أعلنت وزارة البترول والثروة المعدنية المصرية عن خطة لتعظيم القيمة المضافة من تقديم الخدمات اللوجستية للسفن العابرة لسواحلها. وقررت القاهرة زيادة أسطول السفن بنحو خمس بوارج جديدة لتموين البواخر بالوقود وتقديم جميع الخدمات اللوجستية لها. وقال طارق الملا وزير البترول في تصريح لـ”العرب” إن “الخطوة تتواكب مع استراتيجية الدولة للتحول إلى مركز إقليمي للطاقة في منطقة شرق البحر المتوسط”. وأشار إلى أن الحكومة تسعى لتعظيم القيمة المضافة في قطاع الخدمات البترولية، والاستفادة من هذا المورد الاقتصادي الهام، الذي توازى مع تطوير نظم السلامة للخدمات اللوجستية، بما ينسجم مع المعايير المحلية المتوافقة مع النظم البريطانية.ووصلت إلى شواطئ مدينة بورسعيد الثلاثاء الماضي البارجة “مصر1” والتي تعمل بنظام التموين المزدوج بطاقة تموين وقود للسفن بنحو 1750 طنا. وأكد حسين فتحي رئيس شركة مصر للبترول التابعة لوزارة البترول والتي تمتلك بوارج التموين، أن البوارج الأخرى ستصل مصر تباعا خلال العام الحالي والمقبل، وهي ذات منشأ أوروبي. وأضاف لـ”العرب” أن “طاقات تموين السفن المصرية الحالية تعمل بالنظام الفردي في التموين، وهو لا يتناسب مع طبيعة السفن العملاقة، الأمر الذي دفعنا لتجديد الأسطول، حتى نستطيع دخول سباق تموين السفن في منطقة البحر المتوسط”. ولم يتم تجديد أسطول سفن تموين الوقود المصرية منذ 1967 وظل يعمل بنظم بدائية على مدى 43 عاما ولم تتجاوز طاقته حاجز 35 ألف طن وقود سنويا. وكانت معادلة بيع الوقود المصري للسفن العابرة تحد من توسع القاهرة في هذا النشاط، وتضاف إليها التكاليف العالية للسفن البالية، الأمر الذي ضاعف الأسعار ودفع السفن لتقصد منطقة جبل علي في دولة الإمارات للتموين بالوقود. وزادت طاقات تموين السفن المصرية بعد تعديل المعادلة السعرية منذ عام لتتضاعف أربع مرات إلى 187 ألف طن وقود في نهاية يونيو الماضي، ما يعزز من تنافسية مصر في هذا المجال، وشجع وزارة البترول على تجديد أسطول تموين السفن. وتراهن القاهرة على مشروع تنمية محور قناة السويس والذي يفتح آفاقا استثمارية جديدة لاقتصادها من خلال توطين صناعات متنوعة بهدف إعادة التصدير، ومن ضمن هذه المشروعات بناء السفن والسيارات. وتفتح عمليات إعادة التصدير نشاطا كبيرا في حركة الملاحة وبالتالي زيادة مرتقبة في الطلب على الخدمات اللوجستية للسفن سواء التموين بالوقود وعمليات الصيانة الدورية أو الطعام، إلى جانب فتح أفق سياحي لطواقم هذه السفن خلال فترات الصيانة. وتكتفي قناة السويس حتى الآن بتحصيل رسوم العبور لحين بدء تشغيل المشاريع في المحور والتي سوف تقدم خدمات لوجستية ملموسة للسفن. وأعلنت هيئة قناة السويس عن إجمالي إيرادات القناة خلال العام المالي الماضي بنحو 6.3 مليار دولار، وهي الأعلى في تاريخها. ويعد هذا المستوى ضعيفا جدا، مقارنة بتجربة سنغافورة والتي ترتفع بنحو عشر مرات قياسا بإيرادات قناة السويس رغم حفر فرع جديد في هذه القناة، تكلف حوالي 8 مليارات دولار. ووصل عدد السفن التي عبرت القناة خلال العام الماضي إلى 70 ألفا و679 سفينة بحمولات بلغت 4.268 مليار طن، كما حققت أكبر رقم قياسي في تاريخها بعبور 81 سفينة في يوم واحد بحمولات 6.1 مليون طن.وقامت شركة رشيد للبترول المصرية بإطلاق مجلد السلامة للخدمات اللوجستية لتعزيز العمل في هذا المجال، ويضمن تحديد الحد الأدنى من المعايير والممارسات الدولية الواجب اتباعها في اختيار المعدات والتشغيل البحري. ويحوي أيضا تطوير إجراءات التشغيل القياسية للأنشطة عالية المخاطر لإدارة المخاطر لأدنى مستوى ممكن عمليا وتعريف وتحديد مخاطر الحوادث الكبرى المصاحبة للعمليات اللوجستية، ونظم إدارة هذه المخاطر للوصول بها إلى أدنى مستوى ممكن لضمان سلامة الأفراد، ومعايير الأداء المناسبة لـعناصر السلامة الهامة والمتعلقة بالتشغيل اللوجستي. وقال عادل اللمعي رئيس لجنة النقل بجمعية رجال الأعمال المصريين لـ”العرب” إن “عدم تطوير منظومة الخدمات اللوجستية الخاصة بالملاحة البحرية في مصر أضاع عليها فرصا استثمارية كبيرة خلال العقود الماضية”. وأوضح أن هذه الخطوة بداية جديدة، لكن الدولة في حاجة إلى بوارج ضخمة لجذب السفن العملاقة للتموين والصيانة، تزامنا مع مرور سفن عملاقة بقناة السويس، والتي تتطلب كميات ضخمة من الوقود. وعبرت سفينة “طيف البحار” القادمة من اليونان مجرى قناة السويس في أبريل الماضي، وتعد أكبر سفينة ركاب في العالم، وكانت تجري أول رحلة بحرية لها وسددت رسوم عبور وصلت لنحو مليون دولار. ويبلغ طول السفينة 347.1 متر، وعرضها 41.4 متر، وحمولتها الكلية 170 ألف طن، رافعة علم جزر البهاما، وتحمل على متنها نحو 3700 راكب، وطاقما قوامه 1700 فرد. وعبرت القناة أيضا السفينة “ميغا ميكس 24” وهي من أكبر سفن الحاويات في العالم بطاقة 23 ألف حاوية. وستبدأ القاهرة استقبال الغاز الإسرائيلي في سبتمبر المقبل حيث تتم إسالته في محطة إدكو بمدينة دمياط على ساحل البحر المتوسط ومعالجته لإعادة تصديره إلى مقاصد عالمية أخرى، الأمر الذي يعزز من زيادة حركة السفن في البحر المتوسط ويفتح فرصا استثمارية للقاهرة في مجال الخدمات اللوجستية. وتنتظر مصر أيضا وصول الغاز القبرصي مع حلول 2024، بحسب تصريحات سابقة لوزير الطاقة القبرصي يورغوس لاكتوبريس لـ”العرب”، على هامش مشاركته في اجتماعات منتدى غاز شرق المتوسط بالقاهرة مؤخرا. ويحتاج ذلك استعداد القاهرة لمواكبة ديناميكية الحركة التجارية في مجال الغاز بما يزيد من خدمات القيمة المضافة في الأنشطة اللوجستية للسفن العابرة.
مشاركة :