عقد مكتوب على الورق يجمع بين شريكين سيقضيان حياتهما معًا، يعد مستندًا رسميًا تعتد به الدولة لعقد قران طرفين، يتضمن في بنوده العديد من البيانات الأساسية كالاسم، تاريخ الميلاد، محل الاقامة، وبصمة وصورة شخصية، إلى جانب توقيع ولي الأمر، وشاهدين. هكذا جرى عرف الزواج في المجتمع المصري كنظيره من المجتمعات الشرقية، إلا أن هذا العقد بات قريبًا من أن يصبح ألكترونيا، بعد إطلاق الحكومة المصرية لتطبيق «المأذون الإلكتروني» من أجل ميكنة قسائم الزواج لإلغاء فكرة الدفتر التقليدي. وتأتي هذه الإجراءات ضمن توجه الدولة لميكنة قطاعتها المختلفة من أجل إطلاق الحكومة الإلكترونية قريبًا، إذ شهدت محافظة بورسعيد أول حالة زواج إلكتروني، وذلك من خلال التطبيق الذي دشنته وزارة الاتصالات، ووقع العروسان على قسيمة الزواج من خلال «التابلت» الذي صمم خصيصًا من أجل هذا الغرض، بالإضافة لالتقاط صور للعروسين من خلال الكاميرا المدمجة به، وسط حضور من ممثلي وزارة الاتصالات. وحول هذا يوضح المأذون الشرعي محمد الفقي، في تصريح لـ “المصري لايت” أن الفكرة المستحدثة تكمن أهميتها في توثيق عقود الزواج بشكل رسمي، بما يقضي على العديد من سلبيات قسائم الزواج الورقية، والتي تتمثل أبسطها في شكاوى المقدمين على الزواج من الحبر السائل الذي يستخدم لطبع بصمة على القسيمة والذي يعد واحدًا من شروطها، حيث تعد باطلة بدونه. ويعدد «الفقي» في حديثة فوائد الطريقة المستحدثة في عقد القران والتي من أهمها “القضاء تمامًا على زواج القاصرات، وذلك لرفض التطبيق توثيق قسائم القاصرات ما دون 18عاما، بالإضافة لقدرته على عرض إحصائيات سريعة في أي وقت عن عدد حالات الزواج وغيرها من الميزات الأخرى”. ونفى المأذون الشرعي ما تردد بأن الزواج الإلكتروني سيلغى عرف كتب الكتاب التقليدي، مشيرا إلى أنه سيحل محل القسيمة الورقية فقط، أما ركن الإيجاب والقبول في حضور الشهود يبقى كما هو من أجل ثبوت الإشهار بالزواج. وعلى الجانب الأخر، يقول المأذون الشرعي أحمد حسن ندا، أن فكرة المأذون الإلكتروني عبارة عن “تابلت” متصل بمحكمة الأسرة ومصلحة الأحوال المدنية التابعة لوزارة الداخلية، وذلك لتسهيل تسجيل القسائم فور توقيعها، إلا أنه يرى أن الفكرة تواجه العديد من الصعوبات لتطبيقها. واسترسل «ندا» الذي يعمل مأذونًا منذ أكثر من عشرين عامًا في حديثة لـ «المصري لايت» أن من بين الإشكاليات التي يطرحها نظام الزواج الإلكتروني «عدد الأجهزة التي سيتم منحها لمكتب المأذون الواحد وخصوصًا في حالة تصادف قدوم أكثر من زوجين على عقد قرانهم في نفس الوقت في أماكن مختلفة، وهو ما سيضطر المكتب لخسارة أحد عملائه من أجل الآخر». ويضيف: «كذلك مخاوف المأذونين من تعطل التطبيق خلال عقد القران بسبب إحدى المشاكل التقنية، أو انقطاع الاتصال بالإنترنت، أو نفاذ بطاريته بشكل مفاجئ وهو ما سيؤدي لتعطل عقد القران أو إلغائه». «الدفتر اليدوي لا غنى عنه» ذلك ما يراه «ندا»، ويرجع سبب تفضيله لقسيمة الزواج الكتابية لسهولة تعديل البيانات في حالة عدم صحتها بالمقارنة بالإجراءات المعقدة لتعديل البيانات في التطبيق الإلكتروني، قائلا: «المأذون بشر وقد يغفل أحيانًا كتابة بعض البيانات بشكل صحيح بينما من الممكن تعديلها في القسيمة الورقية بكل سهولة، على عكس تطبيق المأذون الإلكتروني». ويأمل «ندا» أن يتم إتاحة دورات تدريبية من أجل تعريف المأذون بكيفية التعامل مع التطبيق وذلك لعدم قدرة الكثير منهم على التعامل مع التكنولوجيا بشكل عام وخصوصًا كبار السن «ورش العمل هي أمل المأذون من أجل أن يواكب مستجدات المهنة، وإلا سنجد نصفهم خارج الخدمة في حالة الفشل في مواكبة هذا التطور». ويختتم «ندا» حديثه لـ «المصري لايت» بتوقعة زيادة رسوم عقد القران بعد ميكنته لما تتطلبه التكنولوجيا من رسوم، مشيرًا إلى أن «في الوقت الحالي تحصل الدولة على نسبة 2% من مؤخر الصداق بين العروسين ويحصل المأذون على ثمن القسائم وطابع البريد ورسوم تسجيل القسيمة في الشهر العقاري، بالإضافة لأتعابه وهو ما يكلف المقبلين على الزواج في الفترة الحالية ما يقرب من 2500 جنية»، على حد قوله.
مشاركة :