نورهان البطريق تكتب: لا تكن متأخرًا.. فارحل‎

  • 8/17/2019
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

كان غائبا عن تفاصيل يومي، لا يظهر إلا في آخره ليسأل عن مجمله فحسب، فإذا أخبرته أنه كان على ما يرام ،يقول باقتضاب "حسنا " .أما إذا حاولت أن أسترسل في أمر كان يعكر صفو يومي ،فلا أجد منه سوى عدم الاكتراث محاولا أن يتخطاه منعطفًا إلى موضوعات أخري، وكأن كلماتي لم تمر على أذنه.كان لا يلتفت لي كثيرًا أثناء حديثي معه ، ففي أغلب الأوقات كان يعطيني انطباعا  أن كل ما أقوله تافها  لا يستحق الرد عليه ،صحيح أنه نجح في أن يخبئها بين طيات حروفه ،إلا أن تعابير وجهه لم تستطع أن تكتمها و أفصحت عنها في كثير من المواقف حتى تيقنت من إهماله المتعمد لي أثناء وجودي.كان متأخرا في ردة فعله، كان يمر بين عثراتي مرور العابرين، كان حضوره باهتا ، لا يهدف به سوى التعقيب على الأحداث وإصدار الأوامر.كان ينظر إلى حياتي من الخارج على أنها تحتاج إلى بعض الإصلاحات والتعديلات، دون أن يحاول أن يبذل جهدا في أن يلقي إليها نظرة بالداخل . كان يطالبني بالثبات ،دون أن يعلمني كيف يمكنني أن أتجاوز، كان يسألني التخلص من الخوف ،ولكنه لا يدري أنه مصدره، كان ينتقد ثم يتركني وحدي لأتولي مهمة الإصلاح، ولا يدري أن استقامتي لن تحدث إلا عندما يشاركني أخطائي وحماقاتي ،كان يردد على مسامعي أن الفوضى إحدي عيوبي، و لا يدري أنه منبعها لافتقادي بالأمان معه ، كان يطفو من حولي،ولكنه ولا مرة حاول أن يغوص في أعماقي ليعرفني عن ظهر قلب.كانت علاقة يكثر فيها الغياب، ويتفاقم فيها اللوم و العتاب، ويشتد فيها الخصام ، لذا كان سهلا علىّ أن ألوح له بالرحيل.

مشاركة :