنية، وجمعيات المجتمع المدني، المعنية بمبادئ الميثاق. وعلى مستوى المضمون، في تقدير سامي المودني، يلزم الوقت من أجل القيام بعملية استقراء للمذكرات التي رفعتها الجمعيات ومن بينها المنتدى المغربي للصحافيين الشباب، والنظر في مدى الاستفادة منها على مستوى إعداد هذا الميثاق. والملاحظ أنه رغم ما راكمه المجتمع المدني من تجربة في هذا المجال، يقول المودني، إلا أنه لم تجر الاستفادة بالشكل الكافي من المذكرات التي تم رفعها، من طرف معدّي هذا الميثاق. وجدد المجلس الوطني للصحافة، التزامه بالعمل بكل نزاهة ومصداقية وتجرّد، لتفعيل بنوده، احتراما للرسالة النبيلة لمهنة الصحافة، ولمسؤوليته الاجتماعية، التي تم تكريسها عبر القانون المحدث له، وعبر نشر هذا الميثاق في الجريدة الرسمية.وفي هذا السياق لاحظ سامي المودني، أن الميثاق أغرق كثيرا في الحديث عن واجبات الصحافي ولم يخصص حيزا كبير للتنصيص على حقوقه، والواقع أن أغلبية مواثيق مهنة الصحافة في العالم منذ ميثاق ميونيخ تخصص دائما حيزا معتبرا للتنصيص على حقوق الصحافي. وأشار المتحدث، إلى أن هناك نقاطا كان يمكن التنصيص عليها باعتبارها نتاج اجتهادات دولية في مجال حرية الإعلام، من قبيل حق الصحافي في احترام حياته الخاصة وضمان أمنه الرقمي على مستوى حساباته في شبكات التواصل الاجتماعي وبريده الإلكتروني. واعتبر ميثاق أخلاقيات مهنة الصحافة أنه ملزم بحماية حق مصادره في السرية، إلا في الحالات التي يحددها القانون، وعليه تجنّب اللجوء للطرق والوسائل غير الشريفة للوصول إلى المعلومات والأخبار. وأضاف أنه يقتضي الواجب تقديم مواد بشكل يستطيع معه المتلقي التمييز بوضوح بين الخبر والتعليق، لأن الخلط المقصود بين المعطى الخام والرأي الشخصي يعتبر خداعا. والأخطر حسب سامي المودني رئيس المنتدى المغربي للصحافيين الشباب، العبارات الفضفاضة التي جاءت في الميثاق عند الحديث على واجبات الصحافي، ما يجعل الباب مفتوحا لمعاقبة أيّ صحافي بناء على معطيات جرى قراءتها بشكل خاطئ. واعتبر الحقوقي، عزيز أدمين، أن بنود الميثاق عبارة عن مجموعة من القواعد الزجرية، وتم تحويل مجموعة من النصوص في القانون الجنائي وقانون الصحافة والنشر إلى بنود الميثاق، والخطورة تزداد أن الصيغ والمفردات المستعملة فضفاضة وعامة، ويمكن تأويلها حسب الوقائع والسياقات كما يريد بها أصحاب مجلس الصحافة. وختم رئيس المنتدى المغربي للصحافيين الشباب، أن على المجلس الوطني للصحافة المبادرة إلى فتح نقاش حقيقي مع الصحافيات والصحافيين حول الميثاق الذي أعدّه، لأن ما يحتاجه الجسم الصحافي المغربي اليوم هو النقاش الجاد والمسؤول البعيد عن الصراعات الضيقة. مستدركا أن هناك من يعرقل أي توجه نحو فتح هذا النقاش، لأنه سيفضح جهله بقواعد هذه المهنة وأخلاقياتها والاجتهادات الدولية في مجال حرية الإعلام.

مشاركة :