في مقابلة أجرتها معه الأناضول، خلال تواجده بالعاصمة التركية أنقرة على هامش مشاركته في مؤتمر السفراء الحادي عشر، في الفترة ما بين 3 – 9 أغسطس/ آب الجاري. وأشار "نذير أوغلو" إلى عدم وجود حكومة في السودان طوال الأشهر الـ 4 الأخيرة، مؤكداً على أهمية توصل الأطراف فيها إلى توافق بينهم، معرباً عن دعم أنقرة لهذا التوافق. وأفاد أن هناك تحركاً وتوتراً يسودان الشارع السوداني، مبيناً أن التوصل لاتفاق مؤخرا في البلاد خطوة هامة لإنهاء هذه الحالة. وأعرب عن أمله بأن يتم تشكيل الحكومة في السودان نهاية أغسطس الجاري، مضيفاً: "سيفتح السودان صفحة جديدة، ونأمل أن يكون كل شيء فيه بعد الآن، أفضل مما سبق." ورأى السفير التركي أن الانتقادات التي تطال بلاده بدعوى أنها "تلتزم الصمت إزاء ما يجري في السودان"، ليست في محلها. وتابع قائلاً: "لدينا تواصل مع جميع الأطراف في السودان بشكل مباشر أو غير مباشر. لم نلتزم الصمت إزاء ما يجري، ولكننا في الوقت نفسه لم نتدخل في المستجدات. وعدم التدخل.لا يعني التزام بالصمت". وأردف: "بعض الدول تدخلت بشكل مباشر في أحداث السودان، وعملت على توجيه دفة الأحداث. وهذا ما لا نراه صائباً. إذ أن الشعب السوداني رفض هذا الأمر. وهو من سيقرر مصير بلاده." وأشار إلى أنه رغم استقلال السودان عام 1956، إلا أنه يحتضن واحدا من أقدم الأهرامات حول العالم، إلى جانب احتضانه العديد من الحضارات القديمة على مر التاريخ. وأردف قائلاً: "وبالتالي فإن أشقاءنا السودانيين هم من يقررون كيفية حكم بلادهم، وليس لنا سوى احترام قرارهم هذا". وأوضح أنه ليس من الصواب أن تقف تركيا مع طرف معين من الأطراف السودانية وتدعمه على حساب آخر، مضيفاً: "نحن ندعم الشعب السوداني." ولفت إلى الحب والمودة التي تحظى بها تركيا ورئيسها رجب طيب أردوغان، من قبل الشعب السوداني. وأعرب "نذير أوغلو" عن رغبة بلاده في تحقيق السودان استقراره السياسي والاقتصادي، مؤكداً سعيهم لتحقيق هذا الهدف. وفيما يخص مشاركة بعض السفراء الأجانب لدى الخرطوم في الاحتجاجات التي شهدتها البلاد، قال "نذير أوغلو" إن "هذا الأمر غير لائق. تُرى كيف يكون موقف هؤلاء عندما يشارك سفراء أجانب في احتجاجات قائمة ببلدانهم؟ لذا أرى أنه ليس من الصواب القيام بتصرفات لا نرضى أن تحصل في بلداننا." وأكد على استمرار اتصالاتهم مع مختلف فئات المجتمع السوداني، من مدنيين، وعسكريين، وصحفيين، وأكاديميين، وموظفين، معرباً عن سعادتهم إزاء التوصل إلى اتفاق في السودان. في المقابل، رأى "نذير أوغلو" أن هناك نوعاً من انعدام الثقة بين الأطراف السودانية، ويبدو كأن بعض الأطراف تقوم بمساومات أكثر مما تقوم بإجراء مفاوضات. وأضاف أنه يجب التفريق بين الأمرين، ففي المساومات تعمل الأطراف على تحقيق أكبر قدر ممكن من المكاسب، فيما تسعى الأطراف للتوصل إلى اتفاق في المفاوضات من أجل مستقبل البلاد، وتقدم التضحيات عند الضرورة. وأفاد أن هناك نوعاً من الهشاشة في السودان، بسبب حالة انعدام الثقة هذه، وأن المشهد الكامل سيتضح عقب تشكيل الحكومة. واستطرد: "سيشهد السودان تأسيس حكومة تكنوقراط تركّز على السلام الداخلي والأزمات الاقتصادية. كما أن هناك مجموعات مسلحة في البلاد. نأمل أن يتم قطع شوط جيد في المجال الاقتصادي والسلام الداخلي اللذان يعدان من أولويات البلاد حالياً. ليصل أشقاؤنا في السودان، في أقرب وقت إلى مستوى الرخاء الذي يستحقونه." وأوضح "نذير أوغلو" أن العلاقات بين أنقرة والخرطوم، اكتسبت زخماً كبيراً عقب زيارة الرئيس التركي إلى السودان نهاية عام 2017. وأكد على أن العلاقات التركية السودانية ليست حديثة العهد، بل تاريخية ومتجذرة تعود إلى مئات الأعوام، مبيناً أن كلا الشعبين يدرك هذه الحقيقة. وتابع: "بإمكانكم رؤية الكثير من الأشخاص ذوي الأصول التركية في السودان. إذ أننا عشنا سوياً لسنوات طويلة، ولدى الشعبين أبطال مشتركين، أبرزهم السلطان علي دينار في منطقة دارفور، والذي قاتل إلى جانب الدولة العثمانية خلال الحرب العالمية الثانية." وتطرّق "نذير أوغلو" إلى وجود روابط ثقافية بين تركيا والسودان، وأن العلاقة بينهما