شكوك بشأن تطبيق اتفاق المنطقة الآمنة شمال سوريا

  • 8/9/2019
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

تلف حالة من الشك الاتفاق التركي الأميركي بشأن إقامة منطقة آمنة في الشمال السوري، انعكست في مواقف الأكراد والأمم المتحدة؛ الجهتان اللتان بدتا حذرتين في التعقيب عليه. وهذا الحذر يبرز أيضا في موقف أنقرة التي أظهرت على لسان وزير خارجيتها مولود جاويش أوغلو خشية أن تكون الولايات المتحدة تناور من خلاله لكسب الوقت. وبعد ثلاثة أيام من المحادثات المكثفة لتفادي هجوم تركي جديد ضد أكراد سوريا، أعلنت واشنطن وأنقرة الأربعاء الاتفاق على إنشاء مركز عمليات مشترك “لتنسيق وإدارة منطقة آمنة” في مناطق سيطرة الأكراد قرب الحدود التركية. ولم يتضمن الإعلان أي تفاصيل حول حجم تلك المنطقة الآمنة أو موعد بدء إنشائها أو كيفية إدارتها، بل اكتفى بالإشارة إلى أنها ستكون “ممرا آمنا” مع التأكيد على ضرورة عودة اللاجئين السوريين في تركيا. وغداة إعلان الاتفاق سارعت دمشق، التي تأخذ على الأكراد تحالفهم مع واشنطن، إلى رفضه. وأكد مصدر في وزارة الخارجية السورية، وفق ما نقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا)، “رفض سوريا القاطع والمطلق للاتفاق الذي أعلن عنه الاحتلالان الأميركي والتركي حول إنشاء ما يسمى بالمنطقة الآمنة”. وحمّل المصدر الأكراد مسؤولية الاتفاق نتيجة تحالفهم مع الأميركيين. وقال إن “بعض الأطراف السورية من المواطنين الأكراد التي فقدت البصر والبصيرة وارتضت لنفسها أن تكون الأداة والذريعة لهذا المشروع العدواني الأميركي-التركي تتحمّل مسؤولية تاريخية في هذا الوضع الناشئ“. ومع توسّع دور الأكراد في سوريا وإنشائهم إدارة ذاتية في شمال سوريا وشمال شرقها، زادت خشية تركيا أن يقيموا حكما ذاتيا قرب حدودها. ولمواجهة توسّع الأكراد، شنّت أنقرة منذ 2016 عمليتين عسكريتين في سوريا، وتمكنت في العام 2018 من السيطرة مع فصائل سورية موالية لها على منطقة عفرين، ثالث أقاليم الإدارة الذاتية الكردية.ومنذ ذلك الحين، لم تهدأ تهديدات أنقرة بشنّ هجوم جديد على مناطق الأكراد في شمال وشمال شرق سوريا، والتي يطلق عليها تسمية “شرق الفرات”، وينتشر فيها المئات من أفراد القوات الأميركية الداعمة للأكراد. وتعليقا على الاتفاق، قال القيادي الكردي البارز وأحد مهندسي الإدارة الذاتية ألدار خليل “قد يكون هذا الاتفاق بداية أسلوب جديد، لكن نحتاج إلى معرفة التفاصيل وسنقوم بتقييم الأمر حسب المعطيات والتفاصيل وليس اعتمادا على العنوان”. وأضاف خليل “في جميع الأحوال لا يزال (الرئيس التركي رجب طيب) أردوغان مصرّا على إنهاء وجودنا”. من جهته، اعتبر وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو في مؤتمر صحافي في أنقرة أنّ الاتفاق “خطوة جيدة جدا”، محذّرا في الوقت ذاته من أنّ بلاده “لن تسمح” بأن يتحوّل إلى محاولة لكسب الوقت. وقال “يجب أن يدخل الاتفاق حيّز التنفيذ”. وخلال أشهر، سعت واشنطن إلى التوصل إلى حلّ بين حليفيها، تركيا شريكتها في حلف شمال الأطلسي من جهة، والأكراد الذين هزموا تنظيم الدولة الإسلامية بدعم منها. واقترح الرئيس الأميركي دونالد ترامب نهاية العام الماضي إنشاء منطقة آمنة، لكن رؤية الأطراف لتلك المنطقة الآمنة تختلف تماما إن كان من حيث حجمها أو من حيث كيفية إدارتها. وقدّمت الولايات المتحدة اقتراحات عدة، إلا أن أنقرة لم توافق على أي منها، واعتبرت أن ما تقوم به واشنطن هو مجرد محاولات لـ”ربح الوقت”. وتطمح أنقرة إلى إنشاء منطقة آمنة بعرض أكثر من 30 كيلومترا على طول حدودها داخل سوريا، على أن تسيطر عليها بالكامل وتنسحب منها وحدات حماية الشعب الكردية، التي تصنّفها منظمة “إرهابية”. ويرى مراقبون أن أحد أهداف أنقرة يكمن في محاولتها وضع يدها على مناطق جديدة في سوريا تعيد إليها اللاجئين السوريين لديها، وهي التي تستضيف 3.6 مليون منهم. ومن هنا كان البند المتعلق بالتأكيد على ضرورة عودة اللاجئين، أكثر ما لفت الكثير من المراقبين في الاتفاق الأخير. ولعب وجود اللاجئين دورا في خسارة حزب الرئيس رجب طيب أردوغان الحاكم في الانتخابات البلدية الأخيرة، ما جعله تحت ضغوط سياسية داخلية عدة يسعى لتجاوزها. وقد ظهرت مؤخرا مؤشرات عداء متزايد ضد اللاجئين السوريين في تركيا. وإلى جانب رغبة الرئيس التركي في حل معضلة اللاجئين فإن الأخير يطمح لتتريك كامل الشريط الحدودي أسوة بما حصل في عفرين وجرابلس والباب وغيرها من مناطق ريف حلب، من خلال توطين السوريين الموالين له.

مشاركة :