كان أيهم كيلاني طفلا خجولا للغاية، وبعد أن عاش في خضم الأزمة السورية وتجرع مرارتها فر إلى مخيم الزعتري للاجئين في الأردن. أثر كل ذلك على شخصيته، فأصبح أشد تحفظا وأكثر هدوءا. ولكن منذ أن تعرف على الموسيقى وشرع في العزف والاستمتاع بالإيقاعات والألحان، يقول الأصدقاء وأفراد العائلة إن الطفل، الذي يبلغ من العمر 11 عاما، أصبح فتى أكثر ثقة بالنفس وتفاعلا في محيطة الاجتماعي. وأيهم واحد من مئات اللاجئين السوريين الذين يشاركون في برنامج “موسيقتي”، وهو مشروع تقوده منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) يهدف إلى استخدام الموسيقى لمساعدة الأطفال بمخيم الزعتري على مواجهة الصدمات، وتعزيز مهاراتهم الاجتماعية. وقال “أنا أحب العزف كثيرا، وتعرفت على أصدقاء جدد والأساتذة يعلموننا كيف نعزف. أول شيء أنا لم أكن أعرف العزف، في المنزل كنت أعزف على أوان، أصبحت الآن أعزف وزادت ثقتي بنفسي”. وانطلق البرنامج في أوائل عام 2018، في مخيمي الزعتري والأزرق للاجئين.ويحصل متطوعون من داخل المخيمين على التدريب والمساعدة في إدارة الجلسات، التي تُعقد في مراكز “مكاني”. واشترك في المبادرة أكثر من 1700 طفل تتراوح أعمارهم بين 6 و15 عاما.وقال غيث جلابنة منسق برنامج مكاني في مخيم الزعتري “الهدف من البرنامج هو استخدام الموسيقى للدعم النفسي الاجتماعي للأطفال داخل المخيم وبالأخص داخل مراكز مكاني”. وأضاف “لاحظنا أن الكثير من الأطفال تحسنت شخصياتهم، وفي ردود أفعالهم حتى داخل المركز، كما أنهم أنشأوا صداقات كثيرة، وحتى معاملاتهم في البيت مع الأهل تحسنت، ومع المجتمع خارج مراكز مكاني لاحظنا تغيّرا إيجابيا جدا”. وتحول مخيم الزعتري، الذي كان يوما ما صحراء خالية، إلى مدينة فقيرة صاخبة تكتظ بحوالي 80 ألف سوري فروا من الصراع المستمر منذ ثماني سنوات في بلادهم. ويمثل الأطفال والمراهقون نسبة تربو على النصف من إجمالي الموجودين بالمخيم، عانى الكثير منهم من ظروف الحرب المؤلمة. بالنسبة للكثير من هؤلاء الأطفال، يمثل قضاء بضع ساعات في الأسبوع في العزف على الناي (الفلوت)، أو القرع على الطبلة أو غير ذلك من الآلات الموسيقية استراحة ومتنفسا، هم في أمس الحاجة إليه للنسيان وتجاهل التجارب المؤلمة. ويتعلم الأطفال أيضا مهارات أخرى شديدة الأهمية مثل التدريب على صنع القرار والتواصل من خلال تمارين موسيقية مختلفة.
مشاركة :