ليست دورية، بل متجذّرة. وشدد على أن زيارة الرئيس أردوغان الأخيرة إلى السودان، ساهمت في ظهور حالة من الوعي ولفت الانتباه للسودان في تركيا، مفنّداً صحة المزاعم التي انتشرت مؤخراً حول حدوث تباعد بين السودان وتركيا مؤخراً. وتابع: "لا أعتقد بأن السودان سيبتعد عن تركيا. بل على العكس، سنزداد تقارباً، وأنا على ثقة أن علاقاتنا ستقوم على أسس أكثر صلابة." وأردف: "موقفنا في السودان مختلف. إذ أن تركيا ليس لديها حسابات خاصة هناك. كما أنها لا تتنافس من اجلها مع أي بلد آخر". وفي سياق آخر، قال "نذير أوغلو" إن هناك العديد من الفعاليات الإنسانية والإغاثية لمنظمات تركية على الأراضي السودانية. وأشار إلى احتضان السودان في مدينة نيالا واحدا من أحدث المشافي، افتتحته تركيا في وقت سابق، حيث يستقبل المرضى السودانيين وآخرين قادمين من بلدان مجاورة مثل تشاد. وأضاف أن الأطباء الأتراك في السودان لا يتقيّدون بساعات وأيام دوامهم الرسمي، بل يواصلون العمل نهاية الأسبوع عبر الذهاب إلى القرى لمعاينة المرضى هناك. وفيما يخص أنشطة المؤسسات الإغاثية التركية، قال السفير التركي بالخرطوم إنها تمارس أنشطة عديدة ومختلفة في السودان، مثل تعليم الطلاب، وإقامة موائد الطعام للأيتام وإنشاء دور لهم. وأوضح أن الطلاب السودانيين من أكثر الطلاب الأجانب حصولاً على المنح التركية، فضلاً عن تقديم هيئة التعليم العالي في تركيا، منحاً للأكاديميين السودانيين. وأشار إلى أن إجمالي المنح التعليمية التركية المقدمة للسودانيين، بما فيها المنح الرسمية وتلك المقدمة من قبل منظمات المجتمع المدني التركية، يصل إلى 200 شخص سنوياً. وأكد على أنهم سيناقشون المشاريع التركية حول السودان، مع الحكومة الجديدة فور تشكيلها، مضيفاً: "لا أعتقد بإمكانية حدوث أمر ضد تركيا لاحقاً، إذ أننا نقف إلى جانب الاستقرار سواء في السودان أو في إفريقيا بشكل عام." وفيما يخص جزيرة سواكن على ساحل البحر الأحمر، نفى "نذير أوغلو" ادعاءات إلغاء الاتفاقية الموقعة في هذا الخصوص بين أنقرة والخرطوم. كما نفى السفير التركي امتلاك بلاده قاعدة عسكرية لها في الجزيرة السودانية. وشدد على أن الأنشطة التركية في سواكن تشمل ترميم وإصلاح بعض المباني التاريخية التي تحمل أهمية خاصة بالنسبة لتركيا، نظراً لكون الجزيرة كانت أحد المراكز الإدارية الهامة للدولة العثمانية في إفريقيا. ولفت "نذير أوغلو" إلى اعتزام بلاده بحث وضع سواكن، مع الحكومة الجديدة في السودان. وأكد على سعيهم من أجل جعل سواكن نقطة جذب سياحي بالنسبة للسودان، تدر الدخل عليه، مشيراً إلى عدم تلقيهم أية رسالة سلبية تجاه تركيا خلال المستجدات الأخيرة التي شهدها السودان. وعلى صعيد الاستثمارات والأنشطة الاقتصادية التركية في السودان، قال "نذير أوغلو" إن الأخير يستضيف قرابة 4 آلاف مواطن تركي على أراضيه. ونفى وجود أي اعتداء استهدف المنشآت التركية بشكل مباشر، خلال الأحداث الأخيرة في البلاد، معللاً هذا الأمر بالصداقة القائمة بين شعبي البلدين. ودعا السفير التركي رجال أعمال بلاده لمزيد من الاستثمار والتجارة في السودان في مجالات التعدين، والطاقة، والزراعة والثروة الحيوانية، معرباً عن استعدادهم لخدمة مستثمري بلاده القادمين إلى السودان، وتقديم كافة أشكال الدعم لهم بالتعاون مع الملحق التجاري وجمعية رجال الأعمال الأتراك والسودانيين. وتطرق إلى وجود أعداد كبيرة من الطلاب السودانيين ممن يتلقون تعليمهم في دول أخرى، مشيراً إلى أن الجامعات التركية بين الخيارات الجذّابة بالنسبة لهم. وفي الوقت الذي أشار فيه "نذير أوغلو" إلى زيارة أعداد كبيرة من السودانيين لتركيا، دعا الوكالات السياحية في بلاده إلى إبداء المزيد من الاهتمام بالسودان. وفيما يخص مكافحة منظمة "غولن" الإرهابية، قال "نذير أوغلو" إن الخرطوم تقف إلى جانب أنقرة في هذا الخصوص. واختتم حديثه بالإشارة إلى سعي مؤسسات تركية مثل وقف المعارف، ومعهد يونس إمره والوكالة التركية للتعاون والتنسيق "تيكا"، لتطوير علاقاتها مع مختلف المؤسسات السودانية. الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
مشاركة :