ما هي تداعيات العملية العسكرية التركية في سوريا؟

  • 8/8/2019
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

قضية "المنطقة الآمنة"، لطالما شكّلت بتفاصيلها أرضية خلاف بين واشنطن وأنقرة، خاصة ما يتعلق منها بحجم وقيادة المنطقة في ظل وجود وحدات حماية الشعب الكردية التي قاتلت إلى جانب القوات الأمريكية ضد متشددي تنظيم الدولة الإسلامية وتعتبرها أنقرة قوات إرهابية تشكل خطرا أمنيا كبيرا. واشنطن التي سلّحت ودعمت "وحدات حماية الشعب الكردية"، أبدت خلال الأشهر الماضية معارضة لمطالب أنقرة بالسيطرة على مساحات من الأراضي السورية بعمق 32 كيلومتراً، وبدلاً من ذلك اقترحت واشنطن منطقة آمنة عبارة عن شريط منزوع السلاح لمسافة خمسة كيلومترات تعززها منطقة إضافية خالية من الأسلحة الثقيلة لمسافة تسعة كيلومترات، ما يجعل الامتداد الكامل للمنطقة داخل سوريا أقل من نصف المساحة التي تسعى إليها القيادة التركية المُطالبة أيضاً بأن تكون لها السلطة المطلقة على المنطقة، وهو ما يعدّ نقطة خلاف أخرى مع الولايات المتحدة. منع ظهور كيان كردي تركيا كانت دفعت بقوات إلى شمال سوريا مرتين في الأعوام الثلاثة الماضية متذرعة بمخاوف أمنية من الحرب الأهلية المتوصلة منذ ثماني سنوات على الأراضي السورية، ولكن، لماذا هذا الحرص التركي على القيام بعملية عسكرية ثالثة شرق نهر الفرات في أراضي الجارة الجنوبية؟ يقول مدير مركز العراق لعلم الاجتماع والباحث المشارك في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية، عادل بكوان لـ"يورونيوز": "ستبذل تركيا كل ما في وسعها لمنع ظهور كيان كردي على طول حدودها"، لافتاً إلى أن أنقرة تنظر إلى "وحدات حماية الشعب الكردية"، (العامود الفقري لقوات سوريا الديمقراطية)، كـ"ميليشيات إرهابية ويشكلون تهديداً أمنياً لتركيا". للمزيد في "يورونيوز":تركيا تتأهب لعمل عسكري مع تعثر المحادثات مع أمريكا حول منطقة آمنة في سورياإردوغان: عازمون على تدمير"ممر الإرهاب" في شرق الفرات بسورياتركيا تعلن عن مقتل عشرة مسلحين أكراد في تل رفعت شمالي سورياأسباب تركية داخلية ويضيف بكوان: إن تركيا تسعى أيضاً إلى تأمين دورٍ لها في صياغة مستقبل سوريا بين اللاعبين الرئيسيين؛ ابتداءً من واشنطن وموسكو، مروراً بإيران والجماعات الإسلامية المسلحة، وصولاً إلى الميليشيات الكردية، ووفق هذا المنطق تتأسس مصلحة أنقرة في السيطرة على أكبر مساحة ممكنة من الأراضي السورية. ولعلّ ثمة أسباب داخلية تدفع القيادة التركية للقيام بعملية عسكرية في سوريا، وفي هذا السياق، يقول بكوان: "يشهد حزب أردوغان (العدالة والتنمية) انقساماً على إثر فقدانه المدن الكبرى مثل إسطنبول وأنقرة في الانتخابات المحلية التي شهدتها البلاد العام الجاري"، مستطرداً: إن "التدخل العسكري من شأنه أن يسمح للزعيم التركي المحاصر (أردوغان) بأخذ مركز الصدارة مرة أخرى"، على حد تعبير بكوان.التدخل العسكري والعلاقات بين واشنطن وأنقرا من المحتمل أن يكون للتدخل التركي في شمال سوريا عواقب وخيمة على العلاقات المتوترة أصلاً بين العضوين في حلف شمال الأطلسي، فقد أغضبت تركيا حليفتها الولايات المتحدة الشهر الماضي عقب شراء معدات الدفاع الصاروخي الروسية، كما وأن مواقف البلدين تختلف بشأن عقوبات واشنطن على طهران، إضافة إلى رفض الولايات المتحدة تسليم المعارض فتح الله غولن للسلطات التركية. وفقًا للخبراء، يمكن أن تشمل الأهداف العسكرية المحتملة لتدخل تركي جديد في شمال سوريا مناطق؛ منبج وتل أبيض وكوباني، تلك المناطق التي تشهد وجوداً للقوات الأمريكية، ما يعني أن القوات الأمريكية قد تخاطر بالتعرض لأية أعمال عدائية. وكان وزير الدفاع الأمريكي، مارك إسبير، قال يوم أمس الثلاثاء: إن أي عملية تركية في شمال سوريا ستكون "غير مقبولة" وأن الولايات المتحدة ستمنع التوغلات من جانب واحد. الولايات المتحدة، يتملكها شعور بضبابية الرؤية فيما يتعلق بآليات التوازن بين تحالفها المتواصل مع تركيا منذ قرن من الزمن، وبين شراكتها الاستراتيجية مع الأكراد السوريين، ويقول بكوان: إن الأكراد بالنسبة لواشنطن هم المفتاح في الحرب ضد داعش، وهم أيضاً السبيل لتأمين دورٍ للولايات المتحدة في سوريا بعد انقضاء الحرب. ويشير الباحث إلى أن محاولة واشنطن إرضاء الطرفين أدت إلى إطلاقها تصريحات متناقضة خلال الأسابيع القليلة الماضية، وأن القوة العظمى العالمية "لا تزال تفتقر إلى سياسة مستقرة وواضحة وثابتة" في هذا الشأن.الآثار المترتبة على أكراد سوريا يقول بكوان لـ"يورونيوز": "منذ شهر كانون الثاني/يناير الماضي أخذ وضع أكراد سوريا بالتراجع خاصة مع فقدانهم لمدينة عفرين"، ففي العام الماضي ، اجتاحت القوات التركية وحلفاؤها السوريون الجيب الكردي الشمالي الغربي بعد أشهر من القصف العنيف. ويضيف باكوان: "إذا تخلت الولايات المتحدة عن أردوغان هذه المرة، فإن المفاوضات مع بشار الأسد قد تكون خيارًا للأكراد". لكن بالنظر إلى آراء الرئيس السوري، فإن هذا سيعني نهاية الأكراد ككيان سياسي، على الرغم من إمكانية وجودهم كمجموعة ثقافية داخل الدولة السورية، وفق ما ذهب إليه الباحث باكوان. خيار آخر يمكن أن يتم تداوله بشأن أكراد سوريا وهو إقناع موسكو وطهران، اللتين هما لاعبان رئيسيان في الحرب السورية، بمنح الحكم الذاتي للأكراد والدفاع عن قضيتهم أمام دمشق وأنقرة.العملية التركية والحرب ضد داعش حقيقة أن القوات الكردية تسيطر على السجون التي يحتجز فيها حوالي 10،000 مقاتل من تنظيم الدولة الإسلامية من المرجح أن تمنحهم نفوذا. وفي هذا الصدد يقول بكوان: إنه إذا قرر الأكراد فتح السجون والخروج من القتال، فسيكون ذلك "فوضى تامة"، على حد تعبيره. وفي تقرير جديد نُشر يوم أمس الثلاثاء، حذر البنتاغون الأمريكي من أن تنظيم داعش "يعاود الصعود في سوريا". ويقول بكوان "من الناحية الأيديولوجية والاجتماعية، لا تزال جماعة داعش موجودة في سوريا حتى لو هُزمت عسكريا"، مضيفاً أن التدخل التركي يحمل خطر استعادة داعش حضورهم العسكري.

مشاركة :