إذا كان التدريب فى زمن السلم يوفر الدم فى زمن الحرب، فإن التدريب باستخدام المحاكيات المتطورة يوفر الدم والمال فى السلم و الحرب معا، و برغم أهمية التدريب المستمر لجيوش العالم المتطورة فإن بلدان العالم ذات الجيوش الكبيرة تستهلك معداتها القتالية فى أغراض التدريب فى أوقات السلم بما يفوق أحيانا استهلاكها لتلك المعدات فى أوقات الحروب.وتسهم محاكيات التدريب الافتراضية بصورة كبيرة فى خفض تكاليف التدريب القتالي للجيوش فى العالم اتباعا للأساليب التقليدية، فاعتمادا على المحاكيات التدريبية ينعدم استهلاك الذخائر التدريبية – باستثناء أغراض التدريب بالذخيرة الحية – إلى الصفر ، كذلك تخفض نظم المحاكيات من معدلات صيانة وإهلاك المعدات الحقيقية فى عمليات التدريب كالمدرعات و المدفعية والمقاتلات والقطع البحرية إلى الصفر..فضلا عن توفير ما تستهلكه من طاقة ووقت لأغراض تحريك المعدات الحقيقية أو نقل المتدربين إلى ساحات التدريب عليها. ولكل تلك الأسباب يتوقع تقرير صادر عن مؤسسة (فروست اند سوليفان) الأمريكية نمو حجم السوق العالمى لمعدات التدريب والمحاكاة العسكرية بأكثر من 10 مليارات دولار أمريكى بحلول العام 2027.ويشير التقرير إلى أن حجم السوق العالمى الحالى لنظم التدريب والمحاكيات هو 28ر9 مليار دولار أمريكى وهو السوق الذى سيصبح 65ر19 مليار دولار أمريكى بحلول العام 2027، واستند في تقديراته إلى نمو سوق مقاتلات الجيل الخامس كمقاتلات / اف – 35 / الأمريكية والتى تعتمد فى التدريب عليها على نظم المحاكيات المتطورة بصورة فردية أو جماعية حتى فى أغراض التدريب على أعمال الصيانة والمعاملة الفنية لتلك المقاتلات. ولفت اليكسندر كلارك محرر التقرير إلى أن مستحدثات التكنولوجيا المتقدمة وتراجع كلفتها الإنتاجية فى البلدان المنتجة للتكنولوجيا سيخفض من كلفة فاتورة استخدام جيوش تلك الدول للمحاكيات ونظم التدريب الإلكترونية، وشدد التقرير على أن هذا التقدير ينطبق أول ما ينطبق على الولايات المتحدة الامريكية التى تعد أكبر منتج للمحاكيات التدريبية فى العالم وأكبر مستهلك لها أيضا. وبصورة عامة، شدد التقرير على أهمية نظم المحاكيات التدريبية فى رفع الكفاءة والاستعداد القتالى للجيوش الحديثة بما تتيحه من فرصة للتدريب المتكرر عليها للمقاتلين وهو ما يغرى جيوش العالم على شرائها والاعتماد عليها بمعدلات كبيرة فى التدريب ويعزز فرص نمو أسواقها على النحو الذى يتوقعه التقرير . وكشف التقرير كذلك عن أن تنامى الاعتماد على محاكيات التدريب عالية التقنية ذات الواقع الافتراضى المطابق للواقع الحقيقى قد أسهم فى بناء عقائد تدريبية أكثر تطورا فى كثير من جيوش العالم تزاوج بين تدريبات الواقع الحقيقى والواقع الافتراضى الأقرب إلى مناخ المعارك الحقيقية ويخلق مناخا تدريبيا جديدا لم يشهده العالم من قبل بفضل تطبيقات الذكاء الاصطناعى الحديثة التى أتاحت فرصة أكبر لعمل التدريبات الافتراضية على نظم المحاكيات المتطورة بين جيوش أكثر من بلد فى وقت واحد وتدريب القوات المشتركة بصورة أكثر فاعلية وتناغم. وأشار التقرير إلى أهمية ما يحققه نمو سوق محاكيات التدريب دوليا من فتح آفاق أكبر للابتكارات والاختراعات ذات المجال التطبيقى فى برامج الحاسبات والجرافيك الثلاثى الأبعاد ووسائط العرض المختلفة والاتصالات وجميعها ترتد فى صورة تطوير أفضل لتطبيقات ذات طابع مدنى وتجارى فى مجتمعات العالم.
مشاركة :