قراءة ذاتية للواقع بكل مضامينه الوجودية والفلسفية والإنسانية

  • 8/10/2019
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

في كتابه «قراءة في أوراق مبعثرة»، الصادر مؤخرًا في طبعته الثانية، يعمد الكاتب مبارك سعدي العطوي، إلى قراءة الواقع بكل مضامينه الوجودية والفلسفية، قراءة ذاتية، عبر نصوص يعبر فيها عن رؤاه ومعالجاته وتحليلاته للحياة بكل أشكالها، أو هي نصوص كما يعبر عنها تعيد قراءة الأحداث والموضوعات، وتعيد ترتيبها بصورة تضيف لها بعدًا جديدًا متماشيًا مع اتساع المعارف، وفهم الواقع بشكل أكثر واقعية في سياق ملامسته عبر ما خبره في هذه الحياة!يتكئ العطوي في نصوصه، على التاريخ، بوصفه «مرجعًا وراصدًا لحركة وسكون الأمم والشعوب»، فهو كما يكتب «سجل الزمن الدائم الذي لا يخطئ»، والزمن بدوره «هو السطور التي تملأ ثنايا هذا التاريخ مهما كان شكله ونوعه»، وانطلاقًا من هذا المتكئ، يحاول العطوي معالجة القضايا الوجودية، والإنسانية، وفهم الواقع عبر منعكسات مرايا الذات، أي عبر ما يراه وفق منظومة المعارف والخبرات التي اكتسبها.في أولى مقالات الكتاب، (الإنسان بين فضاءاته)، يرى العطوي بأن الحياة «فضاء الإنسانية الصعب»، مضيفًا «إنها أكبر من أن نسميها مغامرة أو حتى حلم، إنها أكبر من ذلك بكثير لأنها صعبة الرؤية وصعبة التخيل أو التصور لكثرة أبعادها والفضاءات التي حولها وما تحمله معها من مدارات متغيرة تحمل أشياء صعبة التشكل والتصور أيضا تفوق كل القدرات والاحتمالات»، فهي كما يرى «بناء صعب التأسيس وليس كالذي يحلم به البسطاء».لكنه يعود ويؤكد في مقال آخر بأن مجالات الحياة، وما يضبط تناغمها -أي التاريخ- لا ينسيان «المميزين من أعوام الناس الذين كان إخلاصهم بأعمالهم عنوان لدخولهم هذا التاريخ»، مبينًا أن «الإنسان والتاريخ لا يزالان يعيشان في فواصل تسطر من بين أيامهم كل النجاحات الباهرة والمؤثرة في صناعة الأيام والأحداث»، تلك التي بالطبع تخلق واقعًا جميلاً لكن فيه شيء من التعقيد.هذا ما سيحاول تبيانه العطوي في محاولة الإجابة على سؤال «هل سيواجه العالم حياة معقدة أكثر من حايتنا؟»، إذ يكتب «العالم سوف يظل كما نشهده اليوم ولكنه قلق جدًا ومرتبك للطوارئ المفاجئة.. فالدول الفقيرة سوف تظل فقيرة والدول الغنية سيزداد غناها وترفها وضياعها أيضا تحت ظل وعطاء العولمة وما تصاحبها وما تحتاجه من أمور للهيمنة والسيطرة على مقدارات كل هذه العالم وهذه الدول النامية والفقيرة المتناثرة شرقًا وغربًا، وهي حقيقة ليست بخافية على الجميع كما أن الصراعات سوف تزداد بشكل متفاوت كل حسب مصالحه»، قد لا تتفق البيانات والإحصاءات مع كل ما يذهب إليه العطوي من نظرة قد يحس فيه بعض التشاؤمية، بيد أنه يصيب في جوانب من ما ذهب إليه، كما أنه يلفت إلى إشارة مهمة تتعلق بنا كأمة إذ يبين «سوف نظل هذه الأمة المستهلكة والمستوردة لهذا الاختلافات وحسب رؤيتنا إليها والتي تجاهد بكل قوة وضعف لملاحقة الصفوف المتقدمة وتسعى للمحافظة على مكانتها بين الدول النامية»، متابعًا «إن الاستعدادات والمساعي للدخول في هذه المرحلة بطيئة جدًا إن لم تكون معدومة في أغلب الحيان لمواجهة المتغيرات القادمة».كما يطرح العطوي في كتاباته القيم الإنسانية، التي يراها تأنو للضياع، والتراث وعلاقته بالإنسان، إلى جانب مواضيع كالوفاء، والبنوة، والأمل، والحب، والصبر، فيما يستشرف المستقبل في مقالات آخرى، تتعلق بالقرن الحالي، والمصير، وغيرها من الجوانب الإنسانية، التي يحاول العطوي عبر طرحه، معالجتها بما خبر من خبرات ذاتية في هذه الحياة.

مشاركة :