القصة القصيرة جداً لا يكتبها إلا الشجعان

  • 8/9/2019
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

تتحدث الدكتورة الروائية القاصة زينب الخضيري عن مجموعتها القصصية الجديدة من نوع ق ق ج التي بعنوان (وحدي أربي صغار الشوق) المكثفة بالفكر الفلسفي معرجةً في حديثها على حال القصة القصيرة في المشهد الثقافي السعودي والدور الذي قدمتهُ المثقفة السعودية في لذلك الجنس الأدبي المتميز. r ما الطرق التي تتبعينها عندما تقدمين على إعداد المادة الأدبية كاتبةً ونشراً؟ - في الواقع أرتكز في الكتابة على عدة أشياء أولها مشروع الخيال، ثم البحث عن فكرة لترجمتها كتابياً ربما ليست هي الطريقة الوحيدة في التأليف ولكنها تمنحني ثقة أكبر فيما أكتب، هذه الأفكار تأتي من جملة واسعة من القراءات والملاحظات اليومية والتدوينات، كذلك مواقف الحياة قادرة على أن تفجر في داخلي كثيراً من الإمكانات الكتابية، بعد ذلك اشتغل على النص، فأنا لا أكتفي من الكتابة، والمساحات الفاضية غير المأهولة أحاول اكتشافها. r ما سبب اختيارك لعنوان المجموعة، وهل تعتمدين في ذلك على نفسك أو تستشيرين أحداً؟ - اخترته من وحي إحساسي، عادة لا استشير أحداً في العناوين لأنها تمثل ذائقتي الشخصية. r يقال إن القصة القصيرة جداً ملأى بالفراغات التي يملؤها المتلقي، أنتِ ماذا تقولين عن ذلك الفن الأدبي؟ - القصة القصيرة جداً هي فن أدبي بارع، مميز، دافئ، ومختزل، ليس الكل يجيده، لذلك عليك أن تكون شجاعاً لتكتب هذا الفن، المتلقي الآن مشارك في جميع فنون السرد وليس فقط القصة القصيرة جداً، لذلك لا ينبغي مقاطعة الكاتب وسؤاله عن معنى ما يكتب، لذلك تأتي القصة القصيرة جداً اختزالاً لبعض تجارب أو رؤى الكاتب. r هل تشهد القصة الومضة حراكاً في المشهد الثقافي السعودي كاتبةً ونقداً، وهل لعبت المثقفة السعودية دوراً يذكر في ذلك؟ - بالتأكيد، والحراك قائم في جميع أنواع السرد ولا تنسي أن جغرافية المملكة وتنوعها أبرزت لنا كثيراً من الإبداع وما زالت، والقصة القصيرة جداً لها محبوها وكتابها، مثلها مثل أي جنس أدبي آخر، لذلك نموها وخبوها مرهونان بالحراك الثقافي بالمملكة. r تكتبين أجناساً أدبية مختلفة كيف تحكمين الوثاق للخروج بأحد تلك الأجناس دون أن يؤثر الجنس الأدبي الآخر في مخيلتك وفكرك؟ - أنا استمتع كثيراً بالكتابة، وأحب التجريب والتنوع، أتنقل بين كتابة المقالة والقصة القصيرة، والقصة القصيرة جداً، وأتوقف عند الرواية عشقي الأول والأخير، كل جنس من هذه الأجناس له تجربته وإحساسه وشغفه، الكتابة المستمرة تجعلك قادرة على التحكم بعوالمك الكتابية وتصنيفها، واعتبرها تمرن المخيلة وتجعلك قادرة على التمييز بعمق بين هذه الأجناس ومن ثم التوجه لكل واحدة منها حسب ما تقتضيه الكتابة. r ما الفرق بين الإصدار الأول والحالي بالنسبة لكِ في القصة، وما أهم المواضيع التي طرحتِ من خلالها؟ - الفرق كبير من حيث التجربة والممارسة والأفكار، وأنا أجد نفسي أكبر وأنمو مع الكتابة، لذلك ألاحظ تطوري واختلافي مع الزمن؛ وهذا شيء طبيعي جداً التمرحل والنمو والنضج، فممارسة الكتابة اليومية تجعلني أقفز قفزات في الكتابة، ولا أهمل جانب كتابتي للمقالة الأسبوعية خدمتني كثيراً في القراءة والاطلاع والانضباط، واستنطاق الأفكار. r ما سر شغفك بالقصة القصيرة وأيها أقرب لكِ القصيرة أو القصيرة جداً؟ - في الواقع أنا شغوفة بكل أنواع السرد، وأحب التجريب والتحدي، والقصة القصيرة جداً هي نوع من أنواع التحدي الذي أجربه، وتناسب المزاج القرائي السريع الذي لا يحتاج إلى جهد في القراءة. r وصفت القصة القصيرة جداً من قبل النقاد بأنها جنس أدبي غير شرعي، ماذا تقولين عن ذلك، وهل ذلك الجنس الأدبي فن غربي بامتياز؟ - تتسم القصة القصيرة جداً بالجرأة والوحدة والتكثيف والاقتضاب، والمفارقة والسخرية، والإدهاش، واستخدام الرمز والإيماء والتلميح والإيهام، وتميزها في اختيار العنوان الذي يحفظ للخاتمة صدمتها، ولا اتفق مع مقولة إنها جنس أدبي غير شرعي لأنها ولدت كاملة من أبيها وأمها الشرعيين السرد، وهي أتت من مدارس غربية إذن هي فن غربي بامتياز فهي ولدت هناك وبناؤها ومعمارها اكتمل في الغرب مثل الرواية. r لمن تقرئين من الكتاب والكاتبات عالمياً وعربياً في مجال القصة القصيرة جداً، وكيف ترين بروز كاتبات سعوديات في ذلك مثال الدكتورة شيمة الشمري التي صدرت لها تقريباً خمس مجموعات من نوع ق ق ج؟ - لنتفق أن القصة القصيرة جداً ليست فناً جديداً ونجدها في الأدب الغربي لدى كثير من كتّاب القصة القصيرة منذ أكثر من قرن من الزمان، ويعد إيفان تورغينيف المؤسس الحقيقي لهذا الفن، أيضاً أنطون تشيخوف كتب قصة قصيرة جداً، وإيفان بونين، وفرانز كافكا، وأرنست همنجواي، وراي برادبري، والياباني ياسوناري كاواباتا، والأرجنتيني خوليو كورتاثر، كذلك تجربة بورخيس في هذا المجال، والكثير من الكتاب العالميين، وعلى الصعيد العربي كتب نجيب محفوظ قصة قصيرة جداً، وقد اطلعت على الكثير منها باللغة الإنجليزية في حين أن المترجم منها قليل جداً، والقاصة شيمة الشمري قرأت لها «ربما غداً» وكذلك «عرافة المساء»، وقد أعجبني جداً ما قرأت وأتمنى أن أقرأ لها المزيد من إنتاجها، ويسعدني جداً بروز كاتبات سعوديات بهذا المجال، وهذا الحضور على المستوى الإبداعي يبهجني جداً. r ما رأيك في الورشة الأدبية التدريبية التي من الملاحظ أن المؤسسات الثقافية لا تعنى بذلك الجانب رغم أهميته في صقل المواهب وتجديد دماء الموهبة؟ - نحن نحتاج إلى معاهد لإقامة هذه الورش التدريبية، فالموهبة وحدها لا تكفي لبناء المعمار القصصي أو الروائي، ولكني متفائلة الآن بتوجهات وزارة الثقافة؛ فحسب اطلاعي هناك خطوات عملية تقوم بها الوزارة لتأصيل هذه المبادرات. r دور النشر ماذا تقولين عنها، وأي الدور تفضلين التعامل معها وما السبب؟ - أغلب دور النشر لا تنصف الكاتب، وأفضل التعامل مع الدور التي تهتم بجودة النص قبل أي شيء، تساعدك على قراءته وتصحيحه، كذلك تسقط خبرتها على قيمة نصك في السوق، وفي النهاية كل شيء في سوق الكتاب يخضع للعرض والطلب. r ماذا تعني لك الكتابة الأدبية، وأي الأجناس شغفك حباً قراءة وكاتبة؟ - من الصعب التحدث عن الذات ولكن الكتابة جزء من تكويني النفسي والعقلي ولا أتخيلني دونها، فأنا مغرمة بها جداً ولا يكاد يمر يوم دون أن أكتب، أقرأ كثيراً جداً، فهناك ممن أنا ممتنة لهم كالجاحظ، وابن الطفيل، والتوحيدي، وابن المقفع، أحببت شكسبير، ودانتي الذي أرغمني على عشق الكوميديا الإلهية لأنها كانت ملحمة فيها الكثير من الفلسفة، الجغرافيا، الفلك، الإيمان بالغيب، جيمس جويس، فرجيينا وولف، فوكنر، جين أوستن، بورخيس، كافكا، محمد أركون الذي اشتغل على مفهوم الأدب وكتب حول الأدب الفلسفي، والكثير من الكتب التي لا تبوح بأسرارها إلا لمن يقرأها أكثر من مرة، شغف القراءة يتبعه شغف بالكتابة، تجتمع الأفكار كغيمات رمادية ثقيلة في عقلي ثم تمطر الكتابة، ولعل أقرب جنس أدبي إلى نفسي هي الرواية، فهي بالنسبة لي فضاء واسع لا حدود له أستطيع أن أخزن فيه كل ما شئت من أبطال وحكايات طويلة؛ لأن قيمة النص الروائي تكمن في القضية التي يطرحها.

مشاركة :