أودع الرئيس التونسي الأسبق، محمد المنصف المرزوقي، ملف ترشحه للانتخابات الرئاسية المبكرة والمقرر لها منتصف سبتمبر المقبل. وقال المرزوقي، عقب إيداع ترشحه لدى الهيئة العليا المستقلة للانتخابات: "اليوم هو عرس للديمقراطية مذكرا بأنه تم الزج به في السجن لمدة 4 أشهر إثر ترشحه للانتخابات الرئاسية سنة 1994، مضيفا أن تونس الديمقراطية تضمن لكل مواطن الحق في الترشح والحق في اختيار من يمثله.النشأة والطفولةولد المنصف المرزوقي في 7 يوليو 1945 في بلدة قرمبالية، التابعة لولاية نابل، وتنحدر عائلته من الجنوب التونسي، وتحديدا من قبيلة المرازيق من دوز في ولاية قبلي. والده هو محمد البدوي المرزوقي ووالدته عزيزة بنت كريم، وله أربعة أشقاء وسبعة أخوة غير أشقاء. نشأ في تونس والتحق منذ عام 1957 حتى 1961 بالمدرسة الصادقية بالعاصمة تونس. وفي سنة 1961 غادر تونس للالتحاق بوالده، الذي عمل وعاش في المغرب مدة 33 سنة وتزوج من امرأة مغربية ورزق بسبعة أبناء يعتبرون إخوة غير أشقاء للمنصف المرزوقي. درس منصف المرزوقي بطنجة حتى عام 1964، حصل خلالها على شهادة الباكالوريا (الثانوية العامة) قبل السفر إلى فرنسا ليدرس في جامعة ستراسبورغ في كلية العلوم الإنسانية.في عام 1970 شارك المرزوقي في مسابقة عالمية للشبان بمناسبة مئوية مهاتما غاندي لتقديم نص عن حياة الرجل وفكره، فازت مشاركة المنصف ليحل ضيفًا على الحكومة الهندية لمدة شهر وليتجول فيها من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب. في سنة 1975 سافر إلى الصين ضمن وفد لمعاينة تجربة الطب في خدمة الشعب هناك. عاد بعد ذلك المرزوقي إلى تونس عام 1979، وعمل أستاذًا مساعدًا في قسم الأعصاب في جامعة تونس. وشارك في تجربة الطب الشعبي الجماعي في تونس قبل وقف المشروع.العمل السياسيفي مارس من عام 1994، تم اعتقاله والزوج به في السجن لمدة 4 أشهر، ثم تم الإفراج عنه بعد تدخل رئيس جنوب أفريقيا آنذاك، نيلسون مانديلا، وبعد خروجه من السجن، قام مع مجموعة من رفاقه بتأسيس المجلس الوطني للحريات في 10 ديسمبر 1998 بمناسبة الذكرى السنوية للإعلان العالمي لحقوق الإنسان. وقد اختير أول رئيس للجنة العربية لحقوق الإنسان بين 1997 و2000.في عام 2001، أسس المرزوقي حزب المؤتمر من أجل الجمهورية، وطالب بإسقاط نظام بن علي بدلا عن السعي لإصلاحه، فصدر ضده حكم بالسجن لمدة عام، وبعدها غادر تونس إلى المنفى في ديسمبر 2001 ليعمل محاضرًا في جامعة باريس. حيث بقي هناك حتى عام 2006 حيث عاد إلى تونس دون إذن السلطة، ودعا إلى عصيان مدني لإسقاط نظام بن علي، ولكنه غادر في نفس السنة إلى فرنسا ومن هناك واصل نشاطه الحقوقي ومعارضته بالكتابة والمحاضرات والندوات والمداخلات التلفزيونية في تصريحات وبرامج حوارية.بقى المرزوقي في باريس لمدة 5 سنوات تقريبا، حيث عاد إلى تونس في 18 يناير 2011 بعد اندلاع الثورة التونسية ورحيل الرئيس زين العابدين بن علي عن البلاد. ثم شارك في انتخابات المجلس الوطني التأسيسي في 23 أكتوبر 2011 ممثلا عن حزب المؤتمر من أجل الجمهورية، حيث حاز على المركز الثاني ب 29 مقعدا بعد حركة النهضة التونسية.رئاسة الجمهوريةانتخب رئيسًا مؤقتًا لتونس في 12 ديسمبر 2011 بواسطة المجلس الوطني التأسيسي بعد حصوله على أغلبية 153 صوتًا مقابل ثلاثة أصوات معارضة وامتناع اثنين و44 بطاقة بيضاء يمثلون 202 عضو من إجمالي عدد الأعضاء البالغ 217. فبعد الإعلان عن نتائج انتخابات المجلس الوطني التأسيسي التونسي، فازت حركة النهضة التي تمثل التيار الإسلامي السياسي ب89 مقعدا من أصل 217 أي حوالي 42% من المقاعد، ودخلت في ائتلاف حاكم مع حزب المؤتمر من أجل الجمهورية وحزب التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات وهو ما أطلق عليه "الترويكا".ويبدو أن التحالف الذي تبلور في الترويكا بين حزب المنصف المرزوقي وحركة النهضة التي تمثل التيار الإسلامي في تونس، ربما يكون قد كشف عن الميول الحقيقية للمرزوقي، أو أقدم هو على اتخاذ مواقف خاصة انطلاقا من توازنات سياسية باتت تثير تساؤلات حول كيفية تعايش ذلك العلماني مع التيار الإسلامي وقياداته في الترويكا.مواقفه السياسيةخلال فترة رئاسته، تسبب المرزوقي في توتر مع الإمارات ومصر، ففي 26 سبتمبر 2013، وأثناء كلمته في الدورة 68 للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، وجه المرزوقي مطالبات لمصر تتعلق بجماعة الإخوان وكيفية التعامل مع ملف الفلسطينيين في قطاع غزة، وهو ما دفع مصر لاستدعاء سفيرها في تونس، احتجاجا على ما صرح به في منبر الأمم المتحدة ، وتبعتها في ذلك الإمارات التي استدعت بدورها سفيرها في تونس على خلفية تصريحات المرزوقي بشأن مصر. وتسبب القراران المصري والإماراتي في سيل من الانتقادات الداخلية من جانب القوى السياسية التونسية والخارجية التي لم تتوقف إلى اليوم.في عام 2012، كتب المنصف المرزوقي استقالته من الرئاسة، على خلفية أزمة البغدادي المحمودي، وتسليمه للسلطات الليبية، وهي القضية التي تم التنسيق لها بين الجانب الليبي وحركة النهضة التونسية، دون استشارة الرئيس، الأمر الذي اعتبره المرزوقي تجاوزا غير مقبول له، لكنه تراجع مرة أخرى عن قرار الاستقالة، فيما شن هجوما شديدا على حركة النهضة التونسية واصفا إياها بأن سياساتها لا تختلف كثيرا عن سياسات بن علي.
مشاركة :