إن القائد المميز هو الذي تجتمع فيه عدة ميزات وليس ميزة واحدة، مثل المصداقية، والذكاء، ومهارات الاتصال، والإلهام، والشجاعة، ولن ينجح أي قائد في أي مجال من دون توفر صفات القيادة ومن أبرزها: امتلاك رؤية، وقوة الشخصية، والقدرة على التأثير في الآخرين واتخاذ القرارات.. هل نجاح أساليب قيادية من الماضي يمكن أن تنجح من جديد مع تغير الظروف؟، ما النماذج السبعة للقادة؟، هل يمكن أن تتحول قدرات القائد إلى عوائق خفية تحول دون تقدمه؟، تجيب على هذه الأسئلة المستشارة والمدربة الإدارية لولي داسكال من خلال كتاب بعنوان (فجوة القيادة / ترجمة حسام تنيرة، وساجد العبدلي / الدار العربية للعلوم 2018) شيء جيد أن تصدر المؤلفات الإدارية مرتكزة على تجربة وخبرة مؤلفيها، الكتاب الذي نستعرضه اليوم عملت مؤلفته في مجال الاستشارات والتدريب الشخصي لرؤساء تنفيذيين بارزين حول العالم، الكتاب حصيلة هذه التجربة. في هذا الكتاب تقترح المؤلفة نظاماً يساعد القادة على تطوير نتائج جهودهم والاستعانة بعلم النفس والفلسفة. تقول المؤلفة: إن كتابها مقدم لأولئك الذين يتطلعون إلى تحقيق نجاح طويل الأمد، وما زال أمامهم الكثير ليتعلموه. هذا الكتاب حسب المؤلفة يساعد القادة بالتعرف على دوافعهم وفهم أن ما يساعدهم الآن قد يتسبب بفشلهم لاحقاً. السبب في هذا الفشل في رأي المؤلفة لا يرجع إلى افتقارهم للمهارات أو قلة الفرص، بل إلى أنهم لا يغيرون من أساليبهم القديمة حتى لو لم تعد مجدية، الحل هو في قدرة القياديين على اكتشاف نقاط ضعفهم واكتشاف فجوة القيادة لديهم، تقول المؤلفة إنها استطاعت بعد سنوات من الملاحظة الدقيقة أن تحدد فجوة القيادة التي تفرق القادة الأفضل عن البقية، فالقادة العظماء لديهم القابلية لإعادة التفكير والتعلم والتغيير والتطور. دور المؤلفة الاستشاري، ومفهوم فجوة القيادة يتضحان بتعبيرها فتقول: يشترك جميع القادة الموهوبين في أنهم جيدون فيما يفعلونه، وأنهم جميعاً يريدون أن يكونوا عظماء، أما وظيفتي فهي مساعدتهم في إدراك ما يحول بينهم وبين عظمتهم، وهذا ما أسميه فجوة القيادة. تجربة المؤلفة الطويلة في تقديم المشورة لأبرز المديرين التنفيذين في العالم أوصلتها إلى تطوير أسلوب تدريب عقلاني، وفلسفة ذات معنى، ومنهجية قابلة للتنفيذ حسب تعبيرها. ما هذه المنهجية؟ تقول المؤلفة إن منهجيتها تستند بشكل جوهري على النماذج السبعة التي رأتها على أرض الواقع وهي: الثائر أو المتمرد، والمستكشف، وقائل الحقيقة، والبطل، والمخترع، والملاح، والفارس، وتعطي المؤلفة في نهاية كل فصل أمثلة من الواقع لكل نموذج، فنموذج قائل الحقيقة مثلاً ينطبق في نظرها على رونالد ريغان، وتشرشل. هذه النماذج تذكرنا بالأنماط القيادية المعروفة التي تتردد في أدبيات الإدارة مثل المستبد، والديموقراطي، والإنساني.. إلخ. وهي في نظرنا قولبة تكبل القائد وتجعله تحت سيطرة أسلوب واحد. ربما يكون الأقرب للواقع القول إن القائد المميز هو الذي يملك الموهبة التي تمكنه من التكيف للظروف المتغيرة، ولديه القدرة على اختيار الأسلوب المناسب لكل ظرف، كما أن القائد المميز هو الذي تجتمع فيه عدة ميزات وليس ميزة واحدة مثل المصداقية، والذكاء، ومهارات الاتصال، والإلهام، والشجاعة، ولن ينجح أي قائد في أي مجال من دون توفر صفات القيادة ومن أبرزها: امتلاك رؤية، وقوة الشخصية، والقدرة على التأثير في الآخرين واتخاذ القرارات. حين ينجح بامتياز قائد يمتلك تلك الصفات، هل يمكن أن تقف في طريقه عقبات لا يستطيع تجاوزها؟ نقول كما تقول المؤلفة (نعم)، سينتهي النجاح بالفشل إذا كانت حالته كحالة عضو مجلس الإدارة ريتشارد الذي أوردت المؤلفة قصته في مقدمة الكتاب كنموذج لمن يملك موهبة فذه في القيادة حقق من خلالها نجاحات هائلة، لكن فجوة القيادة قادته للفشل حتى تم إبعاده من مجلس الإدارة، وتلخص المؤلفة الموقف بعبارة دقيقة: كان مجلس الإدارة بأمس الحاجة لخبرته ولكنهم في الوقت نفسه كانوا في غنى عن شخصيته، رفض ريتشارد الاعتراف بأن أسلوبه في القيادة لم يعد فعالاً، مما جعله غير مهتم بالاستماع للآخرين والتعلم منهم، لم يكن فشل ريتشارد - حسب المؤلفة - بسبب افتقاره للمهارة أو الفرصة أو الخبرة، بل كان بسبب غطرسته، لم يسأل نفسه: ما الفجوة بين ما أنا عليه الآن وما أريد أن أكونه؟، وهل أعرف الأشياء التي مازلت بحاجة إلى تعلمها؟. تلك أسئلة المؤلفة، وأنا أقول: ما أكثر الذين لم يسألوا هذه الأسئلة.
مشاركة